منظمات حقوقية: هناك فرصة أخيرة لضمان محاكمة عادلة لكاشف انتهاكات “كأس العالم” قطر
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – طالبت “هيومن رايتس ووتش” و”فير سكوير” السلطات القطرية و”الاتحاد الدولي لكرة القدم” (الفيفا) الإصرار على محاكمة عادلة لكاشف انتهاكات في صلب تنظيم “كأس العالم 2022” في قطر.
يأتي ذلك في الوقت الذي تتجه القضية إلى محكمة الاستئناف النهائية القطرية.
يكشف تحليل حكم محكمة الاستئناف، التي أيدت إدانة “عبد الله ابحيص” في 15 ديسمبر/كانون الأول 2021، عن انتهاكات خطيرة لحقه في محاكمة عادلة، ما يضاعف انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة في محاكمته الابتدائية.
قالت هيومن رايتس ووتش: “رغم أن عبد الله ابحيص هو من يخضع للمحاكمة، إلا أن نظام العدالة القطري هو الذي يجب أن يخضع للتدقيق بعد مثل هذه الأحكام المنقوصة”.
وأضافت: “نظام العدالة القطري مسؤول ليس فقط عن حماية حقوق ابحيص، بل أيضا حماية حقوق الآلاف المرتبطين بكأس العالم”.
قال أفراد عائلة “ابحيص” لـ هيومن رايتس ووتش وفير سكوير إنه يعتزم استئناف إدانته بالرشوة أمام محكمة التمييز القطرية. هذا على أساس أن المحكمة استندت في إدانته إلى اعتراف معيب.
قال “ابحيص” سابقا إنه يعتقد أن القضية جاءت انتقاما منه لانتقاده الداخلي للتعامل مع إضراب العمال الوافدين في قطر في أغسطس/آب 2019. فُتِحت الدعوى بعدما زعم منظمو كأس العالم في قطر أن ابحيص قد مسّ بأمن الدولة.
أدين “ابحيص” بتهم الرشوة، وخرق نزاهة العطاءات والأرباح، والإضرار المتعمد بالمال العام. تتعلق التهم الموجهة إلى “ابحيص” ومتهمَين آخرَين – شقيقه، المقيم في تركيا، بالإضافة لرجل آخر يُعتَقد أنه سعودي – بمناقصة خدمات وسائل التواصل الاجتماعي التي أجرتها “اللجنة العليا للمشاريع والإرث”، المسؤولة عن تنظيم كأس العالم 2022.
يؤكد حكم محكمة الاستئناف أن دليل الإدانة الوحيد الذي نظرت فيه المحكمة ضد ابحيص هو اعترافه، الذي تراجع عنه أمام المحكمة. يقول إنه انتُزع تحت التهديد والإكراه وأثناء استجوابات حرمته من حضور محام.
يُقرّ حكم محكمة الاستئناف بأن ابحيص لم يكن لديه محام حاضر عندما أدلى باعترافه، لكن الحكم يشير إلى وثائق تزعم أن ابحيص لم يسمِّ من يريد أن يمثله، ما دفع الادعاء إلى استكمال استجوابه دون حضور محام.
لكن محضر تحقيق النيابة العامة في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بعد يومين من اعتقاله، يقول إن ابحيص طلب بوضوح من السلطات تسهيل لقاء محام.
يكشف تحليل الحكم أيضا أن محكمة الاستئناف رفضت طلبا من محامي ابحيص، الذي لم يتمكن من تعيينه إلا بعد تسعة أيام من اعتقاله الأولي، لمطالبة النيابة بتقديم أدلة على أن الجهة التي كان يعمل لديها زعمت تورط ابحيص في ارتكاب تجاوزات.
لم تُقدَّم الأدلة أو تُفحص في محاكمته الأولى ولم تعلنها الجهة التي كان يعمل لديها. يُظهر الحكم أن المحكمة لم تنظر في هذه الأدلة.
كما طلب محامي ابحيص من محكمة الاستئناف مراجعة الأدلة التي تدّعي اللجنة العليا وجودها كدليل على تجاوزات ابحيص – رسائل صوتية، وتسجيلات فيديو، ورسائل “واتساب” بين ابحيص والمتهمين الآخرين في المحاكمة.
لكن محكمة الاستئناف رفضت، قائلة إنها راضية عن الأدلة المقدمة إلى المحكمة الابتدائية، رغم أن الأخيرة لم تنظر في هذه الأدلة، بحسبما يفصّل بيان سابق لـ هيومن رايتس ووتش وفير سكوير.
اطّلعت هيومن رايتس ووتش وفير سكوير على تقرير للشرطة يلخص المعلومات التي قدمتها اللجنة العليا إلى الشرطة.
أشار التقرير إلى مضمون شكوى قدمتها اللجنة العليا إلى “إدارة البحث الجنائي” القطرية بشأن ما تصفه بـ “تسريب معلومات” تتعلق بمناقصة عقد لمواقع التواصل الاجتماعي.
تربط الشكوى بين ابحيص وشخصين آخرين، شقيقه في تركيا، وشخصية إعلامية بارزة يقول التقرير إنه يُعتقَد أنها مواطن سعودي.
شغل ابحيص سابقا منصب مدير الإعلام باللغة العربية في “اللجنة العليا”. قبل أن تحتجزه السلطات القطرية في ديسمبر/كانون الأول، قال لـ هيومن رايتس ووتش وفير سكوير إنه يعتقد أن القضية ضده كانت انتقاما منه لانتقاده التعامل مع إضراب العمال الوافدين في قطر في أغسطس/آب 2019.
يقول إن موقفه دفع اللجنة العليا إلى تقديم ادعاءات حساسة للغاية إلى السلطات القطرية عبّرت فيها عن شكوكها حيال تورط ابحيص في أنشطة تستهدف “الإضرار بالدولة أو بأمنها”.
اعتقلت السلطات القطرية ابحيص في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بعد فترة وجيزة من قيام اللجنة العليا بتقديم المعلومات.
قال لـ هيومن رايتس ووتش وفير سكوير إنه في الأيام التي أعقبت اعتقاله الأولي، أجبره المحققون على توقيع اعتراف بعد تهديده بتهم خطيرة تتعلق بأمن الدولة إذا لم يعترف بتهمتَي الرشوة وإساءة استخدام أموال الدولة.
يُظهر حكم محكمة الاستئناف أن المحكمة لم تحترم حق ابحيص في محاكمة عادلة، مكررة الخلل في الحكم الأصلي الذي يرفض الأمر بالتحقيق في مزاعم ابحيص بشأن الاعتراف تحت الإكراه.
حكمت محكمة الاستئناف، كما فعلت المحكمة الابتدائية، بأنها راضية عن سلامة اعتراف ابحيص أثناء الاستجواب. قالت المحكمة إنها تثق بصحة الاعتراف، وإن ابحيص أدلى به بحرية ووعي، رغم ادعائه الصريح عكس ذلك وعدم إجراء أي تحقيق رسمي في مزاعمه.
قالت “فير سكوير”: “رفض محكمة الاستئناف إلزامية تقديم الأدلة التي لم تظهر بعد في المحكمة وعرضها للطعن يضاعف ما أقدمت عليه من حرمان عبدالله ابحيص من المحاكمة العادلة”.
كان رد الفيفا العلني على محنة “ابحيص”، والذي أوصله ابحيص أيضا مباشرة إلى الفيفا عبر منصتها الخاصة بالإبلاغ عن المخالفات في 21 سبتمبر/أيلول، بيانا قصيرا صدر في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، يقول إن “موقف الفيفا هو أن أي شخص يستحق محاكمة عادلة تُراعى وتُحترم فيها الإجراءات القانونية الواجبة”.