الأورومتوسطي: إجراءات مواجهة كورونا في غزة ليست مبررًا للاعتداء على المواطنين
جنيف- عبّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء الاعتداءات المتكررة للأجهزة الأمنية في قطاع غزة على حقوق السكّان خلال تطبيق إجراءات الإغلاق وحظر التجوال والقيود التي فرضت لمنع تفشي فيروس كورونا في القطاع.
وقال المرصد الحقوقي الدولي ومقرّه جنيف إنّ الإجراءات التي تفرضها السلطات الحاكمة في قطاع غزة -على أهميتها- لا تخوّل بأي حال من الأحوال قوات إنفاذ القانون بانتهاك حقوق الأفراد، إذ يجب عليها التقيّد التام بالقانون خلال تطبيق الإجراءات، والابتعاد عن الممارسات التعسفية التي من شأنها التسبّب بمعاناة إضافية لسكان القطاع.
ومنذ فرض السلطات في غزة حظر التجوال على القطاع مساء يوم الإثنين 24 أغسطس/آب 2020 للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، بعد اكتشاف أولى حالات الإصابة بالفيروس خارج مراكز الحجر الصحي، تلقى المرصد الأورومتوسطي عشرات الشكاوى المتعلقة بانتهاكات ارتكبتها الأجهزة الأمنية في غزة خلال تطبيق إجراءات الحظر والقيود على الحركة.
وفق الإفادات، تمثّلت أبرز الانتهاكات في إيقاف واحتجاز الأفراد خلال تحركهم في فترات حظر التجوال، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح، بالهراوات، والأيدي والأرجل، فيما اقتيد بعضهم إلى مراكز الشرطة حيث تعرضوا هناك للحجز لساعات. وتعرض كذلك بعض الأفراد لاعتداءات من قوات الأمن رغم أنّ المناطق التي أوقفوا بها كانت تخضع لنظام الحركة المحدود.
ومن أحدث الحالات التي وثقها الأورومتوسطي، اعتداء الشرطة مساء يوم الأحد الموافق 20 سبتمبر/ أيلول 2020 على المواطنين الشقيقين “محمد ورجب حمدان” (23، 22 عامًا)، في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، بدعوى مخالفتهما قرار الإغلاق والإبقاء على محل بقالة يمتلكه والدهما مفتوحًا. ووفق إفادة أفراد من العائلة، حين حاولت والدتهما “منال عبد الفتاح حمدان” (47 عامًا)، التي تعاني من مرض سرطان الثدي مساعدتهما تعرضت للاعتداء والدفع، وبعد نصف ساعة من مغادرة الشرطة سقطت مغشيًا عليها ونُقلت إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح ليعلن عن وفاتها بنوبة قلبية.
إلى جانب ذلك، وثّق الأورومتوسطي تنفيذ جهات غير مكلفة بإنفاذ القانون لعمليات التوقيف، ومن ذلك ما أفاد به الشاب “عزيز أبو زايد” (26 عامًا)، إذ أوقفته قوة خلال ساعات حظر التجول في الساعة الواحدة من صباح يوم أمس الأربعاء 24 سبتمبر/أيلول 2020، في منطقة الكورنيش، بجوار حسبة السمك في مدينة غزة، وجرى اقتياده إلى موقع مجهول بعد رفض مبرراته للخروج وقت الحظر ورفضه إعطاء أفراد الأمن كلمة السر الخاصة بهاتفه المحمول، وهناك تعرض للضرب من مجموعة من الأشخاص، ولاحقًا جرى تسليمه لجهاز الأمن الداخلي.
وقال “أبو زايد”: “لم تتوقف الإهانات اللفظية، والجسدية من لكمات وغيرها حتى وصولي لغرفة التحقيق في المقر، وبدأت جولة أخرى من الإهانات، والتسفيه، والاتهامات، والاستهزاء، والضرب بعصا على رأسي وباستخدام أنبوب مطاطي “بربيش” على أكتافي ورأسي وظهري وتم مصادرة هاتفي وتصفح بياناتي ومعلوماتي الخاصة”. وأضاف “استمرت الإهانات المتكررة لحوالي الثالثة والنصف فجرًا، قبل إيداعي في زنزانة 1*2.5 متر تقريبًا، يوجد بها حمام وفراش غير نظيف للنوم، وأفرج عني ظهر اليوم نفسه”.
تلقى الأورومتوسطي كذلك شكاوى متعلقة بانتهاك حرية الرأي والتعبير على مواقع التواصل الاجتماعي، تمثلت في استدعاء نشطاء، واحتجاز بعضهم، فيما تعلن النيابة العامة يوميًا عن فتح تحقيقات في قضايا متعلقة بجرائم النشر وتداول الإشاعات والأخبار الكاذبة، أحدثها فتح التحقيق في 45 قضية بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول 2020.
ودعا الأورومتوسطي السلطات الحاكمة في قطاع غزة إلى الالتزام بالمعايير القانونية خلال تطبيق إجراءاتها المختلفة دون أي تعسف، والتأكد من تقيّد قوات إنفاذ القانون بتلك المعايير وعدم انتهاك حقوق المواطنين.
وأشار إلى صلاحية السلطات الحكومية في فرض قيود وإجراءات استثنائية لمواجهة الوباء استنادًا لحالة الطوارئ؛ غير أنّه شدّد على وجود حقوق لا يجوز تقييدها في أي وقت، وخاصة الحق في عدم التعرض للتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والقاسية والحاطة بالكرامة، وفق ما أكدته المادتين (4 و7) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي السلطات على عدم استغلال الأوضاع لفرض سياسة تكميم الأفواه، وانتهاك الحق في الرأي والتعبير، أو تقييد ممارسة العمل الصحفي. كما دعا النائب العام إلى فتح تحقيق في حوادث الاعتداء والتنكيل والاحتجاز غير القانوني التي تمت، وما تخللها من تعذيب أو ممارسات حاطة بالكرامة، ورد الاعتبار لأصحابها، ومحاسبة المكلفين بالقانون المتورطين فيها