مجلس الأمن يناقش تداعيات النزاعات على الأمن الغذائي
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت منسقة الأمم المتحدة للوقاية من المجاعة والاستجابة لها، رينا غيلاني إن خطر المجاعة يجب أن يكون خطا أحمر، وأن “الجوع والصراع يغذي كل منهما الآخر”.
جاءت تصريحات غيلاني في إفادتها أمام جلسة لمجلس الأمن يوم الخميس بشأن “المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الناجم عن الصراع”.
وأضافت المسؤولة الأممية أن عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام حاد للأمن الغذائي بلغ ربع مليار شخص العام الماضي، وهو الرقم الأعلى الذي يتم تسجيله منذ سنوات.
وقالت إن 376 ألف شخص في العالم يعيشون ظروفا مشابهة لحالة المجاعة، بينما هناك 35 مليون آخرون على شفا المجاعة، مؤكدة أن “النساء والأطفال هم الأكثر تضررا”.
وأكدت منسقة الأمم المتحدة للوقاية من المجاعة والاستجابة لها أن الصراع وانعدام الأمن لا يزالان من العوامل الرئيسية للجوع والمجاعة.
وأشارت إلى أن البلدان السبعة التي يعيش فيها الناس ظروفًا شبيهة بالمجاعة العام الماضي تضررت من نزاع مسلح أو مستويات كبيرة من العنف.
خمسة من هذه البلدان – وهي أفغانستان وهايتي والصومال وجنوب السودان واليمن – مدرجة بانتظام على جدول أعمال هذا مجلس الأمن.
وأوضحت أن النزاع المسلح “يدمر النظم الغذائية، ويحطم سبل العيش، ويخرج الناس من ديارهم تاركا الكثيرين مستضعفين وجائعين”.
“في بعض الأحيان تكون هذه الآثار نتاجا ثانويا للحرب. ولكن في كثير من الأحيان يتم إلحاقها بشكل متعمد وغير قانوني لاسيما عند استخدام الجوع كأحد تكتيكات الحرب”.
واستشهدت المسؤولة الأممية بما يحدث في السودان من استهداف ونهب للمساعدات والمنشآت الإنسانية وقتل العاملين الإنسانيين كمثال على تلك التحديات.
وأضافت أن انعدام الأمن الغذائي في حد ذاته يفاقم حالة عدم الاستقرار، مشيرة إلى أنه “القشة التي قصمت ظهر البعير حيث يتسبب في صراعات تتراوح ما بين التظاهرات وأعمال الشعب، والحرب الأهلية”.
وأشارت غيلاني أيضا إلى أن الجوع الناجم عن النزاعات يتفاقم عبر “مزيج سام من تغير المناخ والصدمات الاقتصادية”.
وأكدت المسؤولة الأممية أنه رغم صعوبة التحدي فإنه من الممكن تحقيق تقدم، داعية إلى مضاعفة الجهود لمنع الصراعات بكافة أشكالها والحد منها وإنهائها.
وقالت غيلاني: “يجب أن يكون هناك التزام متجدد بالسلام من خلال نظام متعدد الأطراف متجدد تعمل من خلاله الحكومات والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية يدا بيد”.
وحددت خمسة مجالات من أجل التخفيف من المعاناة والوقاية من المجاعة بما فيها ضمان احترام أطراف النزاعات القانون الدولي الإنساني، والاستفادة بشكل أفضل من آليات الإنذار المبكر الحالية، والتحلي بالجرأة والإبداع في إيجاد طرق للتخفيف من تأثير الحرب على الفئات الأكثر ضعفا، وأن تكون النساء والفتيات في قلب تلك الجهود، وتوفير تمويل إنساني كاف تعتمد عليه حياة الملايين.
وترأس الجلسة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الأمن في آب/أغسطس.
وشدد بلينكن في كلمة بلاده أمام أعضاء مجلس الأمن على أن الجوع والصراع مرتبطان ارتباطا وثيقا حيث يؤدي شح الموارد إلى رفع منسوب التوتر بين المجتمعات والدول.
وقال المسؤول الأمريكي إن الأطراف المتحاربة تستغل الطعام لإخضاع السكان المحليين، مضيفا أن “الصراع هو المحرك الأكبر لانعدام الأمن الغذائي حيث عانى أكثر من 117 مليون شخص من الحرمان الشديد العام الماضي بسبب العنف والاضطرابات”.
وضرب بلينكن مثلا بما يحدث في السودان حيث تسبب القتال الدائر هناك في تعطيل موسم الزراعة ورفع تكلفة الغذاء.
كما استشهد بالوضع في اليمن، قائلا إن العائلات هناك “تلجأ إلى غلي أوراق الشجر للبقاء على قيد الحياة”.
ودعا إلى زيادة الإنتاج الزراعي والاستثمار في عمليات التكيف، وبناء قدر أكبر من الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية لاسيما في المناطق المتضررة من الصراعات حول العالم.
وتحدث وزير الخارجية الأمريكي عن تأثير الغزو الروسي لأوكرانيا على الأمن الغذائي، قائلا إنه منذ انسحاب روسيا من مبادرة البحر الأسود ارتفعت أسعار الحبوب في العالم بأكثر من 8 في المائة.
وأضاف أنه يتعين على جميع أعضاء المجلس وأعضاء الأمم المتحدة مطالبة روسيا بعدم استغلال مبادرة البحر الأسود واستخدام المستضعفين في العالم كوسيلة ضغط. ودعا إلى إنهاء ما وصفه بالحرب “غير المبررة وغير المعقولة”.
وأكد على أن تعزيز الأمن الغذائي ضروري لتحقيق رؤية ميثاق الأمم المتحدة “لإنقاذ الأجيال من ويلات الحرب، وإعادة التأكيد على كرامة كل إنسان وقيمته”.
في المقابل، ألقى نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، فلاديمير سافرونكوف باللائمة على دول الغرب فيما يتعلق بأزمة الأمن الغذائي، قائلا إنهم يحاولون استغلال هذا الموضوع من أجل “شيطنة روسيا”.
وأضاف أن العديد من أزمات الغذاء الأكثر حدة كانت ناتجة بشكل مباشر أو غير مباشر عن تصرفات الولايات المتحدة وحلفائها أو نتيجة سياساتهم طويلة المدى.
وشدد على أهمية البدء بمعالجة الأسباب الجذرية للتهديدات التي يتعرض لها الأمن الغذائي، قائلا إنه من الناحية الفنية لا يوجد نقص حاد في الغذاء في العالم، بل تكمن المشكلة في التوزيع غير المتكافئ للغذاء.
وتطرق المسؤول الروسي إلى مبادرة البحر الأسود، مشيرا إلى أن الدول الغربية حولت أحد شقي الاتفاق من شق إنساني إلى شق تجاري، مضيفا أنه لذلك “وصل 3 في المائة فقط من صادرات الحبوب إلى الدول المحتاجة، بينما حصلت الدول الغربية على حصة الأسد”، على حد تعبيره.
وأشار أيضا إلى ما وصفه بازدواجية المعايير في الالتزام بالجزء الثاني من اتفاق الحبوب والمتعلق بتصدير الأغذية والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية.
رئيس لجنة الإنقاذ الدولية، ديفيد ميليباند – الذي دُعي للحديث أمام أعضاء مجلس الأمن – أكد أن شعار منظمته هو التركيز على الحلول لا المعاناة عند التعامل مع قضية الأمن الغذائي.
وقال ميليباند إن “انعدام الأمن الغذائي، هو التعبير الملطف الذي يستخدم للإشارة إلى الجوع والمجاعة”، داعيا إلى العمل من أجل مساعدة 375 ألف شخص يعيشون ظروفا مشابهة للمجاعة تم تسجيلهم العام الماضي.
ودعا إلى ضخ قوة جديدة في النظام الدولي للعمل وليس فقط للنقاش بشأن الاستراتيجيات والخطط.
وتحدث رئيس اللجنة الدولية للإنقاذ عن عدد من المشكلات التي يواجها العالم في هذا الصدد، مقترحا عددا من الحلول بما فيها معالجة سوء التغذية لدى الأطفال، ودعم المنظمات الدولية لمكافحة المجاعة بما فيها تنسيقية الوقاية من المجاعة والتصدي لها التابعة للأمم المتحدة، وتمويل خطط الاستجابة الإنسانية، والتمويل المناخي.
وتحدثت أمام أعضاء المجلس كذلك رئيسة منظمة إيديسيا، نافين سالم والتي تعمل في مجال مواجهة سوء التغذية لدى الأطفال.
وقالت سالم إن العالم أمام خيارين وهما إما اطعام جميع الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد في العالم أو وقف النزاعات.
وأشارت إلى أن هناك حاجة إلى 1.7 مليار دولار لإطعام 117 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد “إلى أن نتمكن من إنهاء هذه الصراعات”.
وأضافت أنه مع تزايد النزاعات فإن شركاءهم يقع على عاتقهم اتخاذ خيارات صعبة كل يوم حيث يعانون من نقص حاد في التمويل ولا يستطيعون سوى الحصول إلى 50٪ من احتياجاتهم، وأنهم في كل يوم يُوضَعون أمام اتخاذ قرار صعب للغاية لتحديد أي نصف من أولئك الأطفال سيعيش وأي نصف منهم سيلقى حتفه.
وتبنى مجلس الأمن بيانا يوم الخميس شمل عدة بنود بما فيها تجديد التأكيد على الدور المحوري للأمم المتحدة والتزامها بتعزيز التنسيق داخل المنظومة الأممية للاستجابة لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وخصوصا في حالات النزاع المسلح.