الولايات المتحدة: عيوب في تدقيق عسكري بشأن ضحايا مدنيين في سوريا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” إن مراجعة الجيش الأمريكي لغارة جوية في سوريا عام 2019 تسلط الضوء على العيوب الأساسية والمستمرة في تعامل الولايات المتحدة مع محاسبة الإضرار بالمدنيين.
أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية في 17 مايو/أيار 2022 ملخصا علنيا، ولكن ليس التقرير الكامل، يعترف بأخطاء في تعامل الجيش الأولي مع الغارة، لكنه ناقص كثيرا ولا يحمّل المسؤولية لأي شخص.
أشارت المعلومات المتاحة عن الغارة الجوية إلى وجود عيوب يمكن منعها في كل من التحقيق الأولي والمراجعة اللاحقة، بما فيه الافتقار إلى الشفافية، ونقص المعلومات من الشهود، والتعريف الفضفاض جدا للمقاتلين، وعدم وجود تعويضات للمدنيين المتضررين.
قالت “سارة ييغر“، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش بواشنطن: “إنها خيبة أمل ولكن ليست مفاجأة أن ترفض وزارة الدفاع الأمريكية مجددا تحميل نفسها المسؤولية عن موت مدنيين.
بالإضافة إلى إصلاح العيوب الواضحة في عملية التحقيق، على الجيش الأمريكي نشر المراجعة الكاملة، لإظهار الاحترام لعائلات الضحايا ومنع الانتهاكات المستقبلية”.
وجد تقرير في صحيفة “نيويورك تايمز” في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أن عشرات المدنيين قتلوا في غارة جوية أمريكية استهدفت بلدة الباغوز السورية في مارس/آذار 2019.
كما وثّق التقرير سلسلة إجراءات اتخذها موظفون في وزارة الدفاع للتستر على مدى الضرر الذي ألحقته الغارة بالمدنيين.
بعد وقت قصير من نشر التقرير، أمر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بمراجعة حقائق الغارة والتحقيق الذي أعقبها.
بعد عدة أشهر، وجه أيضا الجيش لوضع “خطة عمل لتقليل الأضرار المدنية والاستجابة لها” لتشمل إنشاء “مركز امتياز” عسكري للخسائر المدنية.
نُشر ملخص تنفيذي لمراجعة الجيش لغارة سوريا عام 2019 بالإضافة إلى مذكرة من أوستن وتقرير جديد في نيويورك تايمز نقلا عن مصادر عسكرية رفيعة المستوى. المراجعة الكاملة مصنفة سرية وغير متاحة للعموم.
أشارت المعلومات المتوفرة حول المراجعة العسكرية الأمريكية إلى أنها، مثل التحقيق الأولي، شابتها عيوب خطيرة.
أولا: لم تقدم وزارة الدفاع أي معلومات لدعم مزاعمها بأن معظم الأشخاص الذين قتلوا نتيجة الضربة كانوا مقاتلين أعداء.
بدلا من ذلك، صنف الجيش، على ما يبدو، جميع الذكور البالغين على أنهم مقاتلون بغض النظر عن مشاركتهم في الأعمال العدائية، في انتهاك لمعايير القانون الإنساني الدولي المتعلقة بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين.
قالت مجموعات منها هيومن رايتس ووتش سابقا إن على “البنتاغون” إعادة تقييم تعريفه للوضع المدني.
ربما كنتيجة للتوصيف الخاطئ للقتلى، يختلف تقييم المراجعة لعدد الضحايا المدنيين بشكل ملحوظ عن تقارير “إيروورز” ونيويورك تايمز.
ثانيا: عند تنفيذ هذه الضربة الجوية، اعتمد الجيش على ما يبدو على معلومات غير صحيحة من حلفاء سوريين.
بدل التحقق بشكل صحيح من المعلومات التي تلقتها، استخدمت القوات الأمريكية لقطات من كاميرا منخفضة الدقة بطائرة بدون طيار يبدو أنها لا تستطيع التمييز بين الأشخاص على الأرض.
ثالثا: لا تقدم المراجعة أي دليل على أن المحققين تحدثوا إلى أي شخص خارج الجيش الأمريكي.
بدل ذلك، يبدو أن المدقّقين العسكريين اعتمدوا في المراجعة على نفس المعلومات الناقصة التي اعتمدوا عليها في تنفيذ الغارة الجوية.
كما لم تذكر المراجعة تقديم تعويضات مالية أو غيرها للضحايا المدنيين الذين حُددت هوياتهم.
قال “لويد أوستن” إنه ملتزم بإصلاح الطريقة التي تمنع بها وزارة الدفاع الأمريكية الضرر المدني وتستجيب له.
لمساعدته على القيام بذلك، على الكونغرس الأمريكي تبني مشروع قانون حماية المدنيين في العمليات العسكرية الذي قدمته عضوة مجلس الشيوخ “إليزابيث وارين” في وقت سابق في مايو/أيار.
من بين أمور أخرى، سيؤسس التشريع “مركز الامتياز” الذي وصفه “أوستن” في مذكرته الأخيرة بشأن الأضرار المدنية كمركز داخل البنتاغون لإصلاح عديد من العيوب المعروفة في العمليات الأمريكية التي تؤدي إلى إلحاق ضرر بالمدنيين.
قالت “ييغر“: “التحقيق غير الكافي الذي أجراه الجيش الأمريكي بشأن الغارة في الباغوز يظهر ضرورة أن يشرف الكونغرس على إصلاح تعامل الجيش مع الضرر بالمدنيين”.
وأضاف: “كانت لدينا آمال كبيرة تجاه التزامات الوزير أوستن في وقت سابق من هذا العام، لكن، نتيجة الإجراءات الخاطئة العديدة في هذا التحقيق، نحن قلقون جدا ألا يكون الجيش الأمريكي ملتزما بالإصلاح”.