الأمم المتحدة: مخلفات الحرب تهدد حياة سكان غزة
قالت وكالات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة إن الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة ألحقت أضرارا بالغة بالصحة والتعليم والمياه ومرافق الطاقة وخلفت وراءها سكانا “مذعورين ومصدومين”.
بعد أن دخل وقف إطلاق النار بوساطة دولية بين غزة وإسرائيل حيز التنفيذ صباح الجمعة، قدمت وكالات الإغاثة الإنسانية إلى الصحفيين في جنيف تقييما للوضع الإنساني المتردي في قطاع غزة بعد 11 يوما من الأعمال العدائية المميتة التي تسببت في خسائر بشرية هائلة.
وفي حديثه من مدينة غزة إلى المؤتمر الصحفي في قصر الأمم بالمدينة السويسرية، قال ماتياس شمالي، مدير عمليات الأونروا في غزة: “بالطبع، يجب أن أبدأ بالتعبير عن شعور كبير بالارتياح لأن 11 يوما من المجازر والحرب قد انتهت، وبالتعبير عن الأمل في أن (الوضع) سيبقى على هذا النحو. يبدو الأمر وكأنه وقف إطلاق نار هش”.
وتنهي الهدنة، الصراع الأشد بين إسرائيل وحماس منذ حرب 2014 على غزة. وقد أدى اندلاع القتال الأخير إلى إلحاق الضرر بالنظام الصحي الهش في القطاع الذي يعاني أصلا من جائحة فيروس كورونا.
وأوضح مدير عمليات الأونروا غزة “لقد رأينا، قبل بدء الحرب مباشرة، بداية نهاية الموجة الثانية (موجة كوفي-19). والعديد منا قلقون للغاية من أنه خلال هذه الأيام العشرة من الحرب، ربما رأينا في الواقع بداية الموجة الثالثة لأنه بالطبع لم يتم الالتزام بالتدابير الاحترازية وما إلى ذلك”.
تهديد آخر لحياة الناس في غزة الآن هو التلوث بمخلفات الحرب. فوفقا لشمالي، “العودة إلى الحياة الطبيعية تعني الحاجة إلى المراقبة بعناية شديدة ما إذا كانت هناك أجهزة غير منفجرة. نحن نعرف في مدرسة واحدة على الأقل -في حالة الأونروا-، وهي واحدة من مدارسنا البالغ عددها 278 مدرسة، قد اكتشفنا فيها قنبلتين مدفونتين بشكل عميق. وقد قمنا بتنبيه السلطات الإسرائيلية إلى ذلك”.
تضرر مختبرات كوفيد-19
منذ بدء القتال في 10 مايو/أيار، تعرضت مئات المباني – بما في ذلك المنازل والمستشفيات والمدارس – للضرر أو الدمار، وزادت معاناة سكانها بسبب نقص المياه النظيفة والكهرباء والوقود.
وأفادت منظمة الصحة العالمية بوقوع هجمات على المرافق الصحية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن بينها عيادة الرمال التي تضم مختبر اختبارات كوفيد-19 الرئيسي.
وتتمثل إحدى أولويات مدير عمليات الأونروا في غزة في “إجراء تقييم للأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المادية ثم استخدام ذلك كأساس لصياغة وطرح طرق لدعم عودة الأشخاص إلى منازلهم وبناء البنية التحتية الصحية بشكل خاص.”
ومع ذلك، فإن النقطة الأكثر أهمية بالنسبة للسيد شمالي هي إدراك “مستوى الصدمة المضافة” إلى الصدمات الأخرى التي يعاني منها السكان بالفعل منذ سنوات.
وقال شمالي: “علينا أن ندرك أن هذا شعب مذعور ومصدوم”.
وأضاف للصحفيين في جنيف أن “هذا مستوى صدمة آخر تمت إضافته لصدمات أخرى ناتجة عن حروب سابقة وناجمة عن عامين من “مسيرات العودة الكبرى”، التي سببها فيروس كورونا والآن هذا. لذلك، لا يمكننا النظر إلى هذا على أنه إعادة بناء جسدي فحسب، فنحن بحاجة إلى إعادة بناء الحياة أو المساعدة في إعادة بناء الحياة”.
أن تكون طفلا في غزة أمر صعب للغاية
وتحدثت الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، عن عدد القتلى والجرحى. وقالت إن عدد القتلى بلغ 230 في قطاع غزة و27 في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، أصيب 1760 شخصاً في قطاع غزة. وأصيب 4739 شخصا بجروح في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ بداية التصعيد.
أن تكون طفلا في قطاع غزة لطالما كان صعبا للغاية، حتى قبل هذا التصعيد الأخير، بحسب منظمة اليونيسف التي أوضحت أنه بالنسبة لبعض الأطفال، يعد هذا التصعيد الصراع الرابع الذي يعانون منه.
وذكرت لوسيا إلمي، الممثلة الخاصة لليونيسف في دولة فلسطين، أنه “خلال الأيام الـ 11 الماضية، تم الإبلاغ عن مقتل ما لا يقل عن 65 طفلا فلسطينيا وإصابة 440 آخرين. في إسرائيل، تم الإبلاغ عن مقتل طفلين وإصابة 60 طفلا”.
بالإضافة إلى هذه الخسائر البشرية المروعة، فإن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المدنية الأساسية التي توفر خدمات حيوية لإنقاذ حياة الأطفال في جميع أنحاء قطاع غزة كانت هائلة. وفقا لليونيسف، تضرر ما لا يقل عن 50 مرفقا تعليميا و20 مرفقا صحيا.
قالت ممثلة اليونيسف إن “بعض الأطفال ظلوا تحت الأنقاض لساعات عديدة قبل أن يتم انتشالهم”، مضيفة أنه “كما قال الأمين العام في خطابه أمس أمام الجمعية العامة: إذا كان هناك جحيم على الأرض، فإنها حياة الأطفال في غزة اليوم”.