تعهدات دولية بدعم لبنان ومطالب بتحقيق شفاف في انفجار مرفأ بيروت
قالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، إن عقد مؤتمر للمانحين لتعزيز الدعم إلى لبنان بعد عام من انفجار مرفأ بيروت، يمثل “فرصة فريدة” لتجديد الالتزام تجاه البلاد ومنع وقوع كارثة إنسانية.
وعقد أمس مؤتمر لدعم سكان لبنان، بدعوة مشتركة من رئيس الجمهورية الفرنسية “إيمانويل ماكرون” والأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش”، في ذكرى الانفجار الذي وقع العام الماضي في الرابع من آب/أغسطس وخلف أكثر من 200 قتيل وآلاف النازحين.
وشاركت في المناقشات ثلاث وثلاثون دولة وثلاث عشرة منظمة دولية و5 ممثلين عن المجتمع المدني اللبناني.
وقد أعلن بيان ختامي صادر عن الرئاسة الفرنسية والأمم المتحدة، أن “المشاركين استجابوا لنداء الأمم المتحدة الإنساني للحصول على 357 مليون دولار للأشهر الـ 12 المقبلة، وتعهدوا بتقديم دعم مالي بقيمة إجمالية في حدود 370 مليون دولار، والتي ينبغي أن تضاف إليها مساعدات عينية كبيرة.”
والهدف على وجه الخصوص هو تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا في مجالات الأمن الغذائي والمياه والصرف الصحي والصحة والتعليم.
وأعلن الرئيس الفرنسي تقديم مساعدات إلى لبنان لدعم العائلات والتلامذة والقطاع التربوي. وقال إن بلاده سترسل إلى لبنان غدا “شحنة إضافية من الأدوية”، مؤكدا أن “فرنسا ستساهم بإعادة إعمار مرفأ بيروت”. كما سترسل فرنسا 500 ألف جرعة من لقاحات كورونا للبنان.
وبحسب ما ورد على موقع تويتر الرسمي للرئاسة اللبنانية، أعلن الرئيس الأميركي “جو بايدن” تعهد بلاده بمنح 100 مليون دولار كمساعدات إنسانية إضافية للبنان.
وأعلن رئيس وزراء كندا، “جاستن ترودو”، أن بلاده سوف تمنح لبنان إضافة إلى المساعدات السابقة، مساعدة بقيمة 20 مليون دولار عبر الصندوق المالي الذي أنشأه البنك الدولي بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وجدد الرئيس اللبناني “ميشيل عون” شكره لمنظمي المؤتمر الذي أرادوه في “لفتة معبّرة، متزامناً مع الذكرى السنوية للانفجار”.
وأضاف عبر موقع تويتر: “الشكر للرئيس الصديق إيمانويل ماكرون وللأمين العام للأمم المتحدة والشكر أيضاً لجميع الرؤساء والقادة والمسؤولين الحاضرين ولكل من يساهم بمؤازرة لبنان في أزمته.. إن لبنان يعوّل عليكم فلا تخذلوه”.
وأضاف “عون”: “بعد مرور اثني عشر شهرا، ما زالت أفكارنا مع عائلات الضحايا والناجين وجميع المتضررين”، كما قالت السيدة محمد في كلمة ألقتها بالنيابة عن الأمين العام، أمام التجمع الافتراضي، مضيفة أننا “نواصل التأكيد على الحاجة إلى تحقيق محايد وشامل وشفاف في الانفجار”.
من جهته وصف الرئيس الفرنسي أزمة لبنان بأنها ثمرة فشل جماعي، قائلا إن “كل الطبقة السياسية اللبنانية مسؤولة عن الأزمة. الطبقة السياسية اللبنانية مسؤولة جميعها عن الوضع المأساوي”.
وفي كلمته ذكّر ماكرون بأن “الشعب اللبناني ينتظر نتائج التحقيق بالمرفأ”، مشيرا إلى فرنسا مستعدة لتقديم “التعاون التقني”.
وفي كلمته أمام المؤتمر، قال الرئيس اللبناني “ميشيل عون”، إنه سبق والتزم أمام اللبنانيين “بتحقيق العدالة وبمحاسبة كل من يثبت التحقيق تورطه”.
وكرر اليوم التزامه مؤكدا “أن لا أحد فوق سقف القانون مهما علا شأنه، وليذهب القضاء إلى النهاية في التحقيق والمحاكمات، حتى تبيان الحقائق وتحقيق العدالة المنشودة”.
يشهد لبنان واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخه الحديث، مع انهيار الاقتصاد وعدم الاستقرار السياسي وسكانه المعوزين حيث يعيش أكثر من نصف اللبنانيين الآن في فقر.
وتستضيف البلاد أيضا عشرات اللاجئين السوريين والفلسطينيين، الذين يحتاجون بشكل متزايد، إلى جانب العائلات المحلية، إلى المساعدة الطارئة لتلبية احتياجاتهم. وأدت جائحة كوفيد-19 إلى مزيد من الضغط على النظام الصحي وأثرت بشكل كبير على الاقتصاد.
بالإضافة إلى هذه الأزمات المتراكمة، فإن لبنان بلا حكومة منذ عام. وقد أعربت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة عن أملها في تشكيل سريع لإدارة برئاسة رئيس الوزراء المكلف، “نجيب ميقاتي”.
وفي كلمتها أمس، أوضحت نائبة الأمين العام “أمينة محمد” كيف دعمت الأمم المتحدة وشركاؤها لبنان في أعقاب الانفجار، بدءا من تعبئة المساعدة الطارئة وإعادة توصيل المياه، إلى إجراء الإصلاحات الأساسية في المستشفيات والمدارس. أخبرت المانحين أنه بفضل دعمهم، يمكن عمل المزيد.
وقالت “أمينة محمد”: “لدينا اليوم فرصة فريدة لتجديد التزامنا وتوليد مساعدة مالية أساسية فورية للشعب في لبنان لمنع وقوع كارثة إنسانية”.
واستطردت “محمد” قائلة “إن جهود الطوارئ وحدها لن تحل الأزمة، مشيرة إلى الحاجة إلى تعافي طويل الأمد يركز على التنمية المستدامة”.
وقالت أيضاً: “يستحق الشعب اللبناني مؤسسات قوية يمكنها تقديم الإغاثة والعدالة والإنصاف – وحكومة مصلحة وطنية يمكنها اتباع مسار طموح للإصلاحات واستعادة الاستقرار والنمو وآفاق مستقبل ديمقراطي، توفر الفرص وتستفيد من الإمكانيات الكاملة لشباب لبنان من نساء ورجال”.
وفي هذا السياق أوضح الرئيس الفرنسي في كلمته أنه لم يتم الوفاء بأي التزام وأن لبنان يستحق أكثر من ذلك، قائلا: “يجب تشكيل حكومة وإيجاد تسويات وتطبيق خارطة الطريق”.
وشدد على أن “مؤتمر اليوم إنساني ولن يكون هناك شيك على بياض”، مشيرا إلى أن فرنسا اتخذت “تدابير صارمة ضد السياسيين اللبنانيين الفاسدين”.
وقد تم تطوير إطار للإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار يركز على الناس، والمعروف باسم 3RF. ويأتي هذا الإطار بدعم من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والأمم المتحدة، بالتشاور مع جميع أصحاب المصلحة.
وقالت “أمينة محمد: “إن هذا الإطار يرتكز على المشاركة والشفافية والمساءلة والإدماج والعدالة الاجتماعية والشراكات”.
وفي هذا السياق أكد كل من سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان، رالف طراف؛ ونائبة المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية، نجاة رشدي؛ والمدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي، ساروج كومار جها، التزامهم بمساعدة الشعب اللبناني.
غير أنهم أشاروا في مقال قبيل مؤتمر اليوم، إلى أن “جهودهم تبقى ذات فائدة محدودة، ما لم تشهد البلاد تحولاً حقيقياً في ادارة الحكم.”
وأكد المقال المشترك أن الانتخابات المقبلة توفر فرصةً فريدةً للشعب لإيصال صوته ولإطلاق مسيرة التغيير التي يدعو إليها. “لكن يجب أن يبدأ التغيير اليوم.”
فالبلاد، بحسب المسؤولين عن إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار، في أمسّ الحاجة إلى حكومة قادرة على إدارة الأزمة، تعمل مع مجلس النواب لإحراز تقدم في الإصلاحات. وشددوا على أن أوان العمل قد حان مشيرين إلى أهمية كلّ يومٍ يمضي.
وختموا مقالهم قائلين “إنّ يدنا ممدودة لكلّ من يُؤمن بهذا البلد. فلنعمل معاً من أجل لبنان أفضل، هذا البلد الجدير بشعبه العظيم.”
اقرأ أيضاً: لا يزال ضحايا انفجار مرفأ بيروت يتوقون للعدالة وسط “غياب مقلق” للشفافية والمساءلة