اجتماع لمجلس الأمن لتباحث وضع حدّ للإفلات من العقاب في أوكرانيا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – عقد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة اجتماعاً على المستوى الوزاري لمناقشة موضوع صون السلم والأمن في أوكرانيا.
حذر الأمين العام للأمم المتحدة من أن التطورات الأخيرة خطيرة ومقلقة، وأن الحرب الروسية في أوكرانيا لا تظهر أي بوادر تراجع.
كما عُقد الاجتماع بحضور المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الذي قدّم إحاطة بشأن مجريات التحقيق في أوكرانيا.
وأمام وزراء خارجية الدول الأعضاء الذين اجتمعوا في مجلس الأمن في الوقت الذي تتواصل فيه المناقشة العامة في قاعة الجمعية العامة، قال السيد غوتيريش إن الأشهر السبعة الماضية شهدت معاناة ودمارا لا يوصفان.
وتابع يقول: “كما قلتُ منذ البداية فإن هذه الحرب التي لا معنى لها لديها إمكانات غير محدودة لإلحاق ضرر جسيم – في أوكرانيا وحول العالم”.
وأفاد بمقتل وإصابة آلاف المدنيين الأوكرانيين، بمن فيهم مئات الأطفال، معظمهم قضى بسبب القصف الروسي للمناطق الحضرية.
وأضاف أنه كل يوم، يقتل أو يصاب ما معدله خمسة أطفال، كما أجبِر حوالي 14 مليون شخص على الفرار، غالبيتهم من النساء والأطفال.
وحذر من ازدياد الوضع سوءا مع اقتراب فصل الشتاء وتناقص إمدادات الغاز والكهرباء.
كما أعرب عن شعوره بقلق عميق إزاء التقارير التي تتحدث عن خطط لتنظيم ما يسمّى بـ “الاستفتاءات” في مناطق أوكرانيا التي لا تخضع حاليا لسيطرة الحكومة.
وقال: “إن أي ضمّ لأراضي دولة من قبل دولة أخرى نتيجة التهديد باستعمال القوة أو استخدامها هو انتهاك لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي”.
وأكد أن الأمم المتحدة تعمل على تعظيم كل فرصة لتخفيف المعاناة، بما في ذلك من خلال زياراته إلى أوكرانيا، والاتحاد الروسي والمنطقة، وانخراطه المباشر مع الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والروسي فلاديمير بوتين.
وقال: “جنبا إلى جنب مع شركائنا في المجال الإنساني على الأرض، قدمنا المساعدة إلى ما يقرب من 13 مليون شخص محتاج”.
وشدد على أهمية أن يتمتع العاملون في المجال الإنساني بوصول آمن ودون عوائق إلى جميع من يحتاجون إلى المساعدة أيمنا كانوا.
وأوضح أن مكتب مفوضية حقوق الإنسان يقوم بتوثيق الأثر “غير المقبول” لهذه الحرب على حقوق الإنسان.
وتطرق الأمين العام إلى تبادل 250 من أسرى الحرب بين أوكرانيا والاتحاد الروسي، قائلا إنه “تطور مرحب به”.
وأثنى على جهود الطرفين معربا عن أمله في البناء على ذلك مع مزيد من التبادلات. كما شكر حكومة تركيا على دورها في تأمين هذا الاتفاق.
في تموز/يوليو، وبدعم من حكومة تركيا أيضا، تم التوصل إلى اتفاق تاريخي يسمح باستئناف صادرات المواد الغذائية والأسمدة من ثلاثة موانئ أوكرانية على البحر الأسود.
ومنذ ذلك الحين، تم نقل أكثر من 4.3 مليون طن متري من المواد الغذائية، متجهة إلى 29 دولة عبر ثلاث قارات.
ويشمل ذلك ثلاث سفن مستأجرة من قبل برنامج الأغذية العالمي لنقل الإمدادات الغذائية التي تمسّ الحاجة إليها لأفغانستان والقرن الأفريقي واليمن. وقد غادرت رابعة إسطنبول اليوم، والخامسة في طريقها، بحسب الأمين العام.
كما وّقعت الأمم المتحدة مذكرة تفاهم مع الاتحاد الروسي بشأن الوصول الكامل للمنتجات الغذائية والأسمدة الروسية، بما في ذلك الأمونيا، إلى الأسواق العالمية.
وأشار إلى وجود طريقة واحدة فقط لإنهاء المعاناة في أوكرانيا – ألا وهي إنهاء الحرب.
“أناشد جميع الدول الأعضاء، ولا سيّما تلك الموجودة هنا اليوم، أن تضاعف كل الجهود لمنع المزيد من التصعيد، وبذل كل ما في وسعها لإنهاء الحرب وضمان سلام دائم”.
أكد السيد “غوتيريش” أن فكرة الصراع النووي، التي لم يكن من الممكن تصوّرها في السابق، أصبحت موضع نقاش. “هذا في حدّ ذاته غير مقبول على الإطلاق.”
وحث جميع الدول المسلحة نوويا على أن تلتزم مجددا بعدم استخدام الأسلحة النووية والقضاء التام عليها.
كما أشار إلى الوضع في محطة الطاقة النووية زابوروجيا، مشيرا إلى أنه يشكل مصدر قلق بالغ.
وجدد دعوته إلى “إنهاء جميع الهجمات على المنشآت النووية،” محذرا من أن أي ضرر يلحق بالبنية التحتية النووية، سواء كان متعمّدا أم لا، يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على الأشخاص في محيط المحطة وخارجها. “لا يمكن للعالم تحمّل كارثة نووية”.
وشدد على أن وضع حدّ للإفلات من العقاب على الجرائم الدولية أمر أساسي، وفي كل هذا، تلعب المحكمة الجنائية الدولية دورا مهما لضمان المساءلة الفعّالة.
وقد فتح المدّعي العام للمحكمة تحقيقا في الوضع في أوكرانيا. ولفت الأمين العام الانتباه إلى أن التعاون الكامل مع المحكمة أمر ضروري.
وأشار إلى أن بعثة تقصي الحقائق التي أنشأها في أعقاب الحادث المأساوي الذي وقع في مرفق الاحتجاز في أولينيفكا في 29 تموز/يوليو، جاهزة للانتشار بمجرد تلقي جميع التأكيدات اللازمة.
وقال إن التقارير التي ترد شديدة القسوة: “الإعدام بإجراءات موجزة والعنف الجنسي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية والمهينة ضد المدنيين وأسرى الحرب. وأحدث الروايات عن المدافن في إيزيوم مزعجة للغاية”.
ودعا إلى إجراء تحقيق شامل في كل هذه الادعاءات لضمان المساءلة. كما دعا إلى محاسبة الجناة في إجراءات قضائية عادلة ومستقلة، وأكد أن للضحايا وأسرهم الحق في العدالة والإنصاف والتعويض.
قال كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في كلمته خلال اجتماع مجلس الأمن إن أي شخص يحمل سلاحا أو يطلق صاروخا يجب أن يدرك أن القانون حيّ وليس في سبات، وأن المساءلة ضرورية للغاية. “هذ يتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة”.
وأضاف أنه يمكن للقانون أن يلعب دورا يحمل تأثيرا أكبر، ويكون بمثابة مرساة للسلام والأمن في أوكرانيا وفي مناطق أخرى في العالم.
وقال إن المحكمة الآن في مرحلة استمرار الطب الشرعي الموضوعي وغير المتحيز للتعامل مع الحقائق وتشكيل صورة إزاء ما حدث فعلا.
وأشار إلى أنه في أيار/مايو، حققت المحكمة أكبر انتشار ميداني في تاريخها، ومنذ أيار/مايو كان للمحكمة وجود ميداني دائم في أوكرانيا.
“بإمكاني أن أعلن أنه في الأسبوع المقبل سينتشر المزيد من أعضاء مكتبي في أوكرانيا للنظر فيما يتعلق بادعاءات خرجت من شرقي البلاد”.
وشدد على أن مكتبه ليس أداة سياسية ولا تحركه أجندات أخرى سوى الالتزامات المنصوص عليها ببلاغة في نظام روما الأساسي.
“من خلال هذا العمل، ستتشكل صورة، والصورة التي رأيتها حتى الآن مقلقة بالفعل. كنت في أوكرانيا ثلاث مرات، ورأيت مجموعة متنوعة من الدمار والمعاناة والضرر، وما يقوي عزيمتي – ووفقا لما توصلنا إليه في السابق – وجود أسباب معقولة للاعتقاد بارتكاب جرائم تدخل في اختصاص المحكمة”.
كما أعرب عن قلقه العميق إزاء الادعاءات والتقارير بشأن ما يبدو أنها أسباب معقولة للاعتقاد بوجود استهداف متعمد لأهداف مدنية، ونقل السكان من أوكرانيا إلى الخارج، وخاصة الأطفال.
وأكد أنه عندما ذهب إلى بوتشا “الجثث التي رأيتها لم تكن مزيّفة”.
أعرب وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، عن تقديره لجهود مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق بشكل موضوعي ومهني “بالفظائع التي ارتُكبت في أوكرانيا على يد القوات الروسية”.
وأوضح أن هناك الكثير من الحديث حول انقسامات في الأمم المتحدة، لكن في الآونة الأخيرة شوهدت “وحدة رائعة” بين الدول الأعضاء عندما يتعلق الأمر بالحرب الروسية على أوكرانيا حيث شدد قادة الدول على أهمية إنهاء الحرب.
“حتى بعض الدول التي لديها علاقات وثيقة مع موسكو قالت علنا إن لديها أسئلة جدية وشواغل بشأن الاجتياح المستمر (الذي يقوم به) الرئيس بوتين”.
لكنه أضاف أنه رغم ذلك اختار الرئيس الروسي توسيع نطاق الحرب بدلا من إنهائها، واستدعاء 300,000 من الجنود الإضافيين. وبدلا من تخفيف التوترات، تهدد روسيا بالتصعيد عبر التهديد بالأسلحة النووية لا الحلول الدبلوماسية.
وتابع يقول: “اختار الرئيس الروسي هذا الأسبوع – مع تجمّع (قادة) الدول في الأمم المتحدة – لإضافة الزيت على النار التي أشعلها” مؤكدا أن ذلك يظهر ازدراء لميثاق الأمم المتحدة وللجمعية العامة ولهذا المجلس.
وشدد قائلا إن الدفاع عن سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها لا يتعلق فقط بدولة واحدة، “إنه أيضا يتعلق بحماية النظام الدولي، حيث لا يمكن لأي دولة أن تعيد رسم حدود دولة أخرى بالقوة. إذا فشلنا في الدفاع عن هذا المبدأ عندما ينتهكه الكرملين بشكل صارخ، فإننا نرسل رسالة إلى المعتدين في كل مكان أن بإمكانهم تجاهله أيضا.”
قال وزير خارجية روسيا، سيرغي لافروف، إن المسؤولين عن مأساة أوديسا في أيار/مايو 2014 لم يُعاقبوا، حيث أحرِق العشرات.
وأضاف أن كييف تدّعي “بمنتهى النفاق” أنها تحترم اتفاقات مينسك، في حين أنها تقوّضها، وتحرم سكان دونباس من كل حقوقهم الأساسية ومستحقاتهم من مرتبات ومعاشات تقاعدية.
“نظام كييف يزعم أن اتفاقات مينسك ليست مناسِبة سوى للحفاظ على الجزاءات المفروضة على روسيا، ومنذ بضعة أشهر قال الرئيس السابق بروشيكنو إن هذا الاتفاق الذي وقّع عليه شخصيا لم يكن في نيته ولا في نية أي شخص في أوكرانيا تطبيقه. ولكن ذلك يمنح الوقت لتلقي أوكرانيا الأسلحة والعتاد لشن حرب ضد الاتحاد الروسي.”
وأضاف أن نظام كييف مدين بإفلاته من العقاب لحلفائه الغربيين، فرنسا وألمانيا في المقام الأول، ثم الولايات المتحدة الأميركية.
واتهم برلين وباريس وواشنطن بأنها تغض الطرف إزاء ما يجري في دونباس.
وقال إن الأوكرانيين يسعون إلى تدمير روسيا وضلوع الدول الغربية في ذلك يجعلها طرفا في النزاع. والغرب يؤجج هذا النزاع “ويفلت من العقاب لأنه لن يعاقب نفسه.”
ووصف ما حدث في بوتشا بالتمثيلية، وفور ذلك زاد الغرب من الجزاءات. وقال منتهزا فرصة حضور الأمين العام والوزراء: “طالِبوا السلطات الأوكرانية بأن تنشر أسماء أصحاب جثث بوتشا. أنا أطالب بذلك منذ شهور.”
وفي ختام كلمته، تطرق إلى القانون الدولي، “لم يؤدِ ما حصل في الميدان ولا قصف المدنيين في دونباس ولا ما حصل في لوهانسك في تموز/يوليو والقصف الأوكراني، لأي رد فعل من المحكمة الجنائية الدولية.”
وقال أنه قد أحيل 3,000 بلاغ إلى المحكمة بدون أي رد، “لا نثق في هذه الهيئة إطلاقا.”
فور انتهائه من إلقاء كلمته، غادر لافروف قاعة مجلس الأمن وتزامن ذلك مع إلقاء وزير خارجية بريطانيا، جيمس كليفيرلي، كلمته، التي جاءت بعد كلمة لافروف، وعقّب على مغادرة الوزير الروسي بالقول: “أنا لست متفاجئا، أنا لا أعتقد أن السيد لافروف يريد أن يسمع التنديد الجماعي من مجلس الأمن.”
وقال إن ثمّة معلومات تفيد بأن روسيا تسعى إلى إجراء استفتاءات صورية دون أرضية قانونية تحت تهديد بالعنف وتشريد عدد كبير من الناس في مناطق صوّتت بغالبية ساحقة من أجل استقلال أوكرانيا.
“نعلم ما يريد فلاديمير بوتين فعله، إنه يعتزم تزوير نتائج ذلك الاستفتاء” ودعا الدول إلى رفض أي نتائج للاستفتاءات التي تنوي روسيا إجراءها في الأراضي الأوكرانية.
من جانبها، قالت وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي في الإمارات العربية المتحدة، ريم الهاشمي، إن بلادها ستستمر في الدعوة إلى الحوار وخفض التصعيد والتأجيج وتشجيع التعاون وصياغة حل توافقي يضمن الاستقرار في الدول وبينها.
وأكدت أن العالم قلق من تبعات الحرب، بما في ذلك على النظام الدولي، وأمن الغذاء والطاقة ومخاطر تعاظم هذه المواجهة.
وقالت إنه يجب “تحمل المسؤولية الملقاة علينا والتعاون من أجل أن نُحدث نقلة في تجاوز التحديات العالمية الكبرى، بدلا من المزيد من الانتكاسات بسبب الحروب والصراعات.”
وأشارت إلى أن هذا النهج والمناداة خلاصة “تجربتنا في منطقة الشرق الأوسط والتي أنهِكت شعوبها من التصميم العنيد على الهيمنة وإلغاء الآخر وإيثار المصالح الضيّقة. والذي لم ولن يخلف إلا دمارا.”
قال وزير الخارجية الأوكرانية دميترو كاليبا، إن استخراج جثث ضحايا أبرياء مستمر، مما لا يقل عن 445 قبرا في إيزيوم المحررة مؤخرا، بعضها ليست جثثا كاملة، بل مقطعة.
وتابع يقول: “روسيا يجب أن تدرك أمرا واحدا، لن تتمكن من قتلنا جميعا. لأنه في 24 شباط/فبراير، عندما هاجمت روسيا من جميع الجوانب، بغضون 24 ساعة عاد عشرات الآلاف من الأوكرانيين من الخارج للدفاع عن بلدهم.”
وفي المقابل، حجز الآلاف من الروس تذاكر لمغادرة روسيا كما قال.
وتابع يقول: “يوم أمس أعلن بوتين عن التعبئة، ولكن ما يعلن عنه حقا أمام العالم هو هزيمته، إذ يمكنك جمع 300 أو 400 ألف شخص، ولكن لن يكون بإمكانك كسب هذه الحرب. اليوم كل أوكراني هو سلاح على استعداد للدفاع عن أوكرانيا”.
وشدد على أن روسيا ستفشل وستتحمل المسؤولية الكاملة على جريمة العدوان وجريمة الحرب، والجرائم ضد الإنسانية والإبادة.
وأكد أن أوكرانيا لم ترغب في هذه الحرب ولم تقم باختيارها، مشيرا إلى أنها ترغب بالسلام، “ولكن لا يكفي أن ترغب أوكرانيا بالسلام، يجب على روسيا أن تغلب الدبلوماسية على الحرب لإعطاء السلام فرصة”.