الأورومتوسطي يستنكر نقل الجيش الإسرائيلي أطفال فلسطينيين قسرا من قطاع غزة
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – اختطف الجيش الإسرائيلي عدد من الأطفال الفلسطينيين وقام نقلهم قسرًا إلى خارج قطاع غزة خلال حربه المتواصلة على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي.
طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إسرائيل بتسليم هؤلاء الأطفال بأسرع وقت، مؤكداً في بيان له أمس الثلاثاء أن على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته إزاء الانتهاكات الجسيمة المتعلقة بخطف أطفال من قطاع غزة.
حيث أكد المرصد أن عمليات الإختطاف تلك تأتي في وقت تستمر فيه السلطات الإسرائيلية في الإخفاء القسري لمئات المعتقلين الفلسطينيين من القطاع في ظروف غامضة.
وقال المرصد الحقوقي إنه ينظر بخطورة بالغة إلى ما أوردته إذاعة الجيش الإسرائيلي بتاريخ الأول من يناير/كانون ثان الجاري، عن إقدام ضابط إسرائيلي يدعى “هارئيل إيتاح” -يشغل منصب قائد فرقة في لواء جفعاتي التابعة للجيش- على خطف رضيعة فلسطينية من داخل منزلها في قطاع غزة، بعد مقتل أفراد عائلتها في غارة إسرائيلية، دون تحديد تاريخ الواقعة.
وكان صديق للضابط الإسرائيلي كشف عن حادثة الاختطاف بعد الإعلان عن مقتل الضابط متأثرًا بإصابته في 22 ديسمبر/كانون أول الماضي، خلال اشتباكات في غزة، فيما يبقى مصير الطفلة الرضيعة ومكان وجودها مجهولين.
وعبر الأورومتوسطي عن خشيته وقلقه البالغ بألا تكون حادثة الضابط والطفلة الفلسطينية حالة منفردة.
إذ تشير العديد من الشهادات التي تلقاها الأورومتوسطي إلى قيام الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر باحتجاز ونقل أطفال فلسطينيين دون معرفة مصيرهم لاحقًا.
يضاف إلى ذلك البلاغات المتكررة التي يتابعها المرصد الأورومتوسطي والتي ترده من عائلات فلسطينية فقدت اتصالها بأطفالها، لا سيما في المناطق التي تشهد توغلات برية إسرائيلية.
وشدد الأورومتوسطي على أن خطر ارتكاب الجيش الإسرائيلي لجريمة نقل الأطفال قسرًا وإخفائهم يزداد مع وجود أكثر من 7 آلاف مفقود فلسطيني، وصعوبة إزالة الركام وتعذر الاتصالات والإنترنت في أغلب قطاع غزة، فضلًا عن تشتت العائلات بسبب النزوح القسري، وإبلاغ مئات العائلات الفلسطينية عن فقدان أطفال لهم مع صعوبة التحقق من مصيرهم بسبب استمرار التوغل الإسرائيلي.
وأبرز الأورومتوسطي في هذا السياق شهادة المعتقل المفرج عنه “رشدي الظاظا” الذي اعتقله الجيش الإسرائيلي وعائلته قبل شهر من منزله في حي “الزيتون” جنوبي مدينة غزة، وتم الإفراج عنه قبل أيام إلى قطاع غزة، فيما بقي مصير زوجته وطفليه مجهولًا.
وأفاد “الظاظا” بأن الجيش الإسرائيلي اعتقله مع زوجته “هديل يوسف الدحدوح“، وطفليهما، أحدهما “زين” بعمر 6 أشهر، والآخر “محمد” بعمر 4 سنوات، من داخل منزلهم.
وذكر أن الجنود انتزعوا الطفلين من والدتهما. حينما اعترضت وحاولت منعهم من انتزاعهما قيدوها واقتادوها معها بعد أن نزعوا حجابها، فيما تم فصلهم عن بعضهم. بعد أسابيع، أفرجت القوات الإسرائيلي عن “الظاظا” عنه دون أن يعلم شيئًا عن مصير زوجته وطفليه.
وأضاف “الظاظا” أن الجيش الإسرائيلي ادعى عند خطف طفليه بأن سيجري تحليلًا للطفلين بدعوى أنه يحتمل أن يكونا من الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن ارتكاب هذه الممارسات هو أمر محظور بموجب القانون الدولي في جميع الأحوال والظروف، وبغض النظر عن دوافعها أو أسبابها.
وأفاد الأورومتوسطي بأنه تلقى شهادة أخرى من سيدة فلسطينية قالت إنه وخلال نزوحها من غزة إلى جنوبي منطقة الوادي في وسط القطاع عبر حاجز نتساريم قبل أسابيع، أوقف الجنود الإسرائيليون طفلة بعمر 12 عامًا شقراء الشعر، فيما حاول والداها اعتراض الأمر.
وسمعت السيدة الجنود يقولون لهما إنهم سيأخذون الطفلة بدعوى أنها من المحتجزين الإسرائيليين، رغم أنها كانت تتحدث باللغة العربية ومعها والديها، مضيفة أنها واصلت المسير ولم تعرف ما حدث مع الطفلة أو والديها.
وأكد الأورومتوسطي أنه يتابع باستمرار بلاغات وإعلانات تنشرها عائلات وأفراد نزحوا من شمالي غزة، أو مناطق التوغل في خانيونس، عن فقدان أطفال لهم، خلال عملية النزوح أو بعد قصف منازل لهم، ويجري نشر هذه البلاغات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مجموعات عبر تطبيق “واتساب” خاصة بالنشطاء والصحافيين على أمل العثور عليهم.
وقال الأورومتوسطي: إن نحو 7 آلاف مفقود، منهم عدة آلاف من الأطفال والنساء، ما يزال مصيرهم مجهولًا، ويعتقد أن غالبيتهم قتلوا تحت أنقاض المنازل التي دمرها القصف الإسرائيلي، أو في الشوارع، أو اختفوا بظروف غامضة، في الأحياء التي تشهد توغلات للجيش الإسرائيلي.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه لا توجد إحصاءات دقيقة لعدد المعتقلين الفلسطينيين من غزة حتى الآن، نظرًا لحوادث الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي داخل القطاع، وصعوبة تلقي البلاغات في قطاع غزة بسبب تشتت العائلات وانقطاع الاتصالات والإنترنت شبه الدائم، غير أن تقديرات أولية تشير إلى تسجيل أكثر من 3 آلاف حالة اعتقال، بينهم ما لا يقل عن 200 امرأة وطفل، لا توجد أي معلومات رسمية عن مواقع احتجازهم أو الظروف والتهم الموجهة لهم.
وطالب الأورومتوسطي المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل بتسليم الطفلة التي أقر الضابط الإسرائيلي باختطافها، ولا يعرف مصيرها أو مكانها حتى الآن، والكشف عن كافة حالات الخطف والنقل القسري التي ارتكبت ضد أطفال فلسطينيين، وتسليمهم إلى عائلاتهم فورًا.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن “نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرين” -كما يفعل الجنود الإسرائيليون- يعتبر شكلًا من أشكال جريمة الإبادة الجماعية، وذلك بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي تعتبر إسرائيل طرفًا فيها.
وبموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما يشكل إبعاد ونقل الأطفال تعسفًا وعلى نحو غير قانوني، باعتبارهم جزءًا من السكان، انتهاكًا جسيمصا لاتفاقيات جنيف وجريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي.
وطالب الأورومتوسطي بالعمل فورًا على إنهاء حالة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري لمئات المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة ليتمكن السكان من معرفة مصيرهم.
ونبه إلى أن الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري سنة 2006 ودخلت حيز التنفيذ، ابتداء من عام 2010، تُلزم الدول باعتبار الاختفاء القسري جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبات مناسبة، تأخذ في الاعتبار خطورتها البالغة.
وتؤكد الاتفاقية أن الاختفاء القسري جريمة ترقى إلى مستوى “الجرائم ضد الإنسانية”، إذا ما تمَّت ممارستها على نطاق واسع أو بطريقة ممنهجة، وهو ما تفعله قوات الجيش الإسرائيلي حاليًا في المناطق التي تتوغل فيها في قطاع غزة، حيث اعتقلت الآلاف، وتواصل احتجاز ما لا يقل عن 3 آلاف شخص ما يزال مصيرهم مجهولًا.
وفي سياق متصل، طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل على تمكين طواقم الدفاع المدني من انتشال الجثامين من تحت الأنقاض ومن الشوارع في غزة، والإسراع في تقديم الآليات والمعدات اللازمة لذلك، وصولًا لحصر أعداد المفقودين الذين يشتبه أن تكون القوات الإسرائيلية احتجزتهم وأخفتهم والكشف فورًا عن مصيرهم.