الأورومتوسطي: مجزرة جديدة تفضح تورّط “غزة الإنسانية” في منظومة القتل والتجويع

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن مقتل 21 فلسطينيًا مدنيًا خنقًا بالغاز وتحت الأقدام وبرصاص قوة أمنية أمريكية تعمل بتنسيق مباشر مع الجيش الإسرائيلي، في نقطة توزيع مساعدات تديرها مؤسسة ’غزة الإنسانية‘ في رفح، يكشف بوضوح تحوّل هذه المؤسسة إلى ذراع تنفيذية في منظومة القتل الجماعي والتجويع القسري التي تُحاصر بها غزة.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن هذه النقاط لم تَعُد مواقع إغاثة، بل مصائد موت تُستدرَج إليها الحشود المجوّعة عمدًا، في مشهد مركّب من الإذلال والإبادة يشكّل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي ويستدعي وقف عملها فوريًا وفتح تحقيق عاجل ومساءلة جنائية كاملة.

وأوضح الأورومتوسطي أنّ توثيق فريقه الميداني أظهر أن المجزرة وقعت على مرحلتين: المرحلة الأولى حدثت قرابة الساعة الرابعة فجر الأربعاء 16 يوليو/تموز 2025، حين أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار على آلاف المدنيين الذين تجمّعوا في شارع “الطينة” شمالي رفح، بالتزامن مع إنزال شاحنات المساعدات الغذائية، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. ورغم إطلاق النار وسقوط الضحايا، بقي الآلاف في المكان، إذ لم يكن أمامهم خيار سوى الموت جوعًا أو انتظار المساعدة، بعدما أُبلغوا من أحد العاملين بأن التوزيع سيبدأ عند الساعة السادسة صباحًا.

أما المرحلة الثانية، فكانت عند الساعة 6:20 صباحًا، عندما اندفعت الحشود نحو البوابة الخارجية المؤدية إلى نقطة التوزيع، في ظلّ ازدحام شديد وإغلاق تام للبوابة الداخلية المؤدية إلى ساحة التوزيع، ما تسبّب في تدافع مأساوي وسط غياب أي تدابير سلامة أو تدخل فوري لاحتواء الكارثة.

وبدلًا من تنظيم الحشود وتأمين سلامتهم، بدأت عناصر القوة الأمنية الأمريكية الخاصة بإطلاق قنابل الصوت وغاز الفلفل الحار على المدنيين المحاصَرين داخل البوابات، ما أحدث حالة من الذعر والفوضى العارمة، ودفع الآلاف للتدافع في محاولة يائسة للفرار، فيما حاول بعضهم القفز إلى داخل نقطة التوزيع هربًا من الاكتظاظ والموت المحتم، لكن عناصر القوة أطلقوا النار عليهم.

وأسفر إطلاق قنابل الغاز والصوت والتدافع العنيف عن مقتل ما لا يقل عن 21 فلسطينيًّا، بينهم 7 بالرصاص الحي، و15 قضوا اختناقًا نتيجة استنشاق الغاز والتدافع الشديد، وفق ما أفادت به وزارة الصحة في غزة.

وأظهرت مراجعة أجراها فريق المرصد الأورومتوسطي لعدد من الجثامين عدم وجود آثار إصابة بالرصاص، ما يعزّز الرواية بأنّ غالبية الضحايا لقوا حتفهم نتيجة الاختناق أو التدافع، في ظل بيئة مغلقة ومكتظة وغياب أي تدابير حماية.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ ما جرى يثبت أنّ نقاط توزيع المساعدات صُممت عمدًا في مناطق خطرة، بمسارات ضيّقة محاطة بأسلاك شائكة يسهل إغلاقها، ولا تستوعب الأعداد الهائلة من المحتاجين، وتخضع بالكامل لسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما يجعلها أقرب إلى مصائد مُحكمة للقتل والإذلال منها إلى ممرات لتقديم المساعدات الإنسانية.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن المؤسسة التي أنشأتها إسرائيل لإدارة منظومة التجويع اكتفت بتصريح مقتضب زعمت فيه أنها فتحت تحقيقًا في ملابسات المجزرة، في تكرار متعمّد لنمط دعائي بات معروفًا: كلما سقط قتلى في صفوف المدنيين المجوّعين، يُعلن عن تحقيق داخلي لا تُنشر نتائجه ولا يُحاسب أي طرف، لتُعاد الجريمة نفسها لاحقًا دون تغيير.

وأكد الأورومتوسطي على أنه من الصعب الاستناد على تحقيق المؤسسة التي أنشئت في إطار ترسيخ سياسة التجويع، مشددّا على أنه ضرورة تفكيك المؤسسة فورًا، وسحب أي تفويض أو غطاء يُمنَح لها تحت مسمى العمل الإنساني، كونها أداة مباشرة في إدارة الجريمة، لا وسيطًا محايدًا لإيصال المساعدة.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ مؤسسة “غزة الإنسانية” تعمل فعليًا كأداة ميدانية في خدمة سياسات الحصار والتجويع والقتل، عبر إدارة نقاط توزيع مصمّمة لإذلال المدنيين وتجميعهم في مواقع خاضعة لسيطرة أمنية مشددة، تُقدَّم تحت غطاء ما يُسمّى “التنظيم”، وبدلًا من حماية المحتاجين، تسهّل المؤسسة تنفيذ هندسة التجويع، وتوفّر بيئة مغلقة يُقتل فيها المدنيون باسم العمل الإنساني.

وأكّد الأورومتوسطي أنه حتى في الحالات التي يُزعم فيها وجود تهديد، فإن ذلك لا يبرر قانونًا استخدام القوة المميتة، إذ تُلزم قواعد القانون الدولي القوات الأمنية باتباع مبدأ التدرج في استخدام القوة، ولا تجيز اللجوء إلى القوة القاتلة إلا كخيار أخير وفقط عند وجود تهديد وشيك وحقيقي للحياة، وهو ما لم يتوفر في الحالات الموثقة، ما يجعل عمليات القتل تلك انتهاكًا جسيمًا وصريحًا للقانون الدولي.

قد يعجبك ايضا