منظمة حقوقية تطالب السلطات المصرية بوقف تضييق الخناق على والمؤسسات الأهلية

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – طالبت “هيومن رايتس ووتش” الحكومة المصرية بإلغاء المهلة النهائية للتسجيل يوم 11 أبريل/نيسان 2023 بموجب “قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي” الصارم لعام 2019.

ودعت المنظمة إلى تعديل القانون لضمان قدرة المنظمات غير الحكومية على العمل بحرية، ومن دون تدخل مُقحم أو مضايقة من الحكومة.

يسمح قانون 2019 للسلطات بإغلاق وتجميد أصول أي جمعية تستمر في العمل من دون تسجيل.

طالبت المنظمة الدولية السلطات بتعديل القانون بسرعة ليتسق مع الحقوق التي يكفلها دستور مصر والتزاماتها الحقوقية الدولية.

وقالت ووتش أنه لا ينبغي إجبار الجمعيات التي سجلت نفسها كشركات محاماة أو كيانات أخرى قانونية على التسجيل بموجب قانون 2019.

قال آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “تُجبر السلطات الجمعيات على الاختيار بين العمل في ظل ظروف تجعل العمل المستقل مستحيلا، أو مواجهة الإغلاق الفوري”.

وأضاف كوغل: “تقييد الجمعيات المستقلة وإسكاتها يقضي على فضاء المناقشات النقدية، ويُعرقل الجهود الرامية إلى ضمان مساءلة الحكومة، وهو أمر يُضر بمصر”.

دعت هيومن رايتس ووتش السلطات أيضاً إلى إيقاف قمعها الطويل الأمد ضد الجمعيات المستقلة ووضع حد للتكتيكات التعسفية.

وشملت المنظمة بذلك وقف المضايقات من جانب الأجهزة الأمنية والمحاكمات المسيّسة، التي تهدف إلى قمع الفضاء المدني والنشاط الحقوقي.

وطالبت ووتش الشركاء الدوليين لمصر، ومن بينهم الولايات المتحدة ودول “الاتحاد الأوروبي” ووكالات وبلدان “الاتحاد الأفريقي” و”صندوق النقد الدولي” و”البنك الدولي”، بالضغط على الحكومة المصرية لإجراء تعديلات وتحسينات مجدية لقانون الجمعيات لعام 2019 وإنهاء الهجوم على الفضاء المدني.

لا يسمح قانون 2019 بأي نوع من “العمل الأهلي” دون تسجيل. يُعرّف القانون العمل الأهلي على أنه “كل عمل لا يهدف إلى الربح ويمارس بغرض تنمية المجتمع”.

عملية التسجيل المعقدة والمرهقة بلا داع لا تُنجَز إلا عندما تنشر وزارة التضامن الاجتماعي على موقعها الإلكتروني موافقتها واللوائح الداخلية الناظمة للجمعيات.

يسري شرط التسجيل على جميع المنظمات المصرية أو الأجنبية الجديدة أو القائمة التي تضطلع بعمل أهلي، حتى لو كانت مسجلة بالفعل بموجب القوانين السابقة المتصلة بالمنظمات غير الحكومية أو قوانين أخرى.

يهدف التعريف الواسع للعمل الأهلي في قانون 2019 إلى حظر أي مشاركة أو نشاط مدني مستقل لا تأذن به أو تشرف عليه الحكومة.

على مدار العقدين الماضيين، تم تسجيل العديد من الجمعيات كشركات محاماة ومنظمات بحثية وشركات استشارية لتفادي القوانين التقييدية للغاية التي تحكم عمل الجمعيات. بموجب قانون 2019، لم تعد خيارات التسجيل البديلة هذه ممكنة.

يتطلب القانون من جميع السلطات، بما في ذلك الأجهزة الأمنية، تحديد أي جمعية غير مسجلة والإبلاغ عنها. في الواقع، يضمن ذلك سيطرة قطاع الأمن على الفضاء المدني في مصر بالكامل.

قد يواجه العاملون في هذه الجمعيات الملاحقة القانونية وغرامات ضخمة، وحتى السجن، إذا حُوكموا بموجب قوانين تعسفية إضافية تقيّد حرية تكوين الجمعيات.

حتى إذا تمكنت جمعية من التسجيل، يفرض القانون قيودا شديدة على أنشطتها، ما يقضي على استقلال الجمعيات ويجعل منها جهات مساعدة للكيانات الرسمية.

يتطلب القانون موافقة مسبقة من الحكومة على الدراسات الاستقصائية أو البحوث الميدانية، ويحظر التعاون مع أي “جهة أجنبية داخل أو خارج البلاد”.

ويحظر القانون المصري إرسال أموال إلى جهات وأفراد خارج مصر، أو إنشاء فروع أو فتح مكاتب في الخارج، من دون موافقة وزارة التضامن الاجتماعي.

بعض الأنشطة محظورة بالكامل في القانون، مثل الأنشطة “السياسية”، رغم أن القانون ولوائحه التنفيذية ليس فيها تعريفا لما هو المقصود بالنشاط السياسي.

يحظر القانون أيضاً العمل الذي يُزعم أنه يُقوّض مفاهيم غامضة وذات صياغة فضفاضة مثل “الأمن القومي” أو “النظام العام” أو “الآداب العامة”.

وأكدت هيومن رايتس ووتش أن القانون ولا لوائحه لا يُعرّف هذه المفاهيم التي لطالما استخدمتها السلطات المصرية روتينيا لتجريم الأنشطة.

حيث تندرج هذه الأنشطة ضمن الحقوق المحمية في الدستور المصري والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مثل الاحتجاجات السلمية والسلوك الجنسي بالتراضي والنشاط الفني.

حتى أكتوبر/تشرين الأول 2022، تمكنت فقط 32 ألف جمعية ومؤسسة أهلية من أصل 52,500 تعمل في البلاد من التسجيل.

منذ 2014، قلّصت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي الفضاء المدني بشدة.

فقامت بمهاجمة المدافعين الحقوقيين والنشطاء المستقلين مستخدمةً الاعتقالات غير المبررة، والحبس الاحتياطي المطول قبل المحاكمة، والمحاكمات، وحظر السفر، وتجميد الأصول.

بالإضافة إلى “قائمة الإرهاب” بعد إجراءات قضائية تعسفية ومعيبة. استخدمت السلطات شبكة من القوانين الصارمة التي تقضي فعليا على الحريات الأساسية.

بموجب القضية المعروفة باسم “قضية التمويل الأجنبي”، واستنادا إلى مزاعم أمنية تنفي جوهر حرية تكوين الجمعيات، لا تزال العشرات من الجمعيات المصرية والمدافعين الحقوقيين يواجهون الملاحقات القضائية بسبب تلقي الأموال الأجنبية.

أسقط قاضي تحقيق التهم الموجهة إلى حفنة من النشطاء، وتمكنوا من السفر إلى الخارج في الأشهر الأخيرة، لكن لا تزال أصولهم مجمدة.

أُجبِرت جمعيات عديدة على العمل من خارج مصر، والتمس موظفوها اللجوء أو يعيشون في المنفى.

في 10 يناير/كانون الثاني 2022، أعلنت “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” إيقاف أنشطتها بعد حوالي 18 عاما.

عللت الشبكة ذلك بعدم رغبتها في الامتثال للقيود الشديدة في القانون، وذلك على ما يبدو بعد تلقيها رسالة غير رسمية مفادها أن العمل على حرية التعبير وظروف السجون ممنوع.

امتدت حملة القمع في مصر ضد المجتمع المدني إلى المؤسسات الخيرية أيضا. في السنوات الأخيرة، حلت السلطات أكثر من ألفي جمعية خيرية، وصادرت أصولها بتهم أن لها صلات بـ”جماعة الإخوان المسلمين” المحظورة.

في 24 يوليو/تموز 2022، قال طلعت عبد القوي، عضو البرلمان التي يترأس “الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية”، وهو اتحاد للجمعيات الموالية للحكومة، إن الاتحاد والبرلمان يعملان معا لتقديم تعديلات جديدة “جدية” على قانون 2019.

يُفترض أن تسمح التعديلات بالمزيد من “المرونة” لعمل الجمعيات المستقلة. لم يُقدِّم البرلمان أي مقترحات بهذا الشأن منذ ذلك الحين.

قال كوغل: “قد تستغل السلطات المصرية الموعد النهائي في أبريل/نيسان لتبرير موجة أخرى من الملاحقات القضائية التعسفية والمضايقة”.

وأضاف: “تستهدف السلطات بحملتها ملاحقة المنظمات المستقلة والنشطاء الذين يرفضون رؤية جمعياتهم مقيدة بقوانين صارمة تتعارض مع الدستور والحقوق الأساسية”.

قد يعجبك ايضا