انتقادات لمقترح أوروبي يهدر حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – وجه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، انتقادات لمقترح مفوضية الاتحاد الأوروبي بشأن مواجهة ما تصفه أنّه “استخدام سياسي منظّم للمهاجرين” خطير وفضفاض ومبهم، ويسهّل على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التنصل من مسؤولياتها تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الأربعاء، أنّ مقترح المفوضية يفتح المجال أمام تقويض ممارسة المهاجرين وطالبي اللجوء لحقوقهم، ويشرعن انتهاك حقوقهم الأساسية المكفولة بموجب القانون الدولي وقانون الاتحاد الأوروبي.
وكانت المفوضية الأوروبية اعتمدت في 23 نوفمبر/ تشرين ثان 2021 بيانًا يلخّص تدابير الطوارئ المحتمل اتخاذها في المستقبل أو التي اتُخذت بالفعل لمعالجة ما يسمى بـ”الاستخدام السياسي المنظّم للمهاجرين”.
وكجزء من هذه التدابير، تبنّت المفوضية في 1 ديسمبر/ كانون ثان 2021 مقترحًا يهدف إلى دعم بولندا ولاتفيا وليتوانيا “لإدارة وصول المهاجرين وطالبي اللجوء الذين استخدمتهم بيلاروسيا بطريقة منظمة وكريمة”.
ويستند المقترح إلى البند رقم (3) من المادة (78) من “معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي” (TFEU)، والذي قالت محكمة العدل الأوروبية عام 2017 إنّه لا يجوز استخدامه سوى في “ظروف استثنائية تتمثل في تدفق مفاجئ لرعايا بلدان ثالثة، على نحو يجعل العمل بنظام اللجوء الموحد في الاتحاد الأوروبي أمرًا مستحيلًا”.
وبين المرصد الأورومتوسطي أنّ مقترح المفوضية الذي يحمل عنوان “لائحة معالجة حالات الاستغلال في مجال الهجرة واللجوء” يقدّم آلية تسمح لجميع الدول الأعضاء بالتنصل من مسؤولياتها بموجب قانون اللجوء الأوروبي في حالات “استغلال” المهاجرين، ما يمكّنها من التنصل من التزاماتها حسب الرغبة، مشددًا على أن “نظام الإعفاء” هذا بالكاد يمتثل لمبادئ الضرورة والتناسب والكفاءة.
وأوضح أن تنصل الدول الأعضاء من مسؤولياتها تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء سيكون له تداعيات سلبية للغاية على حقوقهم، ويشمل ذلك خفض معايير اللجوء، وإرباك مقدمي الطلبات والسلطات فيما يتعلق بمكان تقديم طلب اللجوء.
وكذلك تسجيل الطلبات المستلمة في نقاط حدودية محددة، إضافة إلى زيادة استخدام الإجراءات الحدودية المعجّلة والاحتجاز الإداري، والتعسف مع الدول الأعضاء التي تطبق معايير مختلفة، فضلًا عن فتح المجال للدول الأعضاء للبقاء أو الانسحاب من نظام اللجوء الأوروبي المشترك (CEAS).
وأكد أن المقترح سيقود في نهاية الأمر إلى إنشاء نظام انتقائي بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، على نحو يقوض الحقوق الأساسية للمهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين المكفولة بموجب قانون الاتحاد الأوروبي.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنه رغم الزيادة الملحوظة في عدد الوافدين إلى هذه البلدان، إلا أنّ الأعداد ليست مرتفعة على نحو كبير إذا ما قورنت بتدفقات الهجرة من البحر الأبيض المتوسط أو دول “الجنوب العالمي” التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم.
ومع ذلك، اعتمدت بولندا ولاتفيا وليتوانيا تدابير قاسية شملت عسكرة الحدود وإعلان حالة الطوارئ، وتشريع عمليات احتجاز وصد المهاجرين وطالبي اللجوء على الحدود.
وتعد المنطقة الحدودية بين الاتحاد الأوروبي وبيلاروسيا إحدى أخطر المناطق بالنسبة للمهاجرين وطالبي اللجوء، حيث توفي أكثر من 21 منهم في تلك المنطقة في شتاء العام الماضي.
وفي ذلك الوقت، اتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومنظمات حقوق إنسان دولية، إلى جانب مفوض مجلس أوروبا لحقوق الإنسان “دنيا مياتوفيتش”، لاتفيا وليتوانيا وبولندا بخرق الأحكام الأساسية للاتحاد الأوروبي والقانون الدولي، وقالوا في مواقف منفصلة إنّ الإجراءات التي اتخذتها بيلاروسيا لا تعفي هذه البلدان من التزاماتها في مجال حقوق الإنسان.
ونبه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ خرق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبية لمعايير الاتحاد يجري بالفعل على نطاق واسع، إذ أحالت المفوضية الأوروبية المجر والتشيك وبولندا إلى محكمة العدل الأوروبية لعدم الامتثال لالتزاماتها القانونية بشأن نقل المهاجرين وطالبي اللجوء.
وفي إطار ذلك، فإنّه من غير المفاجئ أن تدفع “التشيك” التي تترأس مجلس الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي باتجاه اعتماد ما يسمى بـ”لائحة الاستغلال” قبل نهاية العام الجاري.
بدورها، قالت الباحثة في شؤون الهجرة واللجوء لدى الأورومتوسطي “ميكيلا بولييزي” إن “مقترح المفوضية لن يكون جديدًا إذا كان قائمًا على نفس الخطابات القديمة وغير الضرورية التي تأتي استجابة لحالات الطوارئ، والتي أججت بفعل التكرار المعتاد للروايات المستهلكة التي تركّز بشكل خاص على الأمن القومي والنظام العام”.
وأكدت أن “الإجراءات التي تتخذها الدول الثالثة وتُعد تهديدًا للاتحاد الأوروبي يجب أن تُقابل بتدابير سياسة موجهة نحو حكومات هذه الدول بدلاً من الإضرار بالأشخاص الذين يسعون إلى الحماية، والذين سيكونون أول ضحايا هذه الإجراءات”.
وأضافت أنه “لا ينبغي استخدام المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين كأداة سياسية لزعزعة استقرار أوروبا، هذا في حال لم يُستخدموا كسلاح أو يُجرّدوا من إنسانيتهم في المقام الأول”.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء إلى إنهاء جميع محاولات شرعنة عمليات الصد والإرجاع والمواجهات السياسية غير الإنسانية على الحدود، واحترام القانون الدولي والقانون الأوروبي وحمايتهما وتطبيقهما، ولا سيما مبدأ عدم الإعادة القسرية وحظر الطرد التعسفي والجماعي وحق المهاجرين وطالبي اللجوء في طلب الحماية والحصول على إجراءات لجوء فردية.