مؤسسة الحق: الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة يضاعف معاناة النساء
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – مع دخول الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ 78 على التوالي، تتفاقم معاناة سكان غزة ومنهم 1.10 مليون من الإناث.
فقد بات أكثر من 90 % منهن مهجرات من منازلهن ومناطق سكنهن قسرًا، وسط ظروف غير إنسانية وانعدام متطلبات الحد الأدنى من المعيشة.
وتتابع مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية_ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق_ الكارثة الفعلية التي ألمت بقطاع غزة، جراء استمرار الهجوم العسكري الإسرائيلي.
حيث تستمر عمليات القصف العنيف عبر الجو والبر والبحر، والاجتياح البري لمحافظة غزة، وشمال غزة، وأجزاء واسعة من خانيونس.
هذا بالإضافة إلى ما رافق ذلك من انتهاكات خطيرة، وتواصل طواقمنا التحقيق في ملابسات العديد منها، بما في ذلك عمليات الإعدام الميداني والاعتقالات التعسفية التي شملت الرجال والنساء، ويستمر إخفاء غالبيتهم/ن قسريا حتى الآن.
ومع أوامر التهجير الإسرائيلي التي صدر أحدثها يوم الجمعة، 22 ديسمبر/ كانون الأول 2023، واستهدفت نحو 150 ألف نسمة في مخيم البريج وشمال مخيم النصيرات، تتفاقم أزمة النازحات والنازحين الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة أغلبهم جنوب وادي غزة.
وتفيد طواقمنا أن المناطق المستهدفة بأوامر التهجير الجديدة مكتظة بالآلاف من النازحات والنازحين من شمال وادي غزة.
ومن خانيونس أيضًا ويضطرون للنزوح مجددًا إلى مناطق جديدة تشهد غارات إسرائيلية لا تتوقف تقريبا، بحيث لا يوجد مكان آمن، ولا يوجد مكان به متسع يمكن أن يذهب إليه السكان.
وفي تعقيبه على هذه الأوامر، قال مدير عمليات الأونروا في قطاع غزة (توماس وايت): الناس في غزة ليسوا أحجار شطرنج”.
وأضاف: “فقد تم تهجير العديد منهم عدة مرات. يأمر الجيش الإسرائيلي الناس بالانتقال إلى المناطق التي تشهد غارات جوية مستمرة”.
وعلاوة على عمليات القتل والإصابات في صفوف الإناث الناجمة عن الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي أدت إلى استشهاد 6,200 امرأة، من بين أكثر من 20 ألف شهيد/ة فلسطيني/ة، وإصابة الآلاف منهن من بين 53 ألف جريح/ة، تعاني النساء بشكل مكثف من تداعيات الهجوم الإسرائيلي خاصة التهجير القسري.
وأفادت العديد من النساء في مراكز الإيواء لطواقمنا بأنهن يواجهن معاناة إضافية جراء حالة النزوح وعدم توفر الظروف الصحية الملائمة لهن.
يذكر أنه من سكان قطاع غزة المقدر بحوالي 2.23 مليون نسمة، يوجد 1.13 مليون ذكر و1.10 مليون أنثى، وتشكل نسبة الإناث ما نسبته 49.3% من إجمالي السكان في القطاع.
ووفق المعطيات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، هناك حوالي 546 ألف أنثى في سن الإنجاب (15-49 عاماً) في قطاع غزة، منهن حوالي 58% من المتزوجات.
وأشارت التقارير الصحية إلى وجود حوالي 50 ألف امرأة حامل في قطاع غزة، حيث ستلد 5,500 امرأة خلال الأسابيع القادمة، أي ما معدله 183 مولوداً جديداً يومياً في قطاع غزة.
وتواجه النساء الحوامل مخاطر عديدة بسبب صعوبة الوضع بالمستشفيات وغياب المتابعة مع الأطباء.
واضطرار الكثير منهن للولادة في أماكن نزوحهن مع المخاطر المترتبة على ذلك، فضلا عن عدم توفر الرعاية الصحية اللازمة والافتقار للكثير من التطعيمات للمواليد، إلى جانب عدم توفر الغذاء الملائم سواء للأمهات الحوامل أو المرضعات.
هذا الأمر يؤثر على أكثر من 155 ألف امرأة حامل وأم مرضعة، بالإضافة إلى أكثر من 135 ألف طفل دون سن الثانية، نظرًا لاحتياجاتهم الغذائية الخاصة، والتي تتفاقم بسبب التوتر والصدمات.
ووفق المعلومات التي جمعها باحثونا من مراكز الإيواء، تعاني غالبية النساء من الاكتظاظ الشديد، وغياب الرعاية الصحية، والظروف الصحية.
بالإضافة إلى فقدان الخصوصية مع تكدس أعداد كبيرة منهن في الفصول الدراسية أو ساحات المدارس أو الخيام المنصوبة في كل مكان، كذلك يعانين من أزمة الذهاب للحمام، وعدم توفر المياه وعدم والأماكن المناسبة للاستحمام.
كما تعاني الآلاف النساء من الأجواء الباردة مع عدم توفر أغطية وفراش ملائم فضلا عن الافتقار للملابس الشتوية، حيث اضطرت غالبيتهن للنزوح المتكرر وفي كل مرة كن يفقدن أمتعتهن ومستلزماتهن الأساسية.
وتعاني غالبية النساء كما هو الحال بالنسبة لجميع النازحين من جوع حقيقي وافتقار كبير للمواد الغذائية، وتزداد معاناة النساء الحوامل والمرضعات، في وقت يعتمد أغلب السكان على وجبة واحدة محدودة في اليوم إن توفرت.
كما تعاني النساء المسنات من صعوبة توفير أدوية الأمراض المزمنة وأوضاع صعبة في البرد الشديد في الخيام وأماكن النزوح وعدم القدرة على قضاء حاجتهن مع النقص الكبير في الحمامات ونقص المياه أيضا.
ونتيجة لاستشهاد الزوج أو الأب أو الأبناء، باتت آلاف النساء مسؤولات عن أسرهن وحاجات أفراد الأسرة، في ظل واقع أقل ما يقال عنه بأنه كارثي ويفتقر لكل شيء، وتنعدم فيه الموارد الأساسية.
نهي حازم أصرف، من سكان غزة لديها طفلان، أحدهما طفلة حديثة الولادة لم تكمل الأسبوع، أفادت: “أول نزوح لي كان في ثاني أيام الهجوم الإسرائيلي على غزة، وكنت حاملا في الشهر السابع”.
وأضافت: “ثم تكرر النزوح عدة مرات بسبب القصف وأوامر التهجير حتى وصلت إلى جنوب قطاع غزة”.
وتابعت أصرف بقولها: “لم أستطع مراجعة الطبيب وتم تأجيل ولادتي بعملية قيصرية ثلاث مرات بسبب صعوبة الأمور في المستشفيات، وعندما أجريت لي العملية تمت بتخدير جزئي، ثم خرجت بعد الولادة قبل الوقت المحدد، لم يكن معي أي ملابس للطفلة ولكن حصلت عليها لاحقا عبر مساعدات”.
واستطردت قائلة: “ولاحقا عانيت لعدم توفر التطعيم الخاص بالطفلة وعدم توفر الحليب والحفاضات سواء لها أو لشقيقها الأكبر وعمره أقل من عامين، حتى أنا لم يكن هناك طعام كافٍ وملائم لي كأم مرضعة عانيت من فقر دم شديد”.
السيدة آمنة عبد الهادي البطش، أم لـ 6 أطفال، أحدهم طفلة من الأشخاص ذوي الإعاقة، نزحت هي الأخرى عدة مرات، وتعرض منزل لجأت إليه للقصف الإسرائيلي ما تسبب باستشهاد 16 شخصا من ضمنهم ابنها، وقد أفادت بما يلي: “لم أستطع وداع ابني الذي استشهد بسبب القصف، تكرر نزوحي من مكان لآخر عدة مرات، لم نجد خيمة في مركز الإيواء، واستمر ذلك بعض الوقت”.
وأضافت: “بدأنا نعاني للحصول على لقمة العيش والبحث عن الماء للشرب والاستخدام اليومي لقضاء حاجات الأطفال. نعتمد على وجبة واحدة في اليوم لنتمكن أن نعيش ونعطي الأولوية لأطفالنا”.
وتابعت بقولها: “خرجنا بدون أي أوراق ثبوتية وهذا كان يعيق حصولنا على بعض المساعدات. لدي طفلة من ذوي الإعاقة عمرها 5 سنوات تحتاج لحفاظات خاصة وملابس معينة ملائمة لها وكل ذلك غير متوفر، والأسواق لا يوجد بها شيء، وانتهى بنا المطاف لنعيش في حاصل )مخزن) صغير مع 20 شخصا، ولا أعرف أي معلومات عن زوجي أو باقي أهلي”.
ووفق آخر تحديث للجهات الحكومية في غزة، صباح يوم الجمعة، 22 ديسمبر/ كانون الأول 2023، ارتفعت حصيلة الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 20,057 شهيد/ة، بينهم 8 آلاف طفل/ة، و6,200 امرأة، وأكثر من 53 ألف مصاب/ة، 70% منهم من فئة الأطفال والنساء، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وتؤكد المعلومات، أن العدد الفعلي للشهداء بمن فيهم الإناث هو أكبر بكثير من الرقم المعلن من وزارة الصحة؛ بالنظر لوجود أعداد كبيرة من الضحايا تحت الأنقاض أو في الشوارع، وفي الكثير من الحالات يضطر الأهالي لدفنهم في الشوارع وقرب المنازل المدمرة والأسواق، لتعذر نقلهم للمشافي خاصة في غزة وشمالها.
وأمام كل ذلك، طالبت مؤسسة الحق لحقوق الإنسان المؤسسات النسوية في العالم، إلى التحرك الجدي والسريع للوقوف بجانب النساء في فلسطين ومساندتهن للعيش بحرية وكرامة.
هذا ودعت المؤسسة الحقوقية إلى الضغط من أجل وقف الهجوم الإسرائيلي باعتبار ذلك المدخل الحقيقي لإنهاء المأساة التي تواجه الفلسطينيات والفلسطينيين في قطاع غزة.
وطالبت الحق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالتسريع في اتخاذ إجراءات عملية لإنجاز التحقيق في الجرائم المرتكبة، بما فيها جرائم القتل الجماعي ضد المدنيين وضمنهم النساء والأطفال.
ودعت إلى إظهار الحقيقة والمضي بالخطوات اللاحقة، وخصوصًا، أن الضحايا في فلسطين طال انتظارهم للعدالة والانصاف.
وجددت مؤسسة الحق مطالبتها للمجتمع الدولي بالتحرك الجاد والفوري لوقف الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة.
وطالبت أيضاً بإلزام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بالتوقف عن سياسة استهداف المدنيين/ات والأعيان المدنية كأداة انتقام وعقاب وضغط سياسي.
ودعت الحق إلى اتخاذ إجراءات فعالة لضمان المساءلة على جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وناشدت المؤسسة الحقوقية المجتمع الدولي بضمان إنهاء الاحتلال وتفكيك الاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
وطالبت بإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير دون قيد أو شرط.