قيود كبيرة على الحق في تشكيل الجمعيات المستقلة والانضمام إليها بحرية

اتخذت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل العديد من القرارات التشريعية والإجراءات غير القانونية التي تخالف الدستور الكويتي لفرض القيود على عمل منظمات المجتمع المدني، وقمع الأصوات المعارضة وتقييد المساءلة عن سياساتها وفشلها في حماية الحقوق المدنية والإنسانية للمواطنين، بما في ذلك الحق في تكوين الجمعيات والانضمام إليها.

 

القانون رقم (24) لسنة 1962 وتعديلاته ينظم عمل منظمات المجتمع المدني، وهو قانون تعسفي بامتياز، تم تصميمه خصيصا لتفكيك منظمات المجتمع المدني المستقلة التي لها مواقف مختلفة عن المواقف التي تتبناها الحكومة، أو لمنع ظهور منظمات مجتمع مدني جديدة.

 

وتنص المادتان (2) و(3) من هذا القانون على أن منظمات المجتمع المدني لا يجوز لها ممارسة أي نشاط قبل تسجيلها لدى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

 

ومن الواضح أن هذه العملية مسيسة، حيث انتهجت الوزارة على مدى سنوات سياسة مزدوجة تتمثل في الترحيب بالإجراءات القانونية وتسهيلها ومنح التراخيص السريعة للجمعيات الموالية للحكومة من جهة، وتعقيد عملية رفض الإجراءات عندما يتعلق الأمر بالجمعيات المستقلة التي تنتقد الحكومة.

 

وتنص المادة (4) على أن لا يقل عدد المؤسسين لأي جمعية عن عشرة أشخاص، على أن يكونوا جميعاً كويتيين، وأن اشتراط وجود عشرة مؤسسين يفرض عبئاً غير ضروري على الجمعية الجديدة، كما أن حرمان آلاف العمال والمقيمين الأجانب من حق تأسيس جمعياتهم الخاصة ينتهك حقوقهم.

 

المادة (6) هي مادة فضفاضة تنص على أنه لا يجوز للجمعية أن تسعى إلى تحقيق أي غرض غير مشروع، ويحظر عليها التدخل في السياسة، مما يشكل تقييداً لحق المواطنين في المشاركة السياسية من خلال الجمعيات التي ينشئونها.

 

المادة (9) تعطي صلاحيات مطلقة لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل برفض تسجيل الجمعية، وتعطي للوزير الحق في عدم الرد على طلب التأسيس خلال المدة المنصوص عليها في هذه المادة وهي 90 يوماً، ويعتبر عدم رد الوزير رفضاً للطلب، كما تنص هذه المادة على أن قرار الوزير نهائي ولا يجوز الطعن فيه أمام القضاء.

 

في 23 سبتمبر 2024، نشر المدافع البارز عن حقوق الإنسان أنور الرشيد على حسابه على X أن وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة هند الصبيح لم توافق على منحه ترخيصًا لإنشاء جمعية مجتمع مدني حتى أجبر على تغيير اسمها من “جمعية الأحرار” إلى “جمعية الحرية”.

 

ومع ذلك، تم سحب هذه الجمعية منه وفقًا للرسالة التي أرفقها بمنشوره، والصادرة في 28 يونيو 2018، من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والتي ذكرت أنه تم حل مجلس إدارة جمعية الحرية الكويتية، وتم تعيين مجلس إدارة مؤقت من قبل السلطات وفقًا لنفس القانون رقم (24) لسنة 1962.

 

 

نشرت دراسة في شهر ديسمبر 2022 في مجلة يصدرها مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت بعنوان “حرية العمل الخيري في دولة الكويت” أجراها باحثان أحدهما يعمل في جامعة الكويت والآخر يعمل في جامعة برينستون بالولايات المتحدة الأمريكية، وكانت أبرز نتائج الدراسة ما يلي :

1. تعاني البيئة التنظيمية للعمل الخيري من مشاكل تتعلق بالتأسيس والإجراءات؛

2. هناك العديد من العوائق التي تحول دون ممارسة العمل الخيري عبر الحدود.

 

وفي ضوء نتائج الدراسة، خرج الباحثون بعدد كبير من التوصيات، بعضها اقترحته عينة البحث المكونة من قيادات الجمعيات الخيرية والمؤسسات والفرق التطوعية، وفي مقدمة هذه التوصيات عدم إغلاق الجمعيات الخيرية إلا بحكم قضائي، وإتاحة الحرية لإقامة الحملات والمشاريع الخيرية دون الحاجة إلى موافقات حكومية.

 

وفي توصياتهم الختامية أكد الباحثون على ضرورة “قيام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بتسهيل الإجراءات والمتطلبات المتعلقة بتأسيس الجمعيات والمؤسسات الخيرية، مع تحقيق الشفافية والمهنية والحياد في تطبيق الضوابط الخاصة بمتطلبات تأسيس الطلبات دون تمييز أو تحيز لبعض الأطراف على حساب آخرين، والالتزام بالمدة المحددة في القانون للموافقة على تأسيس الجمعيات والمؤسسات الخيرية وبشكل متساو بين مختلف الأطراف”.

 

وأوصى الباحثان أيضاً، “على مستوى العمل الخيري العابر للحدود، العمل على توفير مستوى مقبول من الحرية للجمعيات والمؤسسات الخيرية للتواصل والتعاون مع نظيراتها خارج الكويت”، فضلاً عن “إصدار قانون للعمل الخيري يضمن الحرية للأفراد والجمعيات في ممارسة العمل الخيري”.

 

يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان الحكومة الكويتية إلى رفع القيود المختلفة، بما في ذلك الإجراءات القانونية المعقدة، على حرية تكوين منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية، واحترام حق المواطنين والمقيمين والعمال الأجانب في إنشاء والانتماء إلى جمعيات خاصة بهم أو غيرها.

قد يعجبك ايضا