كيف تحمي المؤسسات حقوق الموظفين خلال العمل عن بُعد بواقعنا الالكتروني؟

مع استمرار تفشي فيروس كوفيد-19 في مزيدٍ من البلدان وتجذّره في البلدان التي كان قد وصل إليها مسبقًا، يتزايد عدد الأشخاص الذين يعملون من المنزل أو يعتمدون على تقنيات الإنترنت والمنصات الإلكترونية في ممارسة أعمالهم.

هذا التوجه الذي يعتقد العديد من الخبراء أنه سيكون طويل الأمد أو دائمًا إلى حد ما، يطرح تحدياتٍ تتعلق بساعات العمل المعقولة، وظروف العمل، وحقوق الخصوصية، وغيرها من القضايا؟

وعليه، تبقى هناك حاجة إلى توجيهات محددة لضمان سلوك أخلاقي في العمل وحماية حقوق العاملين عن بعد.

1) عقود العمل: خلال العمل عن بعد، على الموظفين أن يتأكدوا من سريان عقودهم ووضوح وضعهم الوظيفي.

يحق للموظفين، بغض النظر عن مكان عملهم، الحصول على عقد يحدد بوضوح التزاماتهم، وساعات عملهم بما في ذلك كل ما يتعلق بساعات العمل الإضافي، والأجور في حال المرض وتحديد الإجازات الرسمية، وكيفية التعامل في حال إنهاء عقود العمل بما في ذلك الإشعار المسبق والتعويض.

فيجب ألا تتغير هذه الحقوق في حال عملهم عن بعد، وإنما يجب على الموظفين التيقظ لضمان عدم مخالفة أصحاب العمل لشروط عقودهم، وفي حال حدوث ذلك، فعليهم تقديم شكوى رسمية للسلطات المعنية في بلادهم؟

وعلى الشركات أن تستمر في دفع ذات التعويض الذي كان يحصل عليه الموظفون قبل عملهم عن بعد.

2) لا تتغير الحقوق القانونية لمجرد عمل الموظف عن بعد، ويشمل ذلك الحق في الحصول على عقد عمل، وعلى وجه التحديد الحق في الحصول على الأقل على الحد الأدنى الوطني للأجور، والعطل أثناء فترة الحمل، والإجازات مدفوعة الأجر، والتعويض في حالة إنهاء عقودهم لأسباب غير مبررة.

يجب ألا يقتطع أصحاب العمل أو يحيدوا عن أجر الموظفين المتفق عليه، كما هو مذكور في عقدهم، فغياب مثل هذه الضمانات يبرر تراجع أداء الموظفين.

3) الحق في الحصول على الموارد اللازمة: على أصحاب العمل تأمين حصول الموظفين على جميع الأدوات والموارد اللازمة، مثل أجهزة الحاسوب المحمولة وكاميرات الويب اللازمة لإتمام مهامهم عن بُعد، ولا يمكن للشركات إنهاء عقود موظفيها بسبب نقص هذه الموارد.

4) الممارسات غير التمييزية: بالرغم من أن العمل عن بعد قد يقلل من عدم المساواة أو الممارسات التمييزية التي تحدث وجهاً لوجه في مكان العمل، إلا أن الممارسات غير العادلة ما تزال حاضرة في كثير من الأحيان. لذا، عند تحديدها الموظفين المسموح لهم بالعمل عن بُعد، على الشركات أن تحرص على تجنب أي تمييز على أساس الجنس، أو العمر، أو الدرجة، وما إلى ذلك.

وبالمثل، عند اتخاذها قرارات متعلقة بالفصل عن العمل، أو الأهلية للحصول على إجازة مدفوعة الأجر، أو السماح بساعات عملٍ مخفضة، على الشركات ألا تحدد ذلك استنادًا على أساس الجنس، أو العرق، أو الإعاقة، أو الحالة الاجتماعية، أو غيرها من تلك المعايير. تشمل الممارسات غير التمييزية أيضًا الأجر المتساوي للعمل المتساوي.

5) الموظفون المسرّحون والممنوحون إجازات غير مدفوعة: على الشركات أن تولي اهتمامًا خاصًا بالموظفين الذين تم إنهاء خدماتهم أو يتم منحهم إجازات غير مدفوعة الأجر، فأولئك يحق لهم الحصول على تعويض تسريح بناءً على دخلهم السابق، كما يجب ضمان معاملتهم بشكلٍ متساوٍ مع غيرهم من الموظفين عند عودتهم، بما في ذلك عند العمل عن بعد.

6) ساعات العمل القصوى: تحدد القوانين الوطنية ساعات العمل، بما في ذلك في حال العمل عن بعد. فعلى سبيل المثال، لا يُسمح للموظف في المملكة المتحدة بالعمل أكثر من 48 ساعة أسبوعيًا.

ولكن في حال العمل عن بُعد، يتلاشى الخط الفاصل بين ساعات العمل والوقت الشخصي، لذا يجب إعلام الموظفين بالحد الأقصى لعدد ساعات العمل المتوقع إتمامها أسبوعيًا، وعدم مطالبتهم ببذل المزيد. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر فترات الراحة المنتظمة (خلال فترات العمل) غاية في الضرورة، لذا يجب السماح بها أيضًا.

7) الحماية القانونية والمعلومات المتعلقة بحقوق العمال: يجب أن تبقى هذه المعلومات في متناول الموظفين، بالإضافة لوجوب حصولهم على الخدمات ذات الصلة في حال العمل عن بُعد، وهذا يشمل وصولهم للنقابات العمالية المحلية دون اعتراض من أصحاب العمل.

8) حماية البيانات: يجب حماية الموظفين من انتهاكات الخصوصية والهجمات الإلكترونية المحتملة، حيث يتعرض الموظفون الذين يعملون من المنزل باستمرار للخطر أثناء استخدامهم شبكات الشركات عبر أجهزتهم الإلكترونية المنزلية.

وبالتالي، يجب على الشركات وضع سياسات تحمي بيانات موظفيها، كما يجب أن تضمن أن العمال على دراية بهذه السياسات وبحقوقهم القانونية في حال تسريب بياناتهم الشخصية أو مشاركتها بشكلٍ غير قانوني مع أطراف ثالثة.

تُنصح الشركات بضمان احتواء جميع الأجهزة الإلكترونية المقدمة لموظفيها على برامج مكافحة الفيروسات، وشبكاتٍ افتراضية خاصة محمية.

من المتوقع أن يكون للتوجه العالمي للعمل عن بعد تأثيرًا جوهريًا على الموظفين وأرباب العمل في البلدان النامية، بسبب تفاوت التقدم الرقمي بين دول العالم، حيث لن تتمكن الشركات متوسطة الحجم في دولٍ عدة، مثل بنغلاديش، ونيبال على سبيل المثال، من التكيف بسرعة مع التحول إلى العمل عبر الإنترنت مثل دول متقدمة كالمملكة المتحدة.

وبالتالي، سيستغرق هذا الأمر مزيدًا من الوقت ليتمكن كل من الشركات والموظفين من التكيف مع هذا الواقع الجديد، لذا يجب على الدول الأكثر تقدمًا تقديم المساعدات المالية للشركات في نظيراتها الأقل نموًا حتى يتسنى لها مواكبة التطورات التكنولوجية السريعة في ساحة الأعمال العالمية.

ولا شك أن التكيف مع الواقع الجديد في العمل عن بعد سيستغرق وقتًا طويلًا، لذا يجب على الشركات دعم موظفيها لضمان منفعةٍ متبادلة.

إضافة إلى ذلك، ستتطلب جائحة فيروس كورونا من الشركات إعادة تقييم سياساتها وعقود التوظيف الخاصة بها بشكلٍ شامل وضمان التزامها بالممارسات الأخلاقية.

فإن أولت الشركات القيم الأخلاقية في العمل اهتمامًا جوهريًا، يمكن أن يُحدث العمل عن بعد ثورةً إيجابية تضمن للموظفين حقوقهم وتسمح للشركات بالازدهار بأقل التكاليف.

اقرأ أيضاً: حسابات مدعومة من السعودية تشن حملات تحريض دون محاسبة من إدارة تويتر

قد يعجبك ايضا