لبنان: استهداف فرق الإغاثة وطواقم الصليب الأحمر انتهاك خطير للقانون الدّولي الإنساني
بيروت – أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء استمرار الجيش الإسرائيلي باستهداف فرق الإغاثة والإسعاف في لبنان بنمط واضح ومتكرر في انتهاك خطير لقواعد القانون الدولي، لا سيما القانون الدولي الإنساني. فبعد شن العديد من الهجمات العسكيرة ضد أطقم الإسعاف والإغاثة بشكل مباشر، لا سيّما تلك التّابعة للهيئة الصحيّة الإسلاميّة، ومقتل ما لا يقل عن 120 عامل طبّي وإغاثي منذ بداية الهجوم على لبنان، يستمر الجيش الإسرائيلي باستهداف المسعفين ومركباتهم، في مناطق مختلفة في لبنان، متذرّعاً بحجّة نقلها “مخربين وأسلحة” بحسب الناطق بإسم الجيش الإسرائيلي لتبرير استهداف هذه الأعيان والأشخاص المحميين بموجب القانون الدّولي الإنساني، دون تقديم أي دليل كان.
وفي هذا الصّدد، شنّ الجيش الإسرائيلي غارةً، صباح يوم الأحد في 13 أكتوبر/تشرين أوّل 2024، على موكب إغاثة تابع للصليب الأحمر في بلدة صربين جنوب لبنان، ممّا أسفر عن جرح 4 من المتطوّعين. وجاء ذلك بعد أن كان الجيش الإسرائيلي قد استهدف منزلاً في البلدة بغارة أولى، ليعود ويستهدف الموقع نفسه بغارة ثانية بعد أن وصل موكب الصليب الأحمر الذي كان يبحث عن مصابين في محيط الغارة.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ هذا الاستهداف قد وقع رغم التنسيق المسبق الذي أجراه الصليب الأحمر لزيارة الموقع مع قوّات حفظ السّلام التّابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (اليونيفيل). وقد أعلنت منظّمة الصليب الأحمر أنّه وبالإضافة إلى الإصابات الأربع ضمن فريقها، ألحقت الغارة أضراراً بالمركبات التابعة لها.
كما استهدف الجيش الإسرائيلي، يوم الاثنين في 14 أكتوبر/تشرين أوّل 2024، جانب طريق وقت مرور شاحنتي مساعدات في منطقة رأس بعلبك، في حين كانت الشاحنات مكشوفة الحمولة وترفع أعلام الصليب الأحمر، وذلك بعد أن كانت القافلة قد حصلت على الموافقة والتغطية الأمميّة لإيصال المساعدات بحسب مصادر رسميَّة. وقد وثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إصابة سائق إحدى هذه الشاحنات وتم تكسير زجاج الشاحنتين جرّاء القصف. إنَّ هذا الاستهداف من قبل الجيش الإسرائيلي يعكس النمط ذاته المستخدم في قطاع غزة، ويُنذر بإمكانية أن تصبح شاحنات المساعدات هدفا مباشرا ومتكررا في المستقبل، تحت عناوين وحجج واهية.
وأكَّد المرصد الأورومتوسطي على وجوب احترام الصليب الأحمر الذي يتولّى مهمّة تخفيف المعاناة الإنسانية وتعزيز احترام حقوق الأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى باعتبارهم منظّمة محايدة وغير متحيزة، تقوم بتنفيذ العمل الإنساني في العمليات الميدانية التي تساعد وتحمي الأشخاص الذين لا يشاركون أو توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية، وضرورة حماية هؤلاء الأشخاص، مشيراً إلى أنّ ذلك ينطوي على اتّخاذ جميع الاحتياطات الممكنة للحد من تأثير الأعمال العدائية عليهم. مضيفاً أنّ ضمان حماية الطواقم الطبية والإغاثية وعدم عرقلة وصول المساعدات الإنسانيّة إلتزام أخلاقي وإنساني على الأطراف المتحاربة، إلى جانب كونه إلتزاماً قانونيًّا.
وأردف المرصد الأورومتوسطي أنَّ حماية وسائط النقل الطبي واجب قانوني نصّت عليه المادّة 35 من اتفاقية جنيف الأولى والمادّة 21 من اتفاقية جنيف الرابعة، وتوسّع نطاقه في المادّة 21 من البروتوكول الإضافي الأول ليغطي وسائط النقل الطبي المدنية، إضافةً إلى وسائط النقل الطبي العسكريّة، وفي كل الظروف.
وتوكّد القاعدة 29 من القانون الدّولي الإنساني العرفي على ذلك حيث تنص على أنّه يجب في جميع الأحوال احترام وحماية وسائط النقل الطبي المخصّصة للنقل الطبي دون سواه.
كما أن تعمّد توجيه الهجمات ضد الوحدات الطبية ووسائل النقل من مستعملي الشعارات المميّزة المبيّنة في اتفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي، من ضمنها الصليب الأحمر، وكذلك تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية، تشكل جرائم حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة، عدا عن كونها تشكل جرائم ضد الإنسانية باعتبارها من الجرائم التي يتم ارتكابها ضد المدنيين، وبخاصة القتل والتسبب عمداً في إحداث أذى خطير يلحق بالجسم الصحة البدنية، وتأتي في إطار الهجوم الواسع النطاق الذي تشنه إسرائيل ضد السكان المدنيين في لبنان.
ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدّولي لتنفيذ التزاماته بمتابعة احترام وتطبيق القانون الدّولي والقانون الدّولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان في فترات الحرب كما في فترات السلم، ووضع حد لجرائم الخطيرة التي ترتكب بحق المدنيين العزّل، بما في ذلك فرق الإسعاف والإغاثة الذين يقومون بنقل وإخلاء الجرحى، وبكفالة حريّة مرور جميع المهمّات الطبيّة والإنسانيّة لأنّ استهداف المدنيين وتعطيل وصول المساعدات والإغاثات لهم يشير إلى نيّة القتل العمد للمدنيين والأشخاص غير المعنيين بالقتال والأعمال العسكرية.