“ووتش” تطالب المانحين بالضغط على وزارة التعليم اللبنانية لتحسين الوصول والشفافية
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – طالب “مركز الدراسات اللبنانية” و”هيومن رايتس ووتش” الحكومات المانحة معالجة أزمة التعليم غير المسبوقة في لبنان في مؤتمر التمويل الذي سيُعقد في 10 مايو/أيار 2022 في بروكسل.
كانت المدارس الرسمية التي تضم مئات الآلاف من الطلاب اللبنانيين والسوريين مغلقة إلى حد كبير خلال السنوات الدراسية الثلاث الماضية.
على المانحين في المؤتمر الإنساني السنوي لسوريا والدول المضيفة للاجئين السوريين الضغط على لبنان لتغيير السياسات التي تحول دون وصول المساعدات إلى المدارس والطلاب.
يشمل ذلك اعتياد البنك المركزي على الاحتفاظ بمعظم قيمة المساعدات الإنسانية من خلال التلاعب بأسعار صرف العملة عند وقت سحب هذه المساعدات.
على وزارة التربية والتعليم نشر بيانات عن التحاق وحضور الطلاب في المدارس وأن تضع حدا للقيود المفروضة على التحاق الطلاب اللاجئين فيها.
ينبغي للمانحين أن يجتمعوا بانتظام مع ممثلين عن المعلمين اللبنانيين المُضربين عن العمل معظم العام الدراسي احتجاجا على أجورهم.
قالت الدكتورة “مها شعيب“، مديرة مركز الدراسات اللبنانية: “جمع المانحون أكثر من مليار دولار من المساعدات الإنسانية للتعليم في لبنان على مدى خمس سنوات، لكننا شهدنا كارثة تعليمية متفاقمة كان يمكن تجنبها”.
واضافت “شعيب”: “ينبغي أن تكون “المساءلة” شعار مؤتمر بروكسل”.
وفقا لعمليات رصد إنسانية، أُغلقت المدارس إلى حد كبير منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019، في أعقاب المظاهرات ضد الفساد الحكومي، وانفجار ميناء بيروت، وتفشي فيروس “كورونا”، وتزايد الكراهية للأجانب، وإضرابات المعلمين الذين خفضت الأزمة الاقتصادية رواتبهم بـ 90%.
في العام الدراسي 2021-2022، فُتحت المدارس الرسمية 34 يوما فقط حتى 31 مارس/آذار، بما في ذلك الأيام التي كانت فيها المدارس «تعمل بنصف قدرتها».
بحسب الوكالات الإنسانية المعنية بالتعليم، كان ما لا يقل عن 700 ألف من أصل مليوني طفل في سن الدراسة في لبنان خارج المدرسة خلال العام الدراسي السابق. في بعض المناطق، ارتفعت معدلات عمالة الأطفال إلى 45%.
التعليم الابتدائي إلزامي بموجب القانون اللبناني و”اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل”.
وعدت الحكومات المانحة ولبنان في 2016 بحصول جميع الأطفال اللاجئين السوريين على التعليم، لكن الأهداف تقلصت إلى هدف تسجيل 202 ألف فقط من أصل 715 ألف طفل سوري في سن الدراسة هذا العام.
أكثر من 80% من الفتيات والنساء السوريات (15 إلى 24 عاما) لا يحصلن على أي شكل من أشكال التعليم أو التدريب أو العمل.
من 2017 حتى 2021، قدم المانحون أكثر من 1.12 مليار دولار لبرامج التعليم المدرجة في “خطة لبنان للاستجابة للأزمة”، والتي توجه الاستجابة الإنسانية الدولية لـ 1.5 مليون لاجئ سوري فروا إلى لبنان بعد 2011.
تم توجيه أكثر من نصف هذه الأموال إلى وزارة التربية والتعليم اللبنانية.
لكن المانحين يحوّلون الأموال بالدولار الأمريكي إلى البنك المركزي اللبناني، الذي يأخذ معظم قيمة المساعدات قبل أن تصل إلى المستفيدين منها من خلال تحديد أسعار صرف منخفضة بشكل مصطنع لعمليات السحب بالليرة اللبنانية.
في ديسمبر/كانون الأول 2021، كان سعر الصرف المعتمد من البنك المركزي 8 آلاف ليرة لبنانية للدولار الواحد، بينما تراوح سعر الصرف في السوق بين 25 ألف و30 ألف ليرة لبنانية، بل في الأشهر السابقة كان سعر الصرف المعتمد من البنك المركزي أقل.
حيث كان 3,900 ليرة لبنانية. بحسب تقارير، تفاوض بعض المانحين الإنسانيين للحصول على أسعار صرف أفضل قليلا.
قال مركز الدراسات اللبنانية وهيومن رايتس ووتش إن على المانحين الضغط على لبنان لرفع القيود المفروضة على السحب المصرفي للمدارس.
صرّح بعض مدراء المدارس إنهم لا يستطيعون سحب أكثر من 3 ملايين ليرة لبنانية شهريا، أي ما يساوي نحو 110 دولارات، مما يترك المدارس غير قادرة على دفع تكاليف الكهرباء أو الوقود أو أجور عمال النظافة، رغم دعم المانحين.
قال أحد المديرين: “لا كهرباء، ولا إنترنت، ولا مال”. أضرب المعلمون ضد تحديد سقف السحوبات بالإضافة إلى عدة شكاوى أخرى، في 27 أبريل/نيسان”.
ينبغي لوزارة التربية والتعليم أن تنشر بانتظام بيانات عن تسجيل الطلاب وحضورهم وتسربهم من الدراسة.
تدير الوزارة “نظام إدارة المعلومات المدرسية” الممول من المانحين والذي يمكنه تتبع الحضور اليومي لكل طالب، لكنها لم تنشر أي بيانات، وهو أمر بالغ الأهمية للتخطيط للتعليم.
قال خبير تربوي في إحدى جماعات الإغاثة: “كيف تخطط لبرامج الاستلحاق بعد ثلاث سنوات لم تشهد سوى القليل من التعليم المدرسي عندما لا نعرف نسب التسرّب أو التعلّم في كل منطقة، أو تأثير خسائر التعلّم على النتائج؟”.
يرتبط التسجيل أيضا بالتمويل، حيث يمنح المانحون لبنان مبلغا محددا بالدولار لكل طالب سوري مسجل في المدارس الرسمية.
وجد تقرير إخباري استقصائي في مايو/أيار 2020 أن عدد الأطفال السوريين الملتحقين بالمدارس أقل مما ذكرته وزارة التربية والتعليم، مما تركها مع فائضا لا يقل عن 7 ملايين دولار من تمويلات المانحين للطلاب السوريين في العام الدراسي 2019-2020.
لأول مرة، تخطط وزارة التربية والتعليم في 2022 لتزويد المانحين بميزانيتها الكاملة بما في ذلك جميع الأموال الواردة والنفقات، حسبما قال مسؤولون مطلعون على القضية لمركز الدراسات اللبنانية وهيومن رايتس ووتش.
ينبغي نشر هذه البيانات علنا. يتعين على المانحين مواصلة النظر في سبل لتقديم الأموال مباشرة إلى لمدارس بغية تجنب التأخيرات والفساد.
ينبغي لمسؤولي الحكومات المانحة أن يعقدوا اجتماعات منتظمة مع ممثلي المعلمين في لبنان، الذين لا تزال شكاواهم بلا حلول.
قال المعلمون إن معظم معلمي المدارس الرسمية يعملون بعقود مؤقتة مقابل مبلغ يتراوح بين 1.50 و2.50 دولار (40 ألف -68 ألف ليرة لبنانية) في الساعة، بينما يتقاضى المعلمون بعقود دائمة عادة ما بين 45 إلى 95 دولار (1.5 – 2.5 مليون ليرة) شهريا في المدارس الابتدائية والثانوية.
بالإضافة إلى ذلك، قال بعض المعلمين المتعاقدين إنهم تلقوا أجورهم متأخرة أو بقوا أشهرا بدون أجور في أواخر 2021 وأوائل 2022.
تتضمن استجابة الحكومة على إضرابات المعلمين الآن “حوافز” مثل دعم النقل و90 دولار شهريا على شكل “مساعدات اجتماعية”.
لكن المعلمين أعربوا عن عدم ثقتهم في أن وزارة التربية والتعليم خصصت تمويل المانحين بشكل عادل، وقالوا إنهم سبق أن وعِدوا بزيادة أجورهم لكن الوعد لم يتحقق.
هناك حاجة إلى أن يدعم المانحون المعلمين حتى يحصلوا على أجور مناسبة تكفيهم للعيش، ولتجنب المزيد من الانقطاعات بعد سنوات من التعلّم المهدور.
في أواخر أبريل/نيسان، طالب المعلمون بتخفيض الأسبوع الدراسي من خمسة إلى ثلاثة أيام وإنهاء العام الدراسي مبكرا بسبب عدم كفاية أجورهم.
خفّضت وزارة التربية والتعليم المناهج الدراسية بـ 50% للسنة الثانية على التوالي. لكنها لم تقدم خطة تعالج تأثير إضرابات المعلمين المستمرة بعد سنوات من التعلّم المهدور، حسبما قال المعلمون وجماعات الإغاثة المعنية بالتعليم.
يعتقد جميع معلمي المدارس الرسمية الـ 217 تقريبا الذين شملهم استطلاع أجراه مركز الدراسات اللبنانية في فبراير/شباط أن الإضرابات هي التحرك الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى تغيير.
أخيرا، يتعين على المانحين الضغط على وزارة التربية والتعليم لإزالة الحواجز التي تحول دون التعليم، خاصة بالنسبة للطلاب اللاجئين.
زعمت الوزارة أن جميع الأطفال اللاجئين يمكنهم التسجيل لكنها لم تعط تعليمات واضحة لمديري المدارس بقبول جميع الطلاب السوريين الذين يسعون إلى التسجيل أو السماح للطلاب السوريين بخوض الامتحانات الرسمية وتلقي درجاتهم.
نتيجة لذلك، رفض مديرو المدارس بشكل تعسفي الطلاب السوريين لأنهم يفتقرون إلى بعض الوثائق التي يمتلكها عدد قليل جدا منهم، مثل الإقامة القانونية في لبنان.
بحسب خبير تربوي في إحدى الوكالات الإنسانية: “قرار بسيط من وزارة [التربية والتعليم] يطالب بقبول جميع الأطفال وفرض اختبارات تحديد المستوى فقط حسب الحاجة، يمكن أن يُحل هذه المشاكل مستقبلا”.
وفقا لعمليات رصد المدارس، رفض مديرو المدارس تسجيل الأطفال السوريين وزعموا أن مدارسهم كانت «ممتلئة»، رغم أن معظم المدارس كانت لديها القدرة على قبول المزيد من الطلاب في ذلك الوقت.
أغلقت مدارس أخرى خلال فترة التسجيل بسبب إضرابات المعلمين. قال أحد العاملين في مجال الإغاثة إن بعض العائلات السورية “تذهب إلى مدرسة، ثم أخرى، وعند الوصول للثالثة تستسلم” محاولة تسجيل أطفالها.
قالت جماعات إنسانية إن نظام الشكاوى الذي تدعمه “الأمم المتحدة” بشأن مشاكل التسجيل أثبت أنه غير فعال لأن وزارة التربية والتعليم لا تكشف كيف استجابت للشكاوى أو حتى إن كانت استجابت.
تقول الجماعات الإنسانية التي تدير برامج التعليم غير الرسمية إن الوزارة لم تذكر بعد ما إذا كانت ستسمح لهؤلاء الطلاب بالانتقال إلى التعليم الرسمي أو كيف ستقوم بذلك.
في السنوات الماضية، استغرق تقديم مثل هذه الإرشادات أشهر أو لم تُقدّم على الإطلاق. قال مسؤول في إحدى جماعات الإغاثة في مارس/آذار: «بدأت العمل على التعليم في 2014 وكنا ننتظر [التوجيه] حينها، وما زلت أنتظر».
قال مركز الدراسات اللبنانية وهيومن رايتس ووتش إنه ومع الانهيار الاقتصادي في لبنان، أصبح التمويل الأجنبي للتعليم أكثر أهمية من أي وقت مضى، مع ذلك تراجعت المساعدات الإنسانية للتعليم منذ 2018.
تبلغ ميزانية التعليم في الخطة الإنسانية 2022 الممولة من المانحين للبنان 182 مليون دولار، أي أعلى من ميزانية التعليم المخطط لها للبنان بأكملها والتي تبلغ 125 مليون دولار (3.39 تريليون ليرة).
قال “بيل فان إسفيلد“، مدير مشارك في قسم حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: “لا يستطيع الأطفال في لبنان تحمل سرقة سنة تعليمية أخرى منهم بسبب تخبط الحكومة ولا مبالاة المجتمع الدولي بالنتائج السيئة”.
وأضاف “إسفيلد”: “على الأقل، يتعين على المانحين في مؤتمر بروكسل وضع الخطوات المحددة التي يتعين على السلطات اللبنانية اتخاذها لإعمال الحق في التعليم في لبنان”.