فساد برنامج الغذاء العالمي في اليمن أوصله لجائزة نوبل للسلام
أثار فوز برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، بجائزة نوبل للسلام لعام 2020، الشكوك مجدداً حول معايير الجائزة، خاصة وأن البرنامج الأممي الذي يتخذ من روما مقراً له، مثقلاً بملفات “فساد” توجب محاكمته، لا تكريمه بشكل صادم.
وقال مراقبون لـ”ديبريفر” باستياء بالغ:” تطارد ملفات الفساد برنامج الغذاء العالمي، وقد تجاهل القائمون على جائزة نوبل ذلك، ومنحوه جائزة بصورة مريبة”.
وأضافوا “في اليمن، لم يقدم البرنامج مساعدات حقيقية، توازي حجم المبالغ المالية التي يتحصل عليها باسم مساعدة الشعب اليمني، إذ أنه يقدم “سلال غذائية” بسيطة وقد اصبحت تصرف منذ أبريل الماضي كل شهرين بمبرر نقص التمويل”.
وفي مرات عديدة، اشتكى اليمنيون من مواد غذائية تالفة صرفها لهم برنامج الأغذية العالمية.. لقد كان أداء البرنامج مثيراً للشبهات، وبعد بضعة أعوام من عمله في اليمن، اتضح أنه استفاد باسم اليمن، أكثر مما أعطى لها.
كانت حقيقة البرنامج وعمله في اليمن، مستفزة لليمنيين، وجعلتهم يتفقون بشكل لافت، على مهاجمة البرنامج، وفضح “فساده”.
ومطلع العام الماضي، فتحت جماعة الحوثيين، ملفات “فساد” برنامج الغذاء العالمي، معززاً بالوثائق، كما فعل ناشطون كثيرون من مختلف التوجهات السياسية في اليمن.
فتح ملفات فساد البرنامج الأممي، كان مفاجئاً، لكن البرنامج بادله بالتلويح بورقة وقف نشاطه الإغاثي في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
مسلسل الاتهامات والتهديدات الذي استمر قرابة عامين، تخللته فترات هدوء نسبي متقطعة قدمت خلالها مقترحات عديدة بين الحوثيين والبرنامج العالمي للغذاء، لم ترَ النور.
وقالت جماعة الحوثيين، إن “معظم مصاريف مشاريع المنظمات الأممية تذهب لناحية نفقات تشغيلية، وأنه وتحت مظلة المساعدات تستفيد المنظمات الأممية وتقدم للشعب اليمني الفتات”.
وفي 19 مايو 2019، أثارت وثيقة تداولها ناشطون يمنيون في مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن برنامج الغذاء العالمي، غضب الشارع اليمني.
الوثيقة كشفت تكاليف استخدام البرنامج لخدمة الانترنت لعام واحد فقط في اليمن بلغت مليوناً و200 ألف دولار، وهو مبلغ كبير جداً.
كما كشفت الوثيقة وغيرها من الوثائق، “فساد” المنظمات الدولية العاملة في اليمن، واستغلالها لمعاناة المواطنين، وإطالة أمد الحرب لاستمرار التكسب غير المشروع.
ووجه ناشطون اتهامات للمنظمات الأممية وفي مقدمتها برنامج الأغذية، بالفساد ونهب أموال المانحين المخصصة لمساعدة الشعب اليمني الذين يعيش ظروفاً إنسانية مأساوية، من خلال استخدام الجزء الأكبر منها كرواتب ومكافآت لموظفيها بالإضافة إلى نفقات تشغيلية.
واطلق الناشطون حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي في مارس 2019، تحت وسم “وين_ الفلوس” وهو هاشتاج فضح بالأرقام المدعمة بالوثائق كيف حولت المنظمات الدولية اليمن إلى مرتع خصب للكسب غير المشروع، وطريق سريع للإثراء.
وعززت “وكالة اسوشيتد برس” الاتهامات اليمنية لبرنامج الغذاء العالمي، وذلك في تقرير لها نشرته مطلع أغسطس 2019.
وقالت الوكالة إن الأمم المتحدة تجري تحقيقا داخليا بعد الكشف عن تورط عدد من موظفيها في الاحتيال وسرقة المساعدات المخصصة للمحتاجين في اليمن.
وأكدت الوكالة في تقرير مفصل، أن أكثر من 12 موظفا أمميا نُشروا في اليمن للتعامل مع ما يعد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، تآمروا مع الفصائل المسلحة من جميع أطراف النزاع من أجل إثراء أنفسهم على حساب المواد الغذائية والطبية والوقود والمال المخصص للشعب اليمني.
وكشفت الوكالة، استناداً إلى وثائق تحقيق داخلية للأمم المتحدة وشهادات ثمانية موظفي إغاثة ومسؤولين حكوميين سابقين، أن برنامج الغذاء العالمي يحقق في تعيين أشخاص غير مؤهلين لمناصب ذات رواتب عالية وتحويل مئات آلاف الدولارات إلى حساباتهم المصرفية الشخصية والمصادقة على إبرام عشرات العقود المشبوهة دون وثائق مطلوبة، واختفاء أطنان من المواد الطبية والوقود.
و نقلت الوكالة، عن ستة موظفين إغاثة حاليين وسابقين قولهم إن “محققين أمميين سبق أن توصلوا في أكتوبر 2018 إلى أدلة دامغة تثبت إجراء مكتب برنامج الغذاء الدولي في اليمن عمليات غير قانونية.
ويبدو أن اليمن، الذي يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ليست إلا مجرد “فرصة” انتهزتها منظمات أممية ودولية، واستغلتها بطريقة مؤلمة.. وفي حين حققت ثروات طائلة على حساب معاناة الشعب اليمني، اكتفت تلك المنظمات بإطلاق تصريحات تحذيرية عن مجاعة وشيكة في البلد الذي تعصف به الأزمات الناتجة عن حرب مستمرة منذ ست سنوات.
اقرأ أيضاً: تراجع جهود الإغاثة تفرض على اليمنيون العيش في لحظات حرجة