الأمم المتحدة تؤكد أن إجراء الانتخابات هو السبيل الوحيد للخروج من المأزق في ليبيا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قدّمت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي حول آخر المستجدات في ليبيا.
ونقلت “روزماري ديكارلو” صورة الأوضاع لا سيّما بعد التصعيد الأخير في طرابلس وضواحيها. وأشارت إلى أنه ساد هدوء هشّ لكن من غير الواضح كم من الوقت سيستمر هذا الهدوء.
استهلت “ديكارلو” كلمتها بالإعراب عن قلقها البالغ من أن الجمود المستمر. والتأخيرات المتواصلة في تنفيذ العملية الانتخابية تشكل تهديدا متزايدا للأمن في طرابلس وضواحيها، وربما لجميع الليبيين.
وتابعت تقول: “تَجسّد هذا التهديد قبل أيام قليلة. عندما كانت طرابلس مرة أخرى مسرحا لاشتباكات عنيفة بين الجماعات المسلحة التي تدعم السيد دبيبة والسيد باشاغا على التوالي”.
في إشارة إلى رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، “عبد الحميد دبيبة“، ورئيس الوزراء الذي اختاره البرلمان الليبي، “فتحي باشاغا“.
أوضحت “ديكارلو” لأعضاء مجلس الأمن بالتفصيل ما حدث في العاصمة الليبية. وقالت إن القتال اندلع في الساعات الأولى من يوم 27 آب/أغسطس.
واشتد القتال بسرعة وامتد إلى المناطق المأهولة بالسكان المدنيين في طرابلس. وشمل الاستخدام العشوائي للأسلحة المتوسطة والثقيلة، مما أثّر على المدنيين والبنية التحتية المدنية.
بحسب السلطات الليبية، قُتل ما لا يقل عن 42 شخصا، بينهم أربعة مدنيين، وأصيب 159 شخصا في الاشتباكات.
وبحسب ما ورد، شُردت خمسون أسرة، ولحقت أضرار جسيمة بخمسة مرافق صحية. وتأثر مركزان لاحتجاز المهاجرين واللاجئين يشملان ما مجموعه 560 شخصا.
وقالت “ديكارلو” إن الأمر بدا وكأنه “محاولة أخرى للقوات الموالية للباشاغا لدخول العاصمة من الشرق”.
وأضافت: “إلا أن القوات الموالية للدبيبة منعتهم في زليتن – على بُعد حوالي 160 كيلومترا شرق طرابلس. وأجبِروا على التراجع بعد الاشتباكات”.
وبالمثل، تم صد محاولات الجماعات المسلحة الأخرى الموالية للباشاغا التقدم في العاصمة من الغرب والجنوب الغربي.
وانحسر القتال في طرابلس وضواحيها في 28 آب/أغسطس، رغم أن الوضع ظل متوترا ومتقلبا. “ساد هدوء هشّ في طرابلس منذ ذلك الحين، ومن غير الواضح كم من الوقت سيستمر.”
وحذرت “ديكارلو” من أن الهجمات الانتقامية من كلا الجانبين، والنية المعلنة لحكومة الوحدة الوطنية لاعتقال العناصر الموالية للباشاغا المتورطة في القتال قد تؤدي إلى اشتباكات مسلحة يمكن أن تؤثر مرة أخرى على السكان المدنيين.
منذ آخر اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا في 25 تموز/يوليو، واصلت الأمم المتحدة التواصل مع الجهات الفاعلة الليبية – على جميع المستويات – لتسهيل حل المأزق السياسي.
إلا أن المسؤولة الأممية أعربت عن قلقها مما قالت إنه “تقدم سياسي محدود” خلال الفترة المشمولة بالتقرير. وقد أكدت الأمم المتحدة باستمرار أن إجراء الانتخابات لا يزال هو السبيل الوحيد للخروج من المأزق الحالي.
وتابعت تقول: “على الرغم من جهودنا المستمرة، لم يتم إحراز أي تقدّم في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن إطار دستوري للانتخابات”.
وعقب اجتماعهما في جنيف في حزيران/يونيو، أجرى رئيس مجلس النواب، “عقيلة صالح“، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، “خالد المشري“، مزيدا من المناقشات في تركيا في الأول من آب/أغسطس وفي مصر في 14 آب/أغسطس.
وقالت “ديكارلو“: “للأسف استمرت الخلافات، لاسيّما بشأن معايير الأهلية لمرشحي الرئاسة”.
وحثّت القياديين على استكمال العمل الذي أنجزته اللجنة الدستورية المشتركة. وأشارت إلى أن من الأهمية بمكان أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأن إطار دستوري وجدول زمني للانتخابات التي ستمكّن الشعب الليبي من اختيار قادته.
بالانتقال إلى التطورات الاقتصادية، استؤنف إنتاج النفط في 17 تموز/يوليو. بحلول نهاية تموز/يوليو وصل الإنتاج إلى مستويات ما قبل الإغلاق عند 1.2 مليون برميل يوميا.
وفي الآونة الأخيرة، أعلنت مؤسسة النفط الوطنية الليبية عن خطط لزيادة الطاقة الإنتاجية للنفط.
لكن قالت السيدة “ديكارلو“: “مع ذلك، فإنني قلقة من أن السخط العام المتزايد في المنطقة الجنوبية بسبب نقص الخدمات الأساسية وسوء الأحوال المعيشية قد يؤدي إلى إغلاق حقول النفط مرة أخرى في المنطقة”.
وقد أثار انفجار صهريج وقود في محيط الزوية في الأول من آب/أغسطس، والذي أدى إلى مقتل 25 شخصا وإصابة العشرات بجراح، موجة من الاحتجاجات على التهميش طويل الأمد للمجتمعات في الجنوب.
وشددت على أن الثورات الطبيعية الليبية ملك لجميع الليبيين، ويجب توزيع عائدات صادرات النفط بشكل عادل ومنصف.
عرّجت “ديكارلو” على وضع حقوق الإنسان في البلاد، وأعربت عن أسفها من أن انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا لا تزال تشكل مصدر قلق كبير.
ففي 20 آب/أغسطس، طوّقت جماعات مسلحة تابعة للجيش الوطني الليبي بلدة قصر بوهادي، على بُعد 25 كيلومترا جنوب سرت.
وقالت: “حُرم المدنيون من حريتهم في التنقل ومُنعوا من مغادرة مناطقهم، مع إغلاق المستشفيات والمتاجر والمدارس ومحطات الوقود وغيرها من المرافق الأساسية”.
في 26 آب/أغسطس، انسحبت الأطراف العسكرية من المدينة، لكنها استمرت في السيطرة على جميع التحركات داخل المدينة وخارجها.
وتابعت تقول: “أحث الجهات الفاعلة ذات الصلة على الرفع الفوري للقيود المستمرة المفروضة على سكان قصر بوهادي، وأحذر من أن الوضع يمكن أن يتصاعد أكثر ليصل إلى صراع بين الطوائف”.
إضافة إلى ذلك، استمر تعرّض الأفراد الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير بشكل سلمي للاختطاف والاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي.
ويستمر العنف ضد الناشطات واعتقالهن واحتجازهن بشكل غير قانوني.
كما أن حملات التشهير التي تستهدف الجهات الفاعلة في المجتمع المدني ولاسيّما النساء والتي تتراوح بين خطاب الكراهية والتحريض على العنف مقلقة للغاية، ودعت المسؤولة الأممية إلى وقفها.
وظل المهاجرون واللاجئون يعانون من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وفقا لأحدث الأرقام، تم احتجاز 2,661 مهاجرا ولاجئا بشكل تعسفي في مراكز احتجاز رسمية مع تقييد وصول المساعدات الإنسانية.
وتواصل الأمم المتحدة دعوتها للإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفيا وإتاحة الإجراءات القانونية الواجبة للمتهمين بمخالفة القوانين الليبية.
وقالت “ديكارلو“: “من الأهمية بمكان أن تحافظ جميع الجهات الليبية على الهدوء على الأرض، وأن تمتنع عن الخطابات والأفعال التصعيدية، وأن تتخذ خطوات فورية لعكس الاستقطاب السياسي الذي ينتقل لأعمال عنف.”
تحدثت “ديكارلو” عن بعض “التطورات الإيجابية” خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
وقالت: “أثني على وجه الخصوص على الجهود المستمرة التي تبذلها اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 للحفاظ على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتعزيزه”.
في وقت سابق في 9 آب/أغسطس، اجتمعت اللجنة العسكرية المشتركة مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) في سرت لتعزيز استعداد الآلية الليبية لمراقبة وقف إطلاق النار. وأحرزوا تقدما في تفعيل غرفة العمليات المشتركة.
كما أنهوا إجراءات انسحاب القوات الأجنبية والمقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا.
وفي تطور إيجابي آخر، صوتت الجمعية العمومية للمحكمة العليا في ليبيا في 18 آب/أغسطس على تفعيل الدائرة الدستورية للمحكمة، التي تم تعليقها منذ عام 2016.
وتابعت تقول: “إن إعادة تفعيل الدائرة يمكن أن يسهم في حل الخلافات حول شرعية القرارات التي تتخذها المؤسسات الليبية”.
وكررت استعداد الأمم المتحدة لدعم الجهود الليبية لتحقيق المصالحة الوطنية وكذلك مفوضية الاتحاد الأفريقي التي تعتزم عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية في ليبيا في أقرب فرصة ممكنة.
طلب مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة أن يكون من أوائل المتحدثين خلال جلسة مجلس الأمن، وقال “الطاهر السني” إن بلاده تمرّ بظروف استثنائية. وأضاف أنه لا يرى أي شيء إيجابي يمكن الحديث عنه منذ آخر إحاطة للمجلس الشهر الماضي.
وأضاف أن أحداث طرابلس لم تكن مفاجئة، “بل حذرنا منها في عدّة مناسبات”.
وطلب “الطاهر السني” من أعضاء المجلس الوقوف دقيقة صمت على أرواح الضحايا منذ عام 2011.
وتابع يقول: “طرابلس، أيها السيدات والسادة اليوم جريحة وفي حداد وألم، فما شهدناه من أحداث مؤسفة في قلب العاصمة وضواحيها أودت بحياة 32 شخصا وجرح 160 في أقل من 24 ساعة، أكثرهم من المدنيين الأبرياء، أحداث لم تكن الأولى ونخشى أنها لن تكون الأخيرة”.
ووضع أمام المجلس تساؤلات تتعلق بأسباب فشل الانتخابات، وعدم التوافق حول القاعدة الدستورية والتدخلات الخارجية ونزع السلاح.
وتطرق إلى مسألة تعيين المبعوث الجديد الذي سيدير الحل على حدّ تعبيره، داعيا الأمين العام إلى سرعة حسم هذه المسألة.