العفو الدولية تحذر من خطر اغلاق منظمات المجتمع المدني المصرية المستقلة
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – في 5 أبريل/نيسان 2023، أعلنت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية أنَّ 35,653 منظمة غير حكومية قد سجلت بموجب قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي لسنة 2019.
وفي وقت سابق، ذكرت السلطات المصرية أنَّ هناك 52,500 جمعية ومؤسسة أهلية في البلاد.
وتعمل أبرز المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان في مصر، بما في ذلك تلك التي تقدم المساعدة القانونية المجانية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، كشركات غير ربحية أو كمكاتب محاماة.
وتواجه هذه المنظمات خطر الحل لعدم التسجيل بموجب قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي لسنة 2019.
وقد أفادت المنظمات المسجلة بموجب قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي باستمرار بأن السلطات إما أخرت أو رفضت الموافقة على تمويلها ومشاريعها.
قالت منظمة العفو الدولية إنَّ منظمات المجتمع المدني المستقلة قد تُجبر على الإغلاق في مصر، مما سيحدُّ أكثر من مساحة المشاركة المدنية ونشاط حقوق الإنسان في البلاد.
هذا مع انقضاء الموعد النهائي لتسجيل المنظمات غير الحكومية بموجب القانون القمعي لتنظيم ممارسة العمل الأهلي لسنة 2019.
ففي 5 أبريل/نيسان 2023، قالت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، إنَّ المنظمات غير الحكومية التي لم تُسجل بموجب قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي لسنة 2019 بحلول 12 أبريل/نيسان 2023 تواجه خطر الحل.
وتجاهل بيانها الدعوات المتزايدة من المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، فضلًا عن خبراء الأمم المتحدة، لإلغاء أو تعديل القانون لضمان امتثاله للمعايير الدولية بشأن الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.
وأشارت القباج أيضًا إلى أنه لن يُمنح أي تمديدات أخرى.
وقال فيليب لوثر، مدير برنامج البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية: “على مدى سنوات، احتد خناق السلطات المصرية على المجتمع المدني المستقل”.
وأضاف لوثر: “عرّضت المدافعين عن حقوق الإنسان لمجموعة من الهجمات، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي، والملاحقات الجنائية ذات الدوافع السياسية، وحظر السفر، وتجميد الأصول، والمراقبة غير القانونية، وغيرها من أشكال المضايقة”.
وتابع لوثر بقوله: “ومع انطلاق ‘الحوار الوطني’ الذي طال انتظاره مع المعارضة المقرّر في 3 مايو/أيار، ينبغي على السلطات أن تتراجع فورًا عن تهديدها بحل المنظمات غير الحكومية غير المسجلة”.
وأردف بقوله: “بدلًا من ذلك، على السلطات العمل مع المنظمات غير الحكومية على إنشاء إطار قانوني يُمكنها من القيام بعملها الحيوي دون خوف من الأعمال الانتقامية، ويفي بالتزامات مصر الدولية باحترام الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها”.
يمنح قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي لسنة 2019 السلطات صلاحيات واسعة للغاية للإشراف على تسجيل المنظمات غير الحكومية، وأنشطتها، وتمويلها، وحلّها.
ويقيّد أنشطة المنظمات غير الحكومية من خلال قصر عملها على (تنمية المجتمع)، وهو مفهوم غامض التعريف يمكن استخدامه بالفعل لحظر العمل في مجال حقوق الإنسان.
كما يمنع المنظمات غير الحكومية من إجراء البحوث ونشر نتائجها دون إذن مسبق من الحكومة.
وعلّقت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وهي واحدة من أقدم منظمات حقوق الإنسان في مصر، انشطتها في يناير/كانون الثاني 2022 بعد 18 عامًا.
وأشارت الشبكة إلى البيئة القمعية وعدم قدرتها على القيام بالعمل الحقوقي في ظل القانون شديد القسوة.
على مدى السنوات التسع الماضية، كثفت السلطات المصرية محاكماتها الجائرة واحتجازها غير القانوني للعاملين في المنظمات غير الحكومية لعرقلة العمل في مجال حقوق الإنسان.
ففي التحقيق الجنائي الذي دام عقدًا من الزمن في العمل المشروع لمنظمات المجتمع المدني في قضية (التمويل الأجنبي).
لا يزال ما لا يقل عن 15 من العاملين في المنظمات غير الحكومية خاضعين للتحقيق، بمن فيهم محمد زارع، مدير برنامج مصر بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان؛ وعايدة سيف الدولة، وماجدة عدلي.
بالإضافة إلى سوزان فياض من مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب؛ وحسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وجمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان التي أُغلقت.
وظلوا ممنوعين من السفر إلى الخارج، وتم تجميد أصولهم.
كما لا يزال العديد من العاملين في المنظمات غير الحكومية مسجونين ظلمًا بسبب عملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان.
فمحمد باقر، مؤسس ومدير مركز عدالة للحقوق والحريات، محتجز تعسفيًا منذ 29 سبتمبر/أيلول 2019.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، حُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات بعد محاكمة بالغة الجور أمام محكمة طوارئ بتهمة (نشر أخبار كاذبة).
وتتعلق التهمة بتقارير صادرة عن مركز عدالة للحقوق والحريات حول ظروف الاحتجاز واستخدام عقوبة الإعدام في مصر.
وفي 5 مارس/آذار 2023، أدانت محكمة طوارئ عزت غنيم، مؤسس التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، و29 آخرين، بتهم هزلية نابعة من عملهم في مجال حقوق الإنسان أو معارضتهم السلمية، وحكمت عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين خمس سنوات والمؤبد، بعد محاكمة جائرة.
وختم فيليب لوثر حديثه بالقول: “يجب على المجتمع الدولي أن يدعو السلطات المصرية إلى وضع حد لحملتها القمعية ضد المنظمات غير الحكومية المستقلة”.
وقال في ختام حديثه: “ينبغي على السلطات الإفراج العاجل عن المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يقبعون ظلمًا في السجن، وإلغاء جميع الإدانات الجائرة، وإسقاط القضية 173 بشكل نهائي، وإلغاء قرارات حظر السفر وتجميد الأصول المفروضة على العاملين في المنظمات غير الحكومية”.
وقال: “إنَّ وجود مجتمع مدني نابض بالحياة أمر ضروري للتصدي للتحديات الاقتصادية في مصر وتعزيز حقوق الإنسان”.