الحوثيون في اليمن يصدرون أحكام إعدام وجَلد بحق رجال
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن محكمة تابعة لجماعة الحوثيين في اليمن أصدرت في 23 يناير/كانون الثاني 2024 أحكاما بحق 32 رجلا، بينها تسعة أحكام بالإعدام، في محاكمة جماعية جائرة تعتمد على تهم “لواط” مشكوك فيها. ينبغي للحوثيين إنهاء استخدامهم عقوبة الإعدام وباقي أشكال العقوبة القاسية والمهينة وتوفير محاكمات عادلة للمتهمين.
بالإضافة إلى أحكام الإعدام بالصلب والرجم، حكمت المحكمة على 23 رجلا بالسَّجن حتى 10 سنوات، وعلى ثلاثة منهم بالجَلد العلني.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن لائحة الاتهام الأولية الصادرة عن المحكمة، بتاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحتوي على انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة وانتهاكات فادحة لـ “قانون الإجراءات الجزائية” اليمني.
قالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: “في تجاهل فاضح لسيادة القانون، يصدر الحوثيون أحكام الإعدام ويعرّضون الرجال لسوء المعاملة العلنية بدوم احترام الإجراءات القانونية الواجبة ولو شكليا. يستخدم الحوثيون هذه الإجراءات القاسية لحرف الأنظار عن تقاعسهم عن أداء واجبات الحكم وتلبية الاحتياجات الأساسية للناس في مناطق سيطرتهم”.
راجعت هيومن رايتس ووتش لوائح الاتهام الرسمية ضد الرجال الـ 32 الذين حاكمتهم محاكم الحوثيين وفيديوهات لإجراءات محكمة حوثية منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأجرت مقابلات مع محام مطلع على القضية.
شملت الانتهاكات الصارخة للإجراءات القانونية الواجبة عدم إبراز عناصر الشرطة أوامر اعتقال وتفتيش هواتف الرجال ومصادرتها بشكل غير قانوني. شكّك المحامي فيما إذا كان المتهمون قد حصلوا على حق المشورة القانونية المناسبة.
وثّقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات جسيمة ارتكبتها حكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استهدفت أفراد مجتمع الميم-عين عبر الإنترنت، واستخدام الصور الرقمية والمحادثات والمعلومات المماثلة التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني لملاحقتهم قضائيا.
تحظر المادتان 132 و172 من قانون الإجراءات الجزائية اليمني الاعتقال بدون إذن قضائي وكذلك الاستيلاء على ممتلكات الأشخاص المحتجزين لدى الشرطة. كما تحظر المادة 181 الاستجواب من قبل الشرطة في غياب محام.
استولت جماعة الحوثيين المسلحة على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، ما دفع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا إلى الفرار.
يمارس الحوثيون السيطرة الفعلية على الأراضي والسكان، باعتبارهم جهة فاعلة غير حكومية، ويقع عليهم الالتزام باحترام وحماية حقوق الإنسان للأفراد والجماعات تحت سيطرتهم.
وثّقت هيومن رايتس ووتش أيضا انتهاكات منهجية في سجون الحوثيين. في تقرير صدر العام 2023، خلص فريق “الخبراء المعني باليمن” التابع لمجلس الأمن الدولي إلى أن السجناء لدى الحوثيين يتعرضون للتعذيب النفسي والجسدي المنهجي، بما يشمل الحرمان من التدخل الطبي لعلاج الإصابات الناجمة عن التعذيب الذي تعرضوا له، ما تسبب بإعاقات دائمة ووفيات بين بعض السجناء.
في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أدانت محكمة أخرى يديرها الحوثيون في مدينة ذمار الواقعة إلى جنوب صنعاء 16 رجلا بارتكاب أفعال مخلة بالآداب، وفقا للائحة الاتهام الرسمية التي راجعتها هيومن رايتس ووتش.
وفقا لما نشره موقع “المشهد اليمني” الإخباري المحلي على منصة “إكس”، في 14 فبراير/شباط 2024، جمعت قوات الحوثيين 30 رجلا، بينهم 16 رجلا أُدينوا في 10 أكتوبر/تشرين الأول، في مقبرة في ذمار، وكانت على وشك إعدامهم بالرجم حتى الموت قبل إعادتهم لاحقا إلى الاحتجاز.
قال ناشطان ومحام لـ هيومن رايتس ووتش إن عائلات العديد من المتهمين غادرت محافظة ذمار هربا من الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاتهامات.
وقال ناشط يمني آخر مطلع على القضية: “اتهام الأشخاص ومحاكمتهم على خلفية أفعال مخلة بالآداب له عواقب كارثية طويلة المدى على حياة الناس في اليمن، حتى لو كانت ملفقة أو مُختَلقة. سيتأثر المتهمون وعائلاتهم ويوصمون إلى الأبد”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن الحوثيين اعتقلوا مرارا من انتقدوا سياساتهم تحت ستار تهمة الأفعال المخلة بالآداب. في يناير/كانون الثاني 2024، اعتقل الحوثيون القاضي عبد الوهاب قطران بتهم تتعلق بشرب الكحول بعد انتقاده هجمات الحوثيين في البحر الأحمر على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي 2021، حكمت محكمة تابعة للحوثيين على عارضة الأزياء والممثلة اليمنية انتصار الحمادي وثلاث نساء أخريات بالسَّجن بعد إدانتهن بارتكاب “فعل فاضح”.
بحسب “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان”، حكمت محاكم الحوثيين بالإعدام على 350 شخصا منذ سيطرتهم على العاصمة العام 2014، وأعدمت 11 منهم. في 18 سبتمبر/أيلول 2021، أعدمت قوات الحوثيين تسعة أشخاص، بينهم شاب عمره 17 عاما في ميدان التحرير بصنعاء.
فيما قالت “المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة” إنه “حُكم على المتهمين بالإعدام في عملية قضائية انتَهَكَت حقوقهم الدستورية، ولم تحترم معايير المحاكمة العادلة بموجب القانون الدولي”.
تُلزِم المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، الذي صادقت عليه اليمن، الدول التي تستخدم عقوبة الإعدام بقصر تطبيقها على الظروف الاستثنائية في “الجنايات البالغة الخطورة”.