رغم تعهدات مؤتمر المناخ COP27 أزمات حقوق الإنسان في مصر في زيادة
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – أربعة أشهر مضت على انتهاء فعاليات مؤتمر المناخ (COP27) المنعقدة في مدينة شرم الشيخ المصرية، نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حين كان اسم علاء عبد الفتاح ملئ السمع والبصر، يتردد على مسامع الجميع.
وذلك بعدما بادر عدد من قادة العالم بالمطالبة علنًا بإطلاق سراح علاء عبد الفتاح.
وقتها أصبحت جملة “أنت لم تُهزم بعد”، في إشارة إلى عنوان كتاب علاء، صرخة مدوية في المؤتمر.
ونظم مئات من أعضاء المجتمع المدني الدولي فعاليات احتجاجية تضامناً مع علاء، في مشهد غير مسبوق في مصر منذ الانقلاب العسكري عام 2013.
الآن، وبعد مرور 4 أشهر، لم يتم إحراز أي تقدم في سبيل إطلاق سراح علاء، كما أن عدد السجناء السياسيين في مصر يزداد بلا توقف.
وفي مواجهة هذا الركود، بعث مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ضمن العديد من المنظمات الحقوقية منها منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، برسالة إلى حكومات ألمانيا والمملكة المتحدة وغيرهما لتشجيعهم على استخدام تقرير الأمم المتحدة المرتقب بشأن حقوق الإنسان في مصر للمطالبة بفتح تحقيقات أممية مستقلة حول سجن علاء وآلاف السجناء السياسيين الآخرين في مصر.
وبحسب الرسالة؛ “شهد العالم خلال مؤتمر المناخCOP 27 تصاعد الحملة الوحشية لقمع المجتمع المدني في مصر، إذ اعتقلت السلطات المصرية عشرات الآلاف، بمن فيهم مئات من المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والمعارضين السياسيين والصحفيين، وتواصل اعتمادها بشكل منهجي على ممارسات كالإخفاء القسري والتعذيب”.
لكن الحكومات لم تكتف بتجاهل الرسالة ورفض التحرك من أجل صدور قرار في هذا الصدد، بل رفضت، حسب سناء سيف، مجرد التحدث علانية أمام الأمم المتحدة حول قضية علاء وأزمات حقوق الإنسان في مصر.
هذا الفشل يأتي على الرغم من الدعوات الأخيرة لمثل هذا النوع من الإجراءات من قبل البرلمانيين في جميع أنحاء أوروبا وفي البرلمان الأوروبي.
ولم تقدم الحكومات أية أسباب واضحة لهذا الرفض من قبل الحكومات التي تم الاتصال بها.
قالت سناء سيف: “التعهدات التي قطعها قادة العالم خلال مؤتمر المناخ هي – على ما أعتقد – ما دفع علاء لتعليق إضرابه عن الطعام، بعدما كاد يموت خلال أيام المؤتمر. اعتقد علاء، كما اعتقدنا جميعًا، أنه عندما تطالب ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والأمم المتحدة علانية بإطلاق سراحه؛ فهذا سيعني شيئاً ما في سبيل الافراج عنه، لكن هذا لم يحدث.
وأضافت: “لقد دفع أخي بنفسه إلى النهاية، لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة لمجرد أنه سمح لنفسه التحلي بالأمل”.
والآن وبعد مرور أشهر، لا نسمع إلا الصمت. جاء القادة وعادوا لمنازلهم، ويبدو أضحت وعودهم منسية.
نحن بحاجة ماسة لتدخل عاجل من مجلس حقوق الإنسان للدفع بإجراءات لازمة. وعلى الحكومات التي قالت إنها ملتزمة بحرية علاء أن تستمر في بذل الجهد الكافي لتحقيق ذلك وأن تتوقف عن غض الطرف عن القمع الوحشي.
وبحسب ماكس لوك عضو البرلمان الألماني ولجنة الشئون الخارجية ولجنة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية، فإن تكتيكات الحكومة المصرية تتسم بالمكر الشديد، فيما يتعلق بالتنازلات الظاهرة والمعلن عنها، لكننا لن نتورط كطرف في لعبتهم الخبيثة.
يجب ألا نسمح لأنفسنا بالخوف، علاء رمزاً لحرية الرأي والتعبير والنضال من أجل حقوق الإنسان، وعلينا ألا نتخلى عن ضحايا النظام المصري الآن. من واجبنا التنديد بالانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان في جميع السياقات الثنائية والمتعددة الأطراف.
وبصفتي سياسيًا في مجال حقوق الإنسان، فأنني بالنهاية أبذل قصارى جهدي لضمان إطلاق سراح كل المعتقلين تعسفيًا.”
يقول ديفيد لامي، النائب عن الدائرة الانتخابية لأسرة علاء في البرلمان البريطاني، ووزير خارجية الظل: “مرت شهور منذ تدخل رئيس الوزراء شخصيًا في COP27 لتأمين إطلاق سراح علاء. فشلت محاولاته، وأصبح هذا اختبارًا حقيقًيا لنفوذه”.
“لا يزال علاء في السجن بسبب معتقداته السياسية بينما تستمر السلطات المصرية في منع الزيارة القنصلية عن مواطن بريطاني دون عواقب”.
“هذا غير مقبول. على الحكومة المصرية أن تحدد الآن وبشكل عاجل الخطوات الجديدة التي تخطط اتخاذها لتأمين إطلاق سراح علاء”.
“وبصفتي نائبًا عن دائرة أخت علاء، سأستمر في التحدث حتى يتم منح القنصلية حق زيارة علاء في محبسه، وإطلاق سراحه ولم شمل علاء بأسرته”.
ويضيف النائب الألماني توبياس باشرلي، عضو لجنة الشئون الخارجية: “إن الالتزام المستمر بحماية حقوق الإنسان في مصر لا يزال ضروريًا”.
“فلا يزال المدافع البريطاني المصري عن حقوق الإنسان علاء عبد الفتاح محتجزًا في سجن وادي النطرون، محرومًا من الرعاية الطبية”.
“ولا تزال السلطات المصرية رافضة الاعتراف رسميًا بإضرابه السابق عن الطعام. هذا المواطن البريطاني لا يزال لا يحصل على الرعاية القنصلية على نحو ينتهك القانون الدولي بشكل مباشر”.
“لذا ندعو الحكومة المصرية مجدداً إلى إطلاق سراحه فورًا. ونشجع وندعم وزارة الخارجية الألمانية على إثارة قضية انتهاكات حقوق الإنسان في السياقات الثنائية والمتعددة الأطراف مع مصر”.
وفي مواجهة تقاعس كافة الجهات، تبدأ سناء سيف شقيقة علاء مرة أخرى حملة دعم جديدة لحقوق أخيها، مطالبًة بالإفراج الفوري عنه. تسافر لجنيف للمشاركة في فعاليات الجلسة الجارية لمجلس حقوق الإنسان في 15 الجاري.
كما ستشارك في فعالية على هامش الجلسة في 16 مارس في تمام الواحدة ظهراً (بتوقيت وسط أوروبا).
تضم العديد من الخبراء البارزين، ويناقش سبل التصدي لتفاقم أوضاع حقوق الإنسان في مصر والأزمات الاقتصادية التي تشهدها.
كما ستقدم سناء خلاله معلومات حول أخر مستجدات وضع علاء في السجن، وتجدد الدعوة لاتخاذ إجراءات عاجلة من قبل الحكومات بشأن إطلاق سراحه.
يقول جيريمي سميث، مدير مكتب جنيف لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “هناك مخاوف من أن مصر ربما حاولت ترهيب ألمانيا والمملكة المتحدة ودول أخرى”.
ألغت الحكومة المصرية حوارًا حول حقوق الإنسان كان من المزمع عقده مع ألمانيا، كما رفضت الحكومة المصرية إصدار تأشيرة دخول لمفوضة حقوق الإنسان الألمانية لويز أمتسبرغ، وذلك قبيل بدء فعاليات الجلسة الجارية للمجلس.
ويضيف سميث: “من دواعي القلق الشديد أن المملكة المتحدة والحكومات الأخرى رفضت إظهار حتى ولو قيادة متواضعة في الأمم المتحدة لحماية حياة وأمان علاء عبد الفتاح – وهو مواطن بريطاني – وضمان حريته، ناهيك عن إنقاذ أرواح وضمان حرية آلاف المسجونين ظلمًا في مصر”.
“وعليه فإن فشلت الدول في إظهار القيادة بشأن هذه المسألة في الجلسة الحالية للمجلس، فإننا نأمل مخلصين في إمكانية تصحيح الأمر في الجلسة المقبلة، والمزمع انعقادها في غضون شهرين”.
“حذرت الجماعات الحقوقية مرارًا وتكرارًا، من أن فشل مجلس حقوق الانسان والدول الأعضاء فيه في معالجة أزمات حقوق الإنسان في مصر، والذي سيتم تفسيره باعتباره ضوء أخضر لحكومة السيسي بمواصلة سجن وتعذيب أي شخص ينتقد النظام العسكري”.
“ففي 5 مارس/آذار الجاري، بالتزامن مع جلسة مجلس حقوق الإنسان، أصدر القضاء المسيس في مصر حكمًا بحبس 14 شخصًا، بمن فيهم نشطاء حقوقيين، بتهم الإرهاب عبر اجراءات محاكمة جائرة.
وفي تطور مشجع، أدان بشدة فولكر تورك المفوض السامي الجديد لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة أمام المجلس، انتهاكات حقوق الإنسان في مصر ودعا إلى إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين في البلاد.