متهمون سعوديون يواجهون الإعدام لجرائم مزعومة ارتُكبت وهم أطفال
استثناءات صارخة من الإصلاحات الهادفة إلى الحد من عقوبة الإعدام للأحداث
(بيروت) – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن النيابة العامة السعودية تطالب بإعدام ثمانية رجال سعوديين متهمين بجرائم تتعلق باحتجاجات، يُزعم أنهم ارتكبوا بعضها وهم أطفال.
تُظهر القضايا الجارية ثغرات خطيرة في إصلاح العدالة الجنائية لعام 2018 للحد من عقوبة الإعدام للمتهمين الأحداث، مما يعرض الرجال الثمانية لخطر عقوبة الإعدام.
حصلت هيومن رايتس ووتش على لائحة الاتهام لمحاكمتَيْن جماعتَيْن ضمتا الرجال الثمانية في 2019. زُعم أن بعض الجرائم المذكورة ارتكبت بينما كانت أعمار الرجال بين 14 و17 عاما.
أحد الرجال (عمره الآن 18 عاما)، متهم بجريمة غير عنيفة يُزعم أنه ارتكبها في سن التاسعة. كان الرجال الثمانية جميعا رهن الحبس الاحتياطي لمدة تصل إلى عامين.
قال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “يروّج خبراء العلاقات العامة السعوديون للإصلاحات القضائية باعتبارها تقدما، بينما يبدو أن النيابة تتجاهلها بشكل صارخ وتستمر في العمل كالمعتاد.
إذا كانت السعودية جادة في إصلاح نظام العدالة الجنائية، عليها أن تبدأ بحظر عقوبة الإعدام ضد الجناة الأحداث المزعومين في جميع الحالات”.
اتهمت النيابة العامة، التي تتبع مباشرة للملك، الرجال المحتجزين بعدة تهم لا تشبه جرائم معترف بها، منها “السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي بالمشاركة في المظاهرات والمواكب الجنائزية”، و”ترديد عبارات مناوئة للدولة”، و”السعي إلى إثارة الفتنة والانقسام”. جميع الرجال من المنطقة الشرقية بالسعودية، حيث تعيش غالبية الأقلية الشيعية في البلاد.
في 2018، أي قبل نحو عام من إحالة النيابة القضايا إلى المحكمة، أقرت السعودية “نظام الأحداث”، الذي ينص على عقوبة قصوى بالحبس لمدة عشر سنوات لكل من ارتكب جريمة قبل أن يبلغ 18 عاما وأدين بموجب مبدأ الشريعة الإسلامية “التعزير”.
جرائم التعزير هي التي لم يُحدَّد لها عقوبات بموجب الشريعة الإسلامية، وللقضاة سلطة تقديرية واسعة لتحديد العقوبات في القضايا الفردية.
مع ذلك، لا ينطبق هذا الحكم على “القصاص”، أو جرائم العدالة الجزائية – عادة في حالة القتل – أو جرائم “الحدود”، وهي الجرائم الخطيرة المحددة بموجب تفسير المملكة للشريعة الإسلامية والتي تنطوي على عقوبات محددة.
تسعى النيابة إلى فرض عقوبة الإعدام على الرجال الثمانية بموجب الحدود، مما يجعلهم غير مؤهلين للحصول على عفو إذا حُكم عليهم بالإعدام.
تطالب النيابة السعودية أيضا بأنه إذا لم يفرض القاضي عقوبة الإعدام على أساس الحدود، فعليه أن يفعل ذلك بموجب التعزير، في تجاهل صارخ لقانون الأحداث.
اعتقلت السلطات السعودية الرجال بين أبريل/نيسان 2017 ويناير/كانون الثاني 2018. مثُلت مجموعة منهم – أحمد الفرج، وعلي البطي، ومحمد النمر، وعلي الفرج، ومحمد الفرج – مرتين أمام المحكمة فقط منذ أول جلسة في سبتمبر/أيلول 2019، ويرجع ذلك جزئيا إلى القيود المتصلة بفيروس “كورونا”.
لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد عدد الجلسات للمجموعة الثانية – علي المبيوق، وسجاد الياسين، ويوسف المناسف – ولا الشهر الذي مثلوا فيه لأول مرة أمام المحكمة في 2019. لا يزال موعد جلسات المحاكمة لكلتا المجموعتين غير واضح.
قال نشطاء سعوديون يتواصلون مع مصادر مقربة من محمد النمر ومحمد الفرج لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات عذبتهما أثناء احتجازهم الأولي والاستجواب، وأن كليهما مُنع من الاتصال بمحام.
الجرائم المدرجة في لوائح اتهام الرجال، والتي تضمنت بالنسبة لسبعة من الرجال الثمانية مهاجمة عناصر الشرطة أو الدوريات بزجاجات المولوتوف أو الأسلحة النارية، تستند بالكامل تقريبا إلى اعترافات الرجال، ولم تقدَّم أي تفاصيل عن أي إصابات لعناصر الشرطة.
محمد الفرج (18 عاما)، اعتُقل في سن 15 وهو الأصغر بين الثمانية. تشمل التهم الموجهة إليه، وجميعها لا تضم جرائم عنيفة، المشاركة في مظاهرات ومواكب جنائزية، اعترف بأنه شارك في إحداها عندما كان في التاسعة من عمره.
تشمل التهم الأخرى ترديد شعارات ضد المملكة، وإخفاء مطلوبين للشرطة، ومراقبة ومشاركة تحركات المركبات الأمنية المصفحة عبر واتساب مع رجال مطلوبين للشرطة.
وثقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة الراسخة في نظام العدالة الجنائية السعودي، والتي تُصعِّب على المدعى عليه الحصول على محاكمة عادلة حتى في قضايا الإعدام. في أبريل/نيسان 2019، نفذت السعودية إعداما جماعيا بحق 37 رجلا، 33 منهم من الأقلية الشيعية في البلاد.
أحدهم، عبد الكريم الحواج، كان طفلا وقت ارتكاب جرائمه المزعومة واعتقاله، وآخر، سلمان القريش، كان طفلا وقت ارتكاب بعض جرائمه المزعومة.
في يونيو/حزيران 2019، طالبت النيابة السعودية بإنزال عقوبة الإعدام بحق مرتجى قريريص (18 عاما)، والذي يُزعم أنه ارتكب بعض جرائمه عندما كان عمره 10 أو 11 عاما فقط واعتُقِل في سن 13 عاما.
في وقت لاحق من ذلك الشهر، بعد ضغوط دولية، نجا من عقوبة الإعدام، وبدلا من ذلك حُكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما.
في 8 أبريل/نيسان 2020، نشرت السلطات السعودية لفترة وجيزة إعلانا عن إعدام على موقع “وكالة الأنباء السعودية” لرجل أدين بجريمة قتل يُزعم أنه ارتكبها عندما كان حدثا، لكن حُذِف الإعلان في وقت لاحق من ذلك اليوم. لم تؤكد السلطات السعودية علانية ما إذا كانت قد أعدمته.
القانون الدولي، بما في ذلك “اتفاقية حقوق الطفل”، والسعودية دولة طرف فيها، يحظر تماما عقوبة الإعدام على الجرائم التي يرتكبها الأطفال.
تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع البلدان وفي كافة الظروف. عقوبة الإعدام متفردة في قسوتها وكونها لا رجعة عنها، وهي في كل الأحوال مشوبة بالتعسف والتحيز والخطأ.
في أبريل/نيسان، أصدرت السعودية مرسوما ملكيا يسمح بتطبيق أحكام نظام الأحداث لعام 2018 بأثر رجعي، مما يعني أنه يمكن لمسؤولي العدالة مراجعة قضايا الجناة الأحداث المدانين ووقف العقوبات عن أولئك الذين قد قضوا عشر سنوات.
في 26 أغسطس/آب، أعلنت “هيئة حقوق الإنسان” السعودية أن القضاء سوف يراجع ثلاثة أحكام بالإعدام وفقا للمرسوم الأخير.
كان عُمْر علي النمر وداود المرهون وعبد الله الزاهر بين 15 و17 عاما عندما قُبض عليهم على خلفية مظاهرات في 2011 من قبل الأقلية الشيعية في البلاد ضد التمييز الحكومي المنهجي.
احتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي دون تهمة أو محاكمة لمدة تصل إلى 22 شهرا، وفي النهاية حُكم عليهم بالإعدام عقب محاكمات جائرة للغاية.
أوضحت الهيئة أنه بموجب المرسوم، ستُعاد محاكمة الموقوفين الثلاثة بناء على نظام الأحداث السعودي. سيكون الثلاثة قد أكملوا الحد الأقصى للحبس عشر سنوات بموجب هذا النظام بحلول 2022.
قال بَيْج: “على السلطات السعودية الحفاظ على حياة علي النمر وداود المرهون وعبد الله الزاهر، وضمان عدم وصول أي طفل مذنب مزعوم إلى قائمة الإعدام”.
اقرأ أيضاً: السعودية: إحالة عشرات الفلسطينيين والأردنيين لمحاكمات تفتقر الى العدالة