استهداف إسرائيلي مباشر لتجمعات المدنيين في طوابير المساعدات
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تصعيد عدوانها على قطاع غزة، من خلال استهداف مباشر لتجمعات المدنيين في طوابير المساعدات الإنسانية، في مشهدٍ يُجسّد إحدى أخطر صور الانتهاكات المركّبة ضد السكان المحاصرين.
ففي أحدث الهجمات، قُتل اليوم الأحد 12 مدنيًا فلسطينيًا وأُصيب عدد آخر، خلال انتظارهم المساعدات الإغاثية شمالًا وجنوبًا. وأفادت مصادر طبية وشهود عيان بأن 10 أشخاص استُشهدوا في قصف استهدف تجمعًا قرب نقطة توزيع المساعدات في منطقة السودانية شمال قطاع غزة، فيما قُتل مدنيان آخران في قصف مماثل استهدف منطقة “الشاكوش” شمال مدينة رفح جنوبي القطاع.
وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا فإنه رغم وضوح مواقع هذه التجمعات، وقربها من مناطق توزيع معروفة تخضع للرقابة، إلا أن قوات الاحتلال واصلت استهدافها بشكل متكرر، ضاربة بالقانون الدولي الإنساني عرض الحائط، ومتجاهلة حرمة حماية المدنيين خلال حالات الطوارئ الإنسانية.
ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، فإن عدد من استُشهدوا أثناء انتظار أو استلام المساعدات منذ بداية الحرب ارتفع إلى 891 قتيلاً، بينما تجاوز عدد الجرحى 5,754 مصابًا، معظمهم من النساء والأطفال.
وتشير الوقائع إلى أن هؤلاء الضحايا لم يسقطوا في ميادين قتال، بل سقطوا وهم يبحثون عن الطعام والماء، في طوابير أمام شاحنات المساعدات أو مخابز متنقلة.
خبراء القانون الدولي يعتبرون هذا النمط من الهجمات “جريمة مركّبة”، لأنها تجمع بين الحرمان المتعمّد من الغذاء واستهداف المدنيين خلال محاولاتهم تأمين الحد الأدنى من البقاء، ما يشكّل انتهاكًا فاضحًا لاتفاقيات جنيف.
وفي تطور ميداني موازٍ، واصل جيش الاحتلال تنفيذ سياسة التهجير القسري، حيث وجّه، صباح الأحد، إنذارًا لإخلاء مناطق سكنية واسعة في دير البلح وسط القطاع.
ودعا جيش الاحتلال، السكان في البلوكات 130، 132–134، 136–139، و2351، بمن فيهم النازحون في الخيام، إلى المغادرة “فورًا” باتجاه منطقة المواصي جنوبًا.
وتأتي هذه الإنذارات وسط مؤشرات على عملية برية جديدة محتملة، دون توفير ممرات إنسانية آمنة أو أي بدائل سكنية، مما يُضاعف معاناة عشرات آلاف النازحين، ويُهدد بحدوث موجات نزوح إضافية في ظل ظروف إنسانية متدهورة.
وبحسب وزارة الصحة، فقد بلغت حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 حتى الآن نحو 58,765 شهيدًا و140,485 مصابًا، في وقت تعاني فيه المستشفيات من شبه انهيار، نتيجة نقص الوقود والمستلزمات الطبية، واستمرار إغلاق المعابر لليوم الـ140 على التوالي.
ما يجري، وفق مراقبين وحقوقيين، لا يندرج ضمن العمليات العسكرية التقليدية، بل يعكس سياسة ممنهجة لإبادة جماعية، تستخدم فيها إسرائيل أدوات القتل والتجويع والتهجير القسري لإخضاع السكان، وسط صمت دولي مريب، يُفسّر بأنه أقرب إلى التواطؤ بالصمت مع جريمة إبادة متواصلة ضد أكثر من 2.4 مليون إنسان، بينهم أكثر من 1.1 مليون طفل.