في ذكرى الهولوكوست، الأمم المتحدة تدعو إلى التصدي لتزايد الكراهية والتعصب الديني
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – نظمت الأمم المتحدة فعالية تذكارية تكريماً للضحايا البالغ عددهم 4.8 مليون شخص تقريبا، بمناسبة اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا محرقة اليهود (الهولوكوست).
وشهدت الفعالية حضور العديد من الناجين من المحرقة من بينهم جاك غريشافير المولود في أمستردام في هولندا سنة 1942، وقد نجا من المحرقة بعد أن خبأته امرأة غير يهودية عندما كان عمره سنة واحدة.
ومنذ عام 1989، ظل غريشافير يرأس لجنة أوشفيتز الهولندية التي أنشأها عدد من الناجين عام 1956.
وخلال حديثه في الفعالية، قال إن معظم أفراد عائلته قتلوا في معسكر أوشفيتز، مشيرا إلى أنه ومنذ تسلمه رئاسة اللجنة قطع عهدا بالعمل على محاربة معاداة السامية.
وأضاف: “باعتباري ناجيا تمكنت من تحويل ألم الحزن إلى طاقة التزام لعدم تكرار ما حدث في أوشفيتز”.
شهدت فعالية الأمم المتحدة فقرات عزف موسيقي من بينها مقطوعة موسيقية قدمتها السيدة فيكتوريا بوند من تأليفها على “كمان الأمل” خصيصا لهذا اليوم. كما تلا الشاب اليهودي كانتور نيسيم سال صلاة الذكرى.
الأمين العام للأمم المتحدة بدأ حديثه في الفعالية بالإعراب عن امتنانه العميق للناجين، مشيرا إلى أنهم يضفون معنى على عمل الأمم المتحدة في إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب والدفاع عن حقوق الإنسان وكرامته، والسعي من أجل العدل والسلام.
وقال الأمين العام أنطونيو غوتيريش إن الحقيقة المؤلمة تكمن في أن “معاداة السامية موجودة في كل مكان”، محذراً من تصاعد خطاب الكراهية واستهداف المساجد والمعابد اليهودية، ومراكز اللاجئين والأماكن العامة.
وأضاف: “نحن لا نواجه فقط التطرف العنيف. نحن نواجه الإرهاب بشكل متزايد. التهديد عالمي – وهو آخذ في الازدياد. عالم الإنترنت هو من العوامل الرئيسية المسببة لهذا النمو المتسارع (للإرهاب)”.
وقال غوتيريش إن ما ينطبق على معاداة السامية ينطبق على أشكال الكراهية الأخرى: العنصرية، التعصب ضد المسلمين، كره الأجانب، رهاب المثلية وكراهية النساء.
وحذر من أن الحركات النازية الجديدة والعنصرية البيضاء تصبح أكثر خطورة يوما بعد يوم، وقال: “في الواقع، إنها تشكل الآن التهديد الأول والأسرع نموا للأمن الداخلي في العديد من البلدان”.
ووجه الأمين العام نداءً عاجلاً لكل من له نفوذ عبر نظام المعلومات الإيكولوجي – من الجهات المنظمة وصانعي السياسات وشركات التكنولوجيا، ووسائل الإعلام، والمجتمع المدني، والحكومات، قائلا: “أوقفوا الكراهية”.
وأضاف: “انصبوا حواجز الحماية وفعلّوها. أصبحت أجزاء كثيرة من الإنترنت بمثابة مكبات للنفايات السامة للكراهية والأكاذيب الشريرة”.
وفي رسالة مصورة قبل الفعالية، قال الأمين العام للأمم المتحدة إننا وإذ نحيي ذكرى ضحايا محرقة اليهود، نعترف بالتهديدات التي تتعرض لها الحرية والكرامة والإنسانية – بما في ذلك في عصرنا هذا.
وأكد على ضرورة أن نكون أكثر صراحة من أي وقت مضى في مواجهة تنامي الاستياء الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي وتصاعد إرهاب تيار تفوق العرق الأبيض، وتزايد الكراهية والتعصب الديني.
وشدد على ضرورة ألا ننسى أبدا – وألا أن نسمح للآخرين أبدا بنسيان محرقة اليهود أو تحريف حقائقها أو إنكارها.
وقال: “فلنعقد العزم، اليوم وكل يوم، على ألا نبقى صامتين مرة أخرى في وجه الشرّ – وأن ندافع دائما عن كرامة وحقوق الجميع”.
بدوره، قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تشابا كوروشي إن الكراهية التي تسببت في حدوث الهولوكوست مستمرة في التفاقم.
وأشار إلى أن هذا العام اتسم بموجات جديدة من معاداة السامية وإنكار الهولوكوست في جميع أنحاء العالم.
ووصف معاداة السامية بأنها “مثل السم، تتسرب إلى حياتنا اليومية. نسمعها من السياسيين ونقرأها في وسائل الإعلام”.
وشدد كوروشي على أنه لم يعد بإمكاننا تجاهل الروابط الواضحة بين الأيديولوجيات المتطرفة التي تنشر الكراهية عبر الإنترنت وعواقبها في الحياة الواقعية.
وأضاف: “مع الصراعات والحرب والجرائم الفظيعة التي تستمر في تدمير الدول والمجتمعات، علينا أن نقاوم موجات تسونامي المعلومات المضللة التي تعج بها الإنترنت. هذه مسؤولية يجب أن تترجم إلى عمل”.
كما ألقت البروفيسورة ديبورا ديورك، مديرة مركز دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية في جامعة نيويورك الكلمة الرئيسية في الفعالية.
وتحدثت ديورك عن المعاناة الكبيرة التي مر بها الناجون في أعقاب فرارهم. وقالت إن تاريخ الناجين من المحرقة يستعصي على النسيان، مشيرة إلى أن هؤلاء الضحايا فقدوا منازلهم ولغتهم وعائلاتهم وإحساسهم بالانتماء.
وقد فازت البروفيسورة ديبورا ديورك بجوائز عديدة تقديرا لدراساتها القيمة في هذا المجال.
وبمناسبة اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا محرقة اليهود، حثت اليونسكو شركات وسائل التواصل الاجتماعي على تكثيف جهودها لمكافحة معاداة السامية وإنكار وقوع الهولوكوست وتشويه الحقائق بشأنها.
وقد سبق للمنظمة إبرام شراكة مع شركتي Meta و Tik-Tok كخطوة أولى رئيسية، ولكن لا يزال هناك الكثير من العمل.
وقالت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي: “مع دخولنا في عصر يقل فيه عدد الناجين أكثر فأكثر ممن بإمكانهم أن يدلوا بشهاداتهم عما حصل، أصبح من الضروري أن تتحمل شركات التواصل الاجتماعي مسؤولية مكافحة المعلومات الخاطئة وتقديم حماية أفضل لمن تستهدفهم معاداة السامية والكراهية”.