ماذا تستطيع الحكومة اللبنانية فعله لوقف جرائم الحرب؟
يستمر ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين نتيجة الضربات الإسرائيلية المستمرة في مختلف أنحاء لبنان، مع دخول القتال بين إسرائيل و”حزب الله” شهره الـ 14. إلا أنه لم تظهر أي إشارة على المساءلة عن الهجمات غير القانونية التي تشنها إسرائيل أو انتهاكاتها لقوانين الحرب. ما لم يكن هناك ضغط على الأطراف المتحاربة لتحاسَب على انتهاكاتها، لن يكون هناك سبب يذكر للاشتباه في أنها ستغيّر سلوكها.
الوضع مزرٍ. فمنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، قتلت الضربات الإسرائيلية أكثر من 3,280 شخصا في لبنان، بينهم أكثر من 600 امرأة و200 طفل و190 عاملا في مجال الصحة والإنقاذ، وفقا لوزارة الصحة اللبنانية. وثّقت “هيومن رايتس ووتش” انتهاكات صارخة لقوانين الحرب وجرائم حرب ارتكبها الجيش الإسرائيلي، منها الهجمات المتعمدة المفترضة أو العشوائية على الصحفيين والمدنيين والمسعفين والمؤسسات المالية وقوات حفظ السلام، بالإضافة إلى الاستخدام الواسع وغير القانوني للفوسفور الأبيض في المناطق المأهولة بالسكان، من بين انتهاكات أخرى. نزح أكثر من مليون شخص، ودُمرت آلاف المباني والمنازل، وتحولت قرى حدودية بأكملها إلى أنقاض.
من جانبه، أطلق حزب الله آلاف الذخائر على إسرائيل ومرتفعات الجولان السورية المحتلة، فقتل 37 مدنيا على الأقل – نفى حزب الله مسؤوليته عن هجوم 27 يوليو/تموز على بلدة مجدل شمس في مرتفعات الجولان المحتلة الذي قتل 12 طفلا.
رغم عدم سيطرتها على الأطراف المتحاربة، فإن الحكومة اللبنانية ليست عاجزة. هناك خطوات مهمة يمكنها اتخاذها لضمان توثيق الانتهاكات وتعزيز إمكانية المساءلة.
الأسبوع الماضي، دعت أكثر من 20 منظمة حقوقية، منها هيومن رايتس ووتش، لبنان والدول الأعضاء الأخرى في “الأمم المتحدة” إلى عقد جلسة خاصة في “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” لإنشاء آلية تحقيق دولي في جميع الانتهاكات الحقوقية التي ارتكبتها جميع الأطراف المشاركة في النزاع في لبنان.
يمكن لهذا التحقيق توثيق الجرائم الجارية وجمع الأدلة والإبلاغ علنا عن نتائجه. التوثيق مهم جدا، وكذلك المساءلة. على حكومة لبنان أيضا قبول الولاية القضائية لـ”المحكمة الجنائية الدولية” للتحقيق في الجرائم المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
مع استمرار تصاعد الفظائع، يمكن لحكومة لبنان ويجب عليها أن تتحرك استباقيا لضمان ألا يبقى الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة هو القاعدة. التحقيق الدولي والمسار نحو المساءلة عن الجرائم الجسيمة أمران أساسيان.