تفجيرات أجهزة البيجر وأجهزة لاسلكية في لبنان انتهاك صارخ للقانون الدولي

أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ تجاه تطورات التصعيد الخطير في لبنان عقب تفجير إسرائيل أجهزة بيجر وأجهزة لاسلكية في مناطق عدّة يومي الثلاثاء والأربعاء ما أسفر عن نحو 14 قتيلا بينهم طفلين، وإصابة نحو ثلاثة آلاف آخرين بحسب إحصائيات رسمية لبنانية.

 

وقال المرصد الأورومتوسطي إنّ هذا الهجوم لا يقتصر على عناصر حزب الله، بل أنّ إسرائيل قامت إبتفجير الأجهزة المستهدفة بشكل عشوائي دون تمييز، بما في ذلك تلك التي يستخدمها المدنيون.

 

وأشار إلى أن إسرائيل تعمدت شن هذه الهمات في الأوقات التي يتواجد فيها مستخدميها في منازلهم ومع عائلاتهم ممّا أدّى إلى وجود إصابات عديدة وقاسية في صفوف المدنيين، بما في ذلك الأطفال، وهذا يدلل على أن إسرائيل لم تتخذ الاحتياطات اللازمة، خلافا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني لتجنب إيقاع خسائر في أرواح المدنيين، أو إصابات بينهم، أو على الأقل تقليلها إلى الحد الأدنى.

 

وفي شهادة حصل عليها الأورومتوسطي من ليلى (اسم مستعار)، أن أحد أقاربها يحمل جهاز بيجر، وكان دخل إلى منزله الذي تقطن فيه زوجته وأولاده ووضع أغراضه في المكان المخصص، وبعد أن دخل بدقائق انفجر جهاز البيجر مما أدَّى إلى أضرار مادية كبيرة داخل منزله ولم يتعرض أحد من المنزل لأي جروح نظراً لكونهم كانوا في غرفة أخرى.

 

أمَّا جاد (اسم مستعار) فأوضح للمرصد أنَّهُ كان يمرّ في الشارع عند وقوع الانفجارات المتتالية والتي رآها بعينه كمشهد لا يرى إلا في الأفلام على حد وصفه، فرأى أكثر من عشرة أشخاص يتعرضون للانفجارات في مواقع مختلفة ضمن شارع واحد، وكانوا على مقربة من أشخاص آخرين أيضاً تعرضوا لجروح.

 

في حين أوضح سمير (اسم مستعار) أنَّ الانفجارات في أجهزة البيجر التي وقعت بالأمس طالت العديد من أقربائه وأصدقائه سواء الذين كانوا في منازلهم مع عائلاتهم أو الذين كانوا في مناطق مدنية كمحلات البقالة وغيرها، ومعظمهم تعرَّض لجروح جراء هذه الانفجارات، منهم من تعرض أحد أفراد عائلته المدنيين داخل المنزل لجروح، في حين أن اثنين من أصدقائه قد خسروا عيناهم الاثنتين وأيديهم الاثنتين.

 

واليوم الأربعاء أفادت مصادر لبنانية بوقوع موجة ثانية من الانفجارات بأنظمة الطاقة الشمسية داخل منازل ومنشآت أخرى في لبنان تزامنا مع انفجار الأجهزة اللاسلكية. فيما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية رسمية بأن الموجة الثانية تفجير أجهزت الاتصالات في لبنان استهدفت الشبكة البديلة لحزب الله بعد انفجار أجهزة الاستدعاء بالأمس.

 

ورأى المرصد الأورومتوسطي أنَّ ما قامت به إسرائيل اليوم وبالأمس يُشكِّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدّولي الإنساني الذي يحظر استهداف المدنيين وممتلكاتهم ويفرض على الأطراف المتحاربة التمييز بين المدنيين والمقاتلين في كل الأوقات. وهذا ما تؤكّد عليه القواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني واتفاقيّة جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين، ولوائح اتفاقيّة لاهاي الرابعة والمادّة 48 من البروتوكول الإضافي الأوّل.

 

كما أكَّد المرصد الأورومتوسطي أنّ القانون الدولي الإنساني يحظر الهجمات العشوائية التي لا تميّز بين الأهداف العسكرية والمدنيين، بما في ذلك الهجمات التي لا تستهدف أهدافاً عسكرية محددة أو التي تستخدم وسائل أو أساليب قتال غير قادرة على توجيهها نحو هدف عسكري محدد.

 

وشدد المرصد الأورومتوسطي على أنّ استخدام الأشراك الخداعيّة المعروفة بـ booby traps انتهاك للقانون الدّولي الإنساني العرفي الذي يحظر استخدام هذه الأشراك في القاعدة 80 منه والتي تنص صراحةً على أنّه “يحظر استخدام الأشراك الخداعية المتصلة أو المترافقة على أي نحو مع أشياء أو أشخاص مؤهلين لحماية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني، أو أشياء قد تجتذب المدنيين.”

 

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ هذه الانتهاكات تشكل كذلك تمثل خرقًا جسيمًا لحقوق الإنسان، حيث شملت جرائم قتل غير قانونية، كما تم استخدامها كأداة لتحقيق أهداف سياسية ممّا يتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان التي تحظر العنف ضد الأفراد غير المتورطين في النزاع وتفرض عدم تعريض سلامتهم الشخصيّة والسلامة العامة للخطر.

 

ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدّولي إلى إجراء تحقيق فوري ومستقل في هذه الهجمات، والضغط على إسرائيل لوقف جرائمها وحماية أرواح وحقوق المدنيّين ومنع التصعيد في المنطقة.

قد يعجبك ايضا