الحكومة الليبية تسعى لإنهاء التحقيق الأممي حول جرائم الحرب المرتكبة في البلاد
قدمت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا تقريرها الأخير إلى مجلس حقوق الإنسان في 6 يوليو 2022، بعد أيام قليلة من تصاعد الاحتجاجات في ليبيا واقتحام المتظاهرين لمقر البرلمان وعدد من المقار الحكومية الأخرى.
التقرير يستعرض الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها الجماعات المسلحة والقوات الحكومية في جميع أنحاء البلاد، والتي قد يصل بعضها حد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
إلا أن مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ورغم الفظائع المروعة التي يستعرضها التقرير، على وشك تبني قرار، صاغته ليبيا، لا يسمح بمواصلة عمل البعثة إلا “لفترة نهائية واحدة غير قابلة للتمديد مدتها 9 أشهر“.
يقول “جيريمي سميث“، مدير مكتب جنيف لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “هذا القرار بمثابة إعلان من الأمم المتحدة لمجرمي الحرب، بأن جهودها لضمان المساءلة عن الانتهاكات في ليبيا ستنتهي قريبًا، بغض النظر عن كمية الفظائع المرتكبة في الأشهر المقبلة”.
وفي بيان شفهي أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حذر مركز القاهرة وعدد من المنظمات الحقوقية، من أن غياب المساءلة لن يؤدي إلا إلى “تشجيع المزيد من العنف وعرقلة الجهود الرامية لتحقيق سلام مستدام”.
تشمل الانتهاكات والتجاوزات التي وثقتها بعثة تقصي الحقائق في تقريرها الأخير؛ جرائم ضد الإنسانية مثل القتل والتعذيب والسجن والاغتصاب والإخفاء القسري والإتجار بالبشر.
كما وثقت البعثة العديد من الهجمات المباشرة على المدنيين والتي تصل حد جرائم الحرب.
هذا بالإضافة إلى الجرائم المرتكبة بحق المجتمع المدني والصحفيين، بما في ذلك الاغتيالات والاختطاف والاعتقال التعسفي، إضافة إلى الانتهاكات الجسيمة والمنهجية بحق المهاجرين.
وبموجب القرار المقترح، تنتهي ولاية عمل بعثة تقصي الحقائق الأممية بشأن ليبيا في مارس 2023، وفي هذا السياق تواصل المنظمات الحقوقية دعوتها للدول الأعضاء ضمان استمرار مراقبة ورصد الأمم المتحدة للأوضاع في ليبيا، طالما استمرت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وسط إفلات تام للجناة من العقاب.
وكانت منظمات حقوقية- من بينها مركز القاهرة- قد سبق وحذرت، في رسالة مشتركة إلى الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، وفي لقاء رفيع المستوى شاركت فيه سويسرا وألمانيا وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا؛ من أن “غياب الجهود القوية والمستمرة من قبل الأمم المتحدة لضمان المساءلة في ليبيا يمكن أن يؤدي إلى تصعيد الانتهاكات والجرائم، ومزيد من ترسيخ الإفلات من العقاب، وتقويض الجهود المبذولة لدفع البلاد نحو الاستقرار السياسي القائم على احترام سيادة القانون”.
يقول “كريم سالم“، مسئول المناصرة الدولية لدول المغرب الكبير بمركز القاهرة: “الدول التي شاركت في التدخل العسكري الذي أدى لسقوط نظام القذافي تعهدت بدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان”.
وأضاف: “وعليها الآن تحمل مسئولية الالتزام بتنفيذ هذا التعهد، وضمان عدم تخلي الأمم المتحدة عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا”.
أن تصاعد حدة الاضطرابات والاحتجاجات مؤخرًا في ليبيا، يجدد التأكيد على أزمة شرعية السلطات الحاكمة في ليبيا، ويعزز الحاجة إلى بذل مزيد من الجهود الدولية لضمان المساءلة والتمسك بسيادة القانون.