مجلس الأمن: وقف إطلاق النار في غزة ساري المفعول لكنه هشّ
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – رحب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط بوقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه بين غزة وإسرائيل.
لكنه حذر من أنه يظل هشّا وأن أي استئناف للأعمال العدائية سيحمل عواقب وخيمة على الفلسطينيين والإسرائيليين. وأضاف أن أي عمل عسكري جديد سيجعل أي تقدم سياسي بعيد المنال.
جاءت إحاطة السيد “تور وينسلاند” الافتراضية خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي عُقدت مساء أمس الاثنين.
وطلبت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانب الصين وفرنسا وأيرلندا والنرويج الاجتماع لمناقشة التطورات الأخيرة في قطاع غزة.
ويأتي هذا التصعيد الأخير بعد أكثر من عام بقليل من التصعيد في أيار/مايو 2021 في غزة.
تطرق “وينسلاند” إلى الخسائر التي تكبّدها الطرفان خلال الأيام الأخيرة. إذ تشير الأرقام الأولية “التي لم يتم تأكيدها بعد” إلى أنه منذ الخامس من آب/أغسطس، شن الجيش الإسرائيلي 147 غارة جوية ضد أهداف في غزة.
كما أطلق مسلحون فلسطينيون قرابة 1,100 صاروخ وقذيفة هاون باتجاه إسرائيل. سقط الكثير منها في عمق الأراضي الإسرائيلية. وأفادت التقارير بسقوط حوالي 20 في المائة منها داخل القطاع مما تسبب بأضرار.
وقال “وينسلاند“، خلال التصعيد، قُتل 46 فلسطينيا وأصيب 360 بجراح. وتضررت أو دُمرت مئات الوحدات السكنية، إلى جانب بنى تحتية مدنية أخرى.
أصيب 70 إسرائيلياً، بينهم تسعة أطفال، بجراح ولحقت أضرار بمبانٍ سكنية ومدنية أخرى.
وتم تدمير ما لا يقل عن 10 منازل بالكامل، وتضرر 48 منها بشدة وبات غير صالح للسكن. وفقا للسلطات في غزة، تضرر أكثر من 600 وحدة سكنية، مما أدى إلى تشريد 84 أسرة.
وقال “وينسلاند“: “مع الاعتراف الكامل بشواغل إسرائيل الأمنية المشروعة، أكرر أنه بموجب القانون الدولي، يجب أن يكون كل استخدام للقوة متناسبا واتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين”.
وأضاف أنه من 5 إلى 7 آب/أغسطس، قُتل 46 فلسطينيا بينهم 20 مدنيا – 15 طفلا وأربع نساء.
وبحسب مصادر رسمية إسرائيلية، قتلت الغارات 21 ناشطا من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية.
وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة بإصابة 360 فلسطينيا من بينهم ما لا يقل عن 151 طفلا و58 امرأة.
وقال “وينسلاند” أيضاً: “أدين الإطلاق العشوائي للصواريخ من أحياء سكنية مكتظة بالسكان في غزة على التجمعات السكانية المدنية في إسرائيل، مما يعرّض المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين للخطر وينتهك القانون الإنساني الدولي”.
أشار المسؤول الأممي إلى أن الليلة الماضية، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيانين منفصلين أنه تم الاتفاق على وقف إطلاق نار يدخل حيّز التنفيذ في تمام الساعة 11:30 من مساء يوم 7 آب/أغسطس بالتوقيت المحلي.
وأكد أن “وقف إطلاق النار لا يزال ساري المفعول” حتى هذه اللحظة.
ورحب “وينسلاند” بهذا الاتفاق وشكر مصر على “دورها الحاسم” في تأمين وقف إطلاق النار، إلى جانب الأمم المتحدة. وقدّر الدعم الذي قدمته قطر والولايات المتحدة والأردن والسلطة الفلسطينية وغيرهم لتهدئة الوضع.
وقال: “ساعدت هذه الجهود المتضافرة في منع اندلاع حرب واسعة النطاق. وسمحت بإيصال الإغاثة الإنسانية التي تمسّ الحاجة إليها لسكان غزة اعتبارا من وقت سابق اليوم”.
وشدد على أن الأمم المتحدة تظل على اتصال وثيق مع جميع الأطراف لتعزيز وقف إطلاق النار وضمان حماية التقدم الكبير الذي تم إحرازه بشأن تخفيف القيود، “الذي رأيناه منذ نهاية التصعيد في أيار/مايو الماضي،” أملا في توسيع نطاقه في نهاية المطاف.
أشار “وينسلاند” إلى أن جذور التصعيد الأخير تعود إلى توترات أعمق تتصاعد منذ شهور في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة.
وقال: “تصاعدت التوترات في جميع أنحاء الضفة الغربية في آذار/مارس ونيسان/أبريل، من هذا العام، لاسيّما بعد أربع هجمات إرهابية – الأكثر دموية منذ سنوات – وقعت داخل إسرائيل”.
وأضاف أنه في أعقاب تلك الهجمات، كثفت السلطات الإسرائيلية من عملياتها العسكرية داخل الضفة الغربية المحتلة، مع حدوث عدد كبير من هذه العمليات في جنين وركزت على الجماعات العسكرية الفلسطينية التي تنشط في المنطقة.
كان لإغلاق معبري إيريز وكرم أبو سالم لمدة ستة أيام عواقب إنسانية وخيمة على الفلسطينيين في القطاع.
وأفاد “وينسلاند“: “كانت غزة على شفا انهيار إنساني مساء أمس عندما دخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ”.
وأوضح أنه كما هو الحال في كل تصعيد، ثمة عواقب إنسانية وخيمة وانهيار كامل لجميع خطوط الإمداد العادية والخدمات الأساسية. ولم يتمكن الغذاء الأساسي والإمدادات الطبية والوقود من الدخول.
وقال: “نتيجة لذلك، في 6 آب/أغسطس، تم إغلاق محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة”.
وأضاف: “تسبب ذلك في انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 20 ساعة في اليوم. وهو ما أثر بشدة على تقديم الخدمات وعلى المرافق الأساسية مثل المستشفيات والعيادات والمدارس وتحلية المياه وتوزيعها، فضلا عن معالجة مياه الصرف الصحي”.
وقد سمح وقف إطلاق النار باستئناف الحركة الأساسية للبضائع والأشخاص من غزة وإليها. وتم إيصال المساعدات الإنسانية والوقود لمحطة توليد الكهرباء في غزة.
وسمح فتح معبر كرم أبو سالم بدخول ما مجموعه 23 شاحنة وقود إلى قطاع غزة. وهذا مكّن محطة توليد الكهرباء في غزة من استئناف عملها الطبيعي من الساعة الثامنة مساء هذا اليوم بالتوقيت المحلي.
وشدد في ختام إحاطته على أن دوامة العنف لن تتوقف سوى عند التوصل إلى حل سياسي للصراع ينهي الاحتلال. وأكد على تحقيق حل الدولتين على أساس حدود 1967، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي.
قال “رياض منصور“، مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، إن إسرائيل تطالب لنفسها بالحق في الأمن. وتبرر بذلك “قتل وسجن واضطهاد أمة بأكملها”.
وأضاف قائلا لأعضاء مجلس الأمن: “تزعم إسرائيل أنها تدافع عن نفسها دائما حتى عندما تهاجم الشعب الفلسطيني”.
وتابع: “إذا كنتم تناهضون العنف، فلا تبرروا العنف الإسرائيلي.. ولا تشجعوا عليه”. وأشار إلى أن ما يُسمّى بـ “الحق في الأمن” أصبح رخصة للقتل، ويجب سحبها.
ووصف حصار غزة حيث “يعيش مليونا شخص، نصفهم أطفال،” بأنه غير إنساني.
وتساءل قائلا: “ألا يوجد لهذا المجلس موقف واضح من حماية المدنيين؟ هل حياة مدنيّينا أقل جدارة بالحماية من غيرهم من المدنيين؟.
وتسائل أيضاً: “وهل هم بطريقة ما استثناء لكل قاعدة؟ هل هم في منطقة لا ينطبق عليها ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي؟”.
ودعا إلى توفير الحماية للشعب الفلسطيني. وأكد أنه لا يتم التوصل إلى السلام بالانتظار، بل يجب السعي إليه بكل قوة وعزم. “تحرّكوا الآن، أنقذوا الأرواح، أنقذوا السلام.” مؤكدا أن تكلفة الحرب أعلى بكثير.
قال مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة، “غلعاد إردان“، إنه نظرا “للتهديد الإرهابي الحاضر والواضح” ضد المدنيين الإسرائيليين، دافعت إسرائيل عن نفسها.
وتابع يقول: “إن الحقائق واضحة – سيدي الرئيس، إن حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية تعمّدت إطلاق 1,100 صاروخ على المدنيين الإسرائيليين. سقط 200 منها داخل قطاع غزة، وقتلت فلسطينيين أبرياء من بينهم أطفال صغار”.
وسأل أعضاء المجلس عن ردّة فعلهم إذا قام “إرهابيون بتهديد” المدنيين في عواصمهم. وقال: “كيف سيكون ردّ فعل النرويج إذا خطط إسلاميون متطرفون لإطلاق صواريخ على مدنيين في أوسلو؟”.
وسأل: “كيف ستردّ أيرلندا إذا أمطرت الصواريخ الجهادية دبلن بغرض القضاء على الكفّار؟ أعتقد أننا جميعا نعرف الإجابة”.
وذكّر المندوب الإسرائيلي بأنه تماما قبل 17 عاما، انسحبت إسرائيل بشكل أحادي الجانب من قطاع غزة.
وقال: “كانت إسرائيل تأمل في أن تبني هذه الخطوة الثقة وتجلب التهدئة. لكن رغم نيتنا الحسنة لم نحصل على التهدئة، بل على النقيض من ذلك حصلنا على المزيد من الإرهاب”.
قدّم مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، “أسامة عبد الخالق“، إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي.
قال في مستهلها إن ما حدث خلال الأيام الماضية سبق وأن حذرت منه مصر والعديد من الدول مرارا بشأن إمكانية انزلاق الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى دورة جديدة من العنف في أي لحظة، بسبب الأوضاع المتدهورة على الأرض.
وقال إن جهود مصر في استعادة الهدوء تكللت بالنجاح: “بادرت مصر بمساعيها مجددا للوقف الفوري للعنف وتوفير الحماية للمدنيين في القطاع، وهو ما تكلل بالنجاح بإرساء وقف لإطلاق النار اعتبارا من مساء أمس 7 آب/أغسطس الجاري”.
وجدد تأكيد بلاده على ضرورة: “وقف كافة الممارسات الإسرائيلية خاصة التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية”. وأكد على العمل بصورة عاجلة على “تسهيل نفاذ السلع والخدمات إلى قطاع غزة وتوفير التمويل اللازم لإعادة إعمار القطاع”.
كما شدد على ضرورة احترام الوضع القانوني والتاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس الشرقية تحت رعاية المملكة الأردنية الهاشمية.
هذا وشدد أيضاً على توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ومطالبة جميع الأطراف بالتوقف عن استهداف المدنيين.
وقال إن بلاده تؤكد على: “مسؤولية أي طرف تؤدي أفعاله لسقوط ضحايا مدنيين، وكذا مسؤولية المجتمع الدولي في التحقيق والمراقبة والمراجعة المستقلة والشفافة”.
وفي بيان تلاه وفد المملكة الأردنية الهاشمية، نيابة عن المجموعة العربية، قال السفير “محمود الحمود” إن على إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، واجب توفير الحماية للشعب الفلسطيني وفق القانون الدولي.
وقال: “تدعو المجموعة العربية إلى وقف جميع الخطوات الأحادية والاستفزازية والتصعيدية”. وأضاف: “تدين الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف.
وشدد “الحمود” على أن: “الحرم القدسي الشريف بمساحته البالغة 144 دونما هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة”.
وأكد أن التصعيد الذي حدث مؤخرا هو: “رسالة للمجتمع الدولي أنه لا يمكن الاستمرار بغياب الأفق السياسي”. وأشار إلى أن المجموعة العربية تعيد التأكيد على التمسك بالسلام كخيار استراتيجي.
وقال أن المجموعة العربية تطالب مجلس الأمن والمجتمع الدولي بضمان وقف إطلاق النار بشكل كامل، “ووقف إسرائيل لانتهاكاتها للقانون الدولي الإنساني”.