مركز الخليج يطالب السلطات القطرية بإطلاق سراح جميع سجناء الرأي فوراً بدون شرط
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – تواصل السلطات في قطر توقيف عدد غير محدود من المواطنين الذين شاركوا الاحتجاجات السلمية التي انطلقت في البلاد خلال العام الماضي.
حيث كانت قد انتطقت العديد من الاحتجاجات السلمية بعد صدور قانونيْن ومرسوم متعلقين بتنظيم انتخابات مجلس الشورى، واتصفت بالتمييز والتهميش.
بينما تستعد قطر لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، دعا مركز الخليج لحقوق الإنسان إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين في انتهاكٍ لحقوقهم بحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات.
بتاريخ 29 يوليو/تموز 2021، صادق أمير قطر “تميم بن حمد آل ثاني” على القانون رقم (6) لسنة 2021 الخاص بإصدار نظام انتخاب مجلس الشورى.
كذلك في اليوم نفسه، صادق على قانون رقم (7) لسنة 2021 الخاص بتكوين مجلس الشورى واختصاصاته.
إضافة إلى إصداره المرسوم رقم (37) لسنة 2021 بتحديد الدوائر الانتخابية لمجلس الشورى، والتي يبلغ عددها 30 دائرة وتحديد مناطق كل منها على أساس ٍقبلي، حيث ينتخب عضو واحد عن كل دائرة انتخابية.
كرس هذان القانونان (6) و (7) والمرسوم الملحق بهما التمييز الصارخ بين المواطنين القطريين. ومنعت عن فئة كبيرة منهم حق الترشيح أو حق الانتخاب أو الاثنين معاً. وهمشت جميع الفئات الأخرى في المجتمع.
أعطى الدستور القطري دوراً هامشياً لمجلس الشورى فالمادة (106) تُعطي السلطة لأمير البلاد لإيقاف العمل بأي قانون يصدره المجلس للمدة التي “يقدر أنها تحقق المصالح العليا للبلاد”.
أما المادة (108) فتُعطي الحق لمجلس الشورى إبداء ما أطلق عليه الرغبات في المسائل العامة، ولكن تُعطي للحكومة صلاحية عدم الأخذ بها.
الخلاصة أن دور مجلس الشورى لا يؤهله ليمثل سلطة تشريعية حقيقية فمهامه لا تشمل إقرارأو مناقشة السياسات الدفاعية أو الأمنية أو الاقتصادية.
بتاريخ 02 أكتوبر/تشرين الأول 2021، جرت في قطر انتخابات لاختيار 30 عضواً من إجمالي أعضاء مجلس الشورى البالغ 45 عضواً.
لقد خاض المنافسة 233 مرشحاً انسحب منهم 101 مرشحاً في يوم التصويت. لقد أسفرت النتائج التي أعلنت مساء يوم الانتخابات نفسه، عن فوز 30 من بين الرجال المرشحين.
لم تنجح أي من النساء المرشحات البالغ عددهن 28 مرشحة. أكدت التقارير التي استلمها مركز الخليج لحقوق الإنسان، الضغوطات الهائلة التي تعرض لها العديد من المرشحين من قبل قوى حكومية متنفذة وبضمنها جهاز أمن الدولة.
كان هذا الضغط والترهيب هو الذي أجبر في النهاية العديد من المرشحين على الانسحاب لصالح مرشحين آخرين من المحسوبين على الحكومة.
بتاريخ 14 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عين أمير قطر 15 عضواً آخرين، من بينهم امرأتين، في مجلس الشورى أغلبهم موظفين حكوميين، وبذلك اكتمل عدد أعضاء البالغ 45 عضواً.
لقد أعقب إصدار هذه القوانين احتجاجات حاشدة في قطر، خاصة من قبل أبناء قبيلة آل مرّة الذين تم منع أعداد كبيرة منهم من حق الترشح أو الانتخاب أو الاثنين معاً.
كان يوم 09 أغسطس/آب 2021، يوماً حافلاً في التاريخ القطري المعاصر، فقد شهد تجمعاً سلميا قام به المحتجون من قبيلة آل مرّة طالبوا خلاله بإسقاط قانون انتخابات مجلس الشورى.
والحق في المواطنة الكاملة واحترام حرية التعبير وإشاعة العدالة الاجتماعية بين المواطنين. استمرت الاحتجاجات منذ ذلك التاريخ.
قامت القوات الأمنية بمحاولات عديدة من أجل فض الاعتصام، الذي استمر في الأيام التالية، فاقتحمت منازل بعض افراد هذه القبيلة، واعتقلت العشرات منهم من الذين قادوا الاحتجاجات وشاركوا فيها.
بتاريخ 19 سبتمبر/أيلول 2021، نشر مركز الخليج لحقوق الإنسان قائمة ضمت أسماء 21 من الذين تم اعتقالهم بتاريخ 10 أغسطس /آب 2021 والأيام التالية بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات السلمية.
أكدت مصادر محلية مطلعة أنه تم إطلاق سراح العديد منهم، بعد أن أجبروا من قبل جهاز أمن الدولة على توقيع تعهدات مكتوبة بعدم التظاهر مجدداً.
إن من بين الذين لازالوا رهن الاعتقال، المحامي الدكتور “هزاع بن علي أبو شريدة المري” الذي تم اعتقاله يوم 10 أغسطس/آب 2021، وشقيقه المحامي راشد بن علي أبو شريدة المري الذي تم اعتقاله في اليوم التالي.
أكدت مصادر مختلفة أنه يجري احتجازهم في زنزانات انفرادية لدى جهاز أمن الدولة.
كان للمحامي الدكتور “هزاع بن علي المرّي” دوراً بارزاً في قيادة الاحتجاجات السلمية عند انطلاقها والدعوة للمشاركة فيها وظهر في عدة تسجيلات.
وجه في إحداها نداءً الى أمير قطر قال فيه: “سنطالب بحقوقنا وكرامتنا في هذا الوطن ومن داخل الوطن، حتى لو كُتب لنا الموت في السجون”.
لقد كان لحسابات المواطنين القطريين المقيمين في الخارج على مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً، دوراً بارزاً في دعم واستمرار الاحتجاجات السلمية.
استخدم المحامي “راشد بن علي المري” حسابه على تويتر لإعلان دعمه للاحتجاجات السلمية، وكذلك لإظهار تضامنه الكامل مع شقيقه الدكتور هزاع.
تبعاً لمصادر محلية، فأن محاكمتهم تجري أمام المحكمة الجنائية الابتدائية حيث تشمل التهم الموجهة ضدهم، التخابر مع دول مجاورة، تنظيم تظاهرات غير مرخصة، وتشكيل تنظيم سياسي.
بتاريخ 20 أبريل/نيسان 2022، أعلن الشاعر القطري “محمد بن راشد بن الذيب العجمي” في فيديو نشره على حسابه في تويتر، أن الجلسة التي كان من المقرر عقدها هذا اليوم للنطق بالحكم الصادر ضدهم قد تم تأجيلها.
في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، تم الحكم على العجمي بالسجن مدى الحياة تم تخفيضها إلى السجن لمدة 15 سنة، بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم.
وكان قد اعتقل بعد نشره “قصيدة الياسمين” والتي انتقدت الحكومات في جميع أنحاء منطقة الخليج، واعتبرتها السلطات أنها تتضمن إهانة لأمير قطر.
لقد أطلق سراحه في 15 مارس/آذار 2016 بعد أن أمضى أربع سنوات في السجن ويعيش حالياً خارج قطر، خشية من اعتقاله حالياً.
أصدر جهاز أمن الدولة أوامره الى شقيقهم صالح بن علي أبو شريدة المري للقيام بإغلاق حسابه على تويتر بسبب قيامه بنشر التغريدات التي تطالب بإطلاق سراحه شقيقيه المعتقلين، ومطالبته بمعرفة وضعهم القانوني.
لقد قام بالفعل بإغلاق حسابه ومقابل ذلك سمح له جهاز أمن الدولة بزيارتهم بشكل غير منتظم ولفترات قصيرة جداً وبحضور المراقبين الأمنيين العاملين لدى جهاز أمن الدولة.
ومن جهة أخرى فقد تلقى مركز الخليج لحقوق الإنسان معلومات تؤكد صدور الحكم من قبل المحكمة الجنائية ضد الدكتور “عبد الله السالم المري” بالسجن لمدة أربع سنوات بسبب دعمه للاحتجاجات السلمية.
وكذلك بسبب نشره لتغريدة -تم مسحها فيما بعد- على حسابه في تويتر دعا فيها الرجال إلى عدم رفع صور أمير قطر “تميم بن حمد آل ثاني” على مواقع التواصل الاجتماعي. لقد جرى اعتقاله في 27 أغسطس/آب 2021.
أكدت تقارير موثوقة صدور الحكم من المحكمة الجنائية أيضاً ضد المواطن “محمد بن مهراس المري”، الذي يحمل الجنسية السعودية، بالسجن لمدة سنتين.
وحكم عليه أيضاً بإبعاده عن البلاد بعد إكمال محكوميته بسبب قيامه بتصوير الاحتجاجات السلمية التي قامت بها قبيلة آل مرّة ومساندته لها.
ليس من المؤكد أن جهاز أمن الدولة، الذي له اليد العليا على القضاء، سيسمح لسجناء الرأي باستئناف الحكم الابتدائي الصادر بحقهم.
إن جهاز أمن الدولة، بالسلطة المطلقة التي يمتلكها، سيجعل ذلك دون فائدة تُذكر، حتى لو سُمح لهم باستئناف أحكام السجن.
مرة أخرى شجب مركز الخليج لحقوق الإنسان قيام السلطات الأمنية في قطر باستهداف المواطنين واعتقالهم فقط بسبب قيامهم بتنظيم تجمعاتٍ سلمية للتعبير عن آرائهم المخالفة للقانونيْن والمرسوم الملحق بها التي أصدرها أمير البلاد المتعلقة بمجلس الشورى، وغيرها من السياسات التمييزية المجحفة.
طالب مركز الخليج لحقوق الإنسان الحكومة القطرية، القيام فوراً بإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الاحتجاجات السلمية الأخيرة، وحماية الحريات العامة وخاصة حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع السلمي وحرية التنقل.
على الحكومة القطرية تعديل جميع القوانين الصادرة والتعليمات والسياسات الحكومية بما يضمن عدم احتوائها على أي تمييز بين جميع المواطنين في قطر، أو تهميش لفئات المجتمع المختلفة وخاصة النساء، العمال الوافدين والمهاجرين المقيمين، وكذلك مجتمع البدون الذين تم حرمانهم من الجنسية القطرية منذ عقود.
لا يمكن لدولة تدعي التحضر وسوف تحتض مسابقات كأس العالم لكرة القدم (فيفا 2022) أن تمارس هذه التمييز المقيت ضد المواطنين ومختلف المقيمين على أراضيها، أو تستمر في انتهاك الحريات العامة وبضمنها حرية التعبير وحرية وحرية تكوين الجمعيات والتظاهر السلمي وحرية التنقل.