هيومن رايتس ووتش: إعدامات وتعذيب أثناء الاحتلال الروسي في كييف ترتقي لحد جرائم حرب

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن القوات الروسية، أخضعت المدنيين في كييف وتشيرنيهيف لعمليات إعدام دون محاكمات.

وأضافت المنظمة أن القوات الروسية قامت بتعذيب المدنيين والعديد من الانتهاكات الجسيمة التي قد ترقي إلى جرائم حرب.

وأكدت هيومن رايتس ووتش أنها حققت في 22 حالة إعدام خارج القضاء على ما يبدو، وتسع عمليات قتل غير قانونية أخرى. هذا بالإضافة إلى ست حالات اختفاء قسري محتملة، وسبع حالات تعذيب.

وصف 21 مدنيا الحبس غير القانوني في ظروف لاإنسانية ومهينة.

قال “جيورجي غوجيا”، المدير المساعد لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: “الفظائع العديدة التي ارتكبتها القوات الروسية التي احتلت أجزاء من شمال شرق أوكرانيا في وقت مبكر من الحرب مرّوعة وقاسية وغير قانونية”.

وأضاف غوجيا”: “هذه الانتهاكات ضد المدنيين هي جرائم حرب واضحة ينبغي التحقيق فيها بشكل سريع ونزيه ومقاضاة مرتكبيها بشكل مناسب”.

قابلت هيومن رايتس ووتش 65 شخصا بين 10 أبريل/نيسان و10 مايو/أيار، بينهم محتجزون سابقون، وضحايا التعذيب، وعائلات الضحايا، وشهود آخرون.

وأضافت هيومن رايتس ووتش أنها فحصت أيضا أدلة مادية في المواقع التي حدثت فيها بعض الانتهاكات المزعومة. إضافة إلى الصور ومقاطع الفيديو التي شاركها الضحايا والشهود.

منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط، تورطت القوات الروسية في انتهاكات عديدة لقوانين الحرب. وصفتها المنظمة أنها قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

سبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش عشر عمليات إعدام دون محاكمة في بلدة بوتشا. والعديد من البلدات والقرى الشمالية الشرقية الأخرى أثناء احتلال القوات الروسية في مارس/آذار.

في واحدة من عمليات القتل الـ 22 الموثقة حديثا، في منطقة كييف، قالت “أناستاسيا أندرييفنا” إنها كانت في المنزل في 19 مارس/آذار عندما احتجز الجنود ابنها، “إيهور سافران” (45 عاما)، بعد أن عثروا على معطفه العسكري القديم.

في 31 مارس/آذار، بعد يوم من انسحاب القوات الروسية، وجدت “أناستاسيا أندرييفنا” جثة ابنها في حظيرة على بعد حوالي 100 متر من منزلها بعد أن تعرفت على حذائه الرياضي خارج باب الحظيرة.

وصف مدنيون احتجازهم من قبل القوات الروسية لأيام أو أسابيع في ظروف قذرة وخانقة في أماكن مثل قبو مدرسة. واستخدمت أماكن أخرى كغرفة في مصنع لتصنيع النوافذ، وحفرة في غرفة أجهزة التدفئة. ولم يتناولوا الا القليل من الطعام أو دون طعام، ومياه غير كافية، ودون توفر المراحيض.

في يهدنة، احتجزت القوات الروسية أكثر من 350 قرويا، بينهم ما لا يقل عن 70 طفلاً، خمسة منهم رضع. قامت باحتجازهم في قبو مدرسة لمدة 28 يوما، مما حد بشدة من قدرتهم على المغادرة ولو لفترة وجيزة.

كان الهواء قليلا ولم يكن هناك متسع للاستلقاء في الغرفة، وكان على الناس استخدام الدلاء بدلا من المراحيض.

قال أحد الأشخاص المحتجزين سابقا في المدرسة: “بعد أسبوع كان الجميع يسعلون بقوة”. وأضاف: “تقريبا كل الأطفال أصيبوا بحمى شديدة، وتشنجات من السعال، وكانوا يتقيؤون”.

قال آخر إن بعض الناس أصيبوا بقروح من الجلوس المستمر. مات عشرة من كبار السن.

في ديمر، احتجزت القوات الروسية عشرات من الأشخاص، معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي، لعدة أسابيع. ووضعوهم في غرفة مساحتها 40 مترا مربعا في مصنع نوافذ في البلدة. ولم يتلقوا سوى القليل من الطعام والماء، ودلاء بدلا من المراحيض.

وثقت هيومن رايتس ووتش سبع حالات تعذيب قام فيها الجنود الروس بضرب المحتجزين. وأكدت ووتش استخدام الصدمات الكهربائية، أو إيهامهم بتنفيذ عمليات إعدام لإكراههم على الإدلاء بمعلومات.

قال رجل كان معصوب العينين: “وضعوا بندقية على رأسي ولقموها وسمعت ثلاث طلقات”. وأضاف: “كان بإمكاني سماع سقوط أغلفة الرصاص على الأرض، واعتقدت أن تلك نهايتي”.

وثقت هيومن رايتس ووتش تسع حالات أطلقت فيها القوات الروسية النار على مدنيين وقتلتهم دون مبرر عسكري واضح.

بعد ظهر يوم 14 مارس/آذار، مثلا، عندما كانت قافلة روسية تمر عبر قرية موكناتين، شمال غرب تشيرنيهيف، قتل جنود بالرصاص شقيقين توأمين (17 عاما) وصديقهما (18 عاما).

قال جميع الشهود الذين قابلناهم إنهم مدنيون لم يشاركوا في القتال. باستثناء ضحيتي تعذيب قالا إنهما عضوان في وحدة دفاع إقليمية محلية.

جميع أطراف النزاع المسلح في أوكرانيا ملزمة بالتقيد بالقانون الدولي الإنساني، أو قوانين الحرب، بما في ذلك “اتفاقيات جنيف” لعام 1949، و”البروتوكول الإضافي الأول” لاتفاقيات جنيف، والقانون الدولي العرفي.

تخضع القوات المسلحة المتحاربة التي تسيطر فعليا على منطقة ما لقانون الاحتلال الدولي الوارد في “اتفاقية لاهاي لعام 1907” واتفاقيات جنيف.

يجب تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” و”الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان”، في جميع الأوقات.

تحظر قوانين الحرب الهجمات على المدنيين والإعدام خارج القضاء والتعذيب والاختفاء القسري والحبس غير القانوني. وتحظر قوانين الحرب أيضاً المعاملة اللاإنسانية للمحتجزين.

كما تحظر سلب الممتلكات ونهبها. يُسمح باعتقال المدنيين أو تفرض عليهم إقامة جبرية بشكل استثنائي “لأسباب أمنية قهرية”.

الطرف الذي يحتل الأراضي في النزاع مسؤول بشكل عام عن ضمان توفير الغذاء والماء والرعاية الطبية للسكان الخاضعين لسيطرته، وتسهيل المساعدة من قبل وكالات الإغاثة.

أي شخص يأمر بارتكاب أو يرتكب انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب بقصد إجرامي، أو يساعد في الانتهاكات ويحرض عليها، مسؤول عن ارتكاب جرائم حرب.

قادة القوات الذين علموا أو كان لديهم سبب لمعرفتهم بهذه الجرائم. لكنهم لم يحاولوا منعها أو معاقبة المسؤولين عنها يتحملون المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب بسبب مسؤولية القيادة.

طالبت هيومن رايتس ووتش روسيا وأوكرانيا التزامات بموجب اتفاقيات جنيف بالتحقيق في جرائم الحرب المزعومة. وبالإخص الجرائم التي ارتكبتها قواتهما أو على أراضيهما.

وطالبت المنظمة بمحاكمة المسؤولين عنها بشكل مناسب. ينبغي أن يحصل ضحايا الانتهاكات وأسرهم على تعويض سريع وكاف.

ودعت المنظمة الحقوقية السلطات الأوكرانية لاتخاذ خطوات للحفاظ على الأدلة التي قد تكون حاسمة لمحاكمات جرائم الحرب في المستقبل.

حيث طالبت بتطويق مناطق القبور حتى يتم إجراء عمليات استخراج الجثث. اصافة إلى التقاط صور للجثث والمنطقة المحيطة بها قبل الدفن.

ويمكن أن يساعد تسجيل أسباب الوفاة المحتملة، وتسجيل أسماء الضحايا وتحديد الشهود في تثبيت جرائم الحرب.

ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات الأوكرانية إلى البحث عن المواد التي ربما تكون القوات الروسية قد تركتها وراءها.

قال “غوجيا”: “من الواضح أن المدنيين الأوكرانيين في المناطق التي احتلتها القوات الروسية عانوا من محن مروعة”.

وأضاف: “قد لا تأتي العدالة بسرعة، لكن ينبغي اتخاذ جميع الخطوات لضمان أن يحصل أولئك الذين عانوا على العدالة يوما ما”.

قد يعجبك ايضا