عام على اغلاق نقابة المعلمين الأردنيين، والانتهاكات بحق حرية العمل النقابي مستمرة

بعد نحو عام على وقف نقابة المعلمين في الاردن عن العمل واغلاق مقراتها لمدة عامين، ما زال هناك كثير من التعسف في قضية النقابة والمعلمين.

لقد شهد الأردن في الفترة الأخيرة، أحداثاً مقلقة تضمنت، حملة اعتقالات وترويع للمعلمين، أضافة إلى الاستقواء على الناشطين في هذه القضية.

كان آخر هذه الأحداث، توقيف نائب نقيب المعلمين، الدكتور “ناصر النواصرة” وعدداً من أعضاء مجلس النقابة، أثناء توجههم إلى محافظة الكرك، للمشاركة في وقفة أمام فرع النقابة، احتجاجاً على قرارات حكومية بحق النقابة ومعلمين ناشطين.

كما اعتقلت القوات الأمنية أيضا نحو 30 معلماً كانوا موجودين قرب دوار الثنية في محافظة الكرك، وقامت بإغلاق جميع الطرق الفرعية والرئيسية المؤدية إلى فرع النقابة، ومنعت تدفق المحتجين في الدوار الذي كان المفترض أن يشهد تجمّع المعلمين، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية.

تأتي هذه الوقفة احتجاجا على قرارات سابقة لوزارة التربية والتعليم، بإحالة عشرات من المعلمين الناشطين في النقابة الموقوف أعمالها منذ عام على التقاعد المبكر أو “النقل التعسفي”.

ويشار إلى أن وزارة التربية والتعليم، كانت أحالت في نهاية العام الماضي، عشرات المعلمين إلى التقاعد المبكر، ومن ضمنهم أربعة أعضاء في مجلس نقابة المعلمين، بعد مشاركتهم في الاحتجاجات ضد إغلاق مقار النقابة، وكفّ يد مجلسها عن العمل.

إلا أن الوزارة قالت في وقت سابق بتصريح لـموقع “عربي 21” الإخباري، إن، “الإحالات على التقاعد إجراء اعتيادي تحكمه قوانين التقاعد المدني وقانون الضمان الاجتماعي وأنظمة وتعليمات الخدمة المدنية، وهدفها تنظيمي بحت وجميع الوزارات والمؤسسات الحكومية تحيل سنويا عشرات الموظفين على التقاعد والتقاعد المبكر والاستيداع”.

وتابعت الوزارة بقولها: “تجري في الوزارة باستمرار، وتأتي لغايات فتح شواغر جديدة للتعيينات من مخزون ديوان الخدمة المدنية، والتخفيف من البطالة التي يعاني منها طالبو الوظائف في الدرجات العلمية المختلفة بجميع التخصصات، ومنها التدريسية، إضافة إلى ضخ دماء جديدة للعملية التربوية”.

من جهته، شدد مدير المرصد العمالي الأردني أحمد عوض، على أن النقابيين يجب أن يكونوا محصنين ضد أي أعمال انتقامية، سواء من صاحب العمل أو الجهات الرسمية على خلفية عملهم النقابي. وأضاف، “معاقبة النقابيين على خلفية نشاطهم النقابي تعد مخالفة لمعايير العمل الدولية”.

تعد نقابة المعلمين كبرى النقابات المهنية الأردنية، تأسست عام 2011، وينتسب إليها نحو 150 ألف معلم ومعلمة.

لكن العلاقة بين الحكومة والنقابة يشوبها التأزم، إذ تقول الحكومة، إن النقابة تحاول الاستقواء عليها ولي ذراعها وتجييش الشارع، بينما ترى النقابة أنها تطالب بالحقوق فحسب.

وكانت القابة قد نفذت عام 2019 أطول وأكبر إضراب في تاريخ البلاد لفترة اربعة اسابيع للمطالبة بزيادة الرواتب، حسب ما وعدت الحكومة في 2014.

وهكذا وبسبب نشاطات نقابة المعلمين التي حظيت بدعم شعبي واسع خاصة من قبل المعلمين، قرر نائب مدعي عام عمّان في يوليو/تموز 2020 كف يد أعضاء مجلس النقابة عن العمل، وإغلاق مقراتها لمدة سنتين، كما منع النشر في القضية، حيث غابت وسائل إعلام محلية عن تغطية اعتقال أعضاء مجلس النقابة.

وشكلت وزارة التربية لجنة مؤقتة لتسيير أعمال النقابة إداريّا وماليّا، لحين البت في القضية المنظورة أمام محكمة الاستئناف والمتعلقة بنقابة المعلمين الموقوفة أعمالها.

وكان القضاء الأردني قد أصدر في ديسمبر/كانون الأول 2020 قراراً أولياً، بحل نقابة المعلمين وحبس أعضاء مجلسها لمدة عام، بعد أن وجهت لهم تهمتي، “التحريض على التجمهر” و”التحريض على الكراهية”. لقد تم الافراج عنهم واخلاء سبيلهم بكفالة مالية قيمتها 700 دولارا.

ويجدر الاشارة انه في حزيران 2021، تم تشكيل لجنة ملكية لتحديث المنظومة السياسية، وتتولى اللجنة، التي تتألف من 92 عضوا يمثلون مختلف الأطياف السياسية والفكرية وشتى القطاعات، تقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة.

وطالب الناشطون في قضية المعلمين اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، بتقديم ضمانات واضحة من السلطة التنفيذية بالتراجع عن قرار وقف نقابة المعلمين، وإعادة النقابة إلى العمل كحق دستوري وقانوني مكتسب تحقق بنضالات المعلمين عبر السنوات الماضية.

وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الاسبوع الماضي أخبارا جديدة عن اجتماع رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية (رئيس الوزراء الاسبق سمير الرفاعي) و ممثل مجلس نقابة المعلمين الدكتور “ناصر النواصرة”.

حيث تم عرض تفاصيل قضية وملف نقابة المعلمين العالق منذ أكثر من سنة بين الحكومة وبين النقابة على “الرفاعي”، كما عرضوا عليه كافة مطالبهم المتمثلة بتنفيذ بنود الاتفاقية الموقعة بين النقابة والحكومة عام 2019، وملف المعلمين المحالين على الاستيداع و التقاعد المبكر، وإغلاق فروع نقابة المعلمين دون وجه حق ودون مسوغ قانوني.

وأضاف “النواصرة” أن اجتماعهم مع “الرفاعي” كان ضمن إطار دعم اللجنة الملكية لتحديث منظومة الاصلاح وعرض قضايا المعلمين مؤكداً أن حل ملف نقابة المعلمين هو أول مناخات الإصلاح السياسي وأولى مقدماته، والذي أنشئت اللجنة من أجله، ومن أجل الوصول إلى حل لهذا الملف الهام والذي يمس شريحة واسعة من المجتمع الأردني.

وأكد “النواصرة” انهم لم يأخذوا من رئيس اللجنة أي وعود ولم تقدم لهم أية مبادرات لحل ملف نقابة المعلمين.

استنكر مركز الخليج لحقوق الإنسان بأقوى العبارات كل الإجراءات التعسفية التي قامت بها السلطات الأردنية ضد نقابة المعلمين وبضمنها استخدام القضاء من أجل حلها واستهداف قادتها ويعلن تضامنه الكامل معها.

وطالب المركز الحكومة الأردنية اعادة الاعتبار الكامل لنقابة المعلمين وفروعها كافة واعادة الاعتبار القانوني الكامل لكل تشكيلتها الإدارية وبضمنها مجلس النقابة والهيئة المركزية وهيئات الفروع. أن واجب الحكومة هو حماية العمل النقابي وليس محاربته بقرارات تعسفية تتناقض مع الدستور ومبادئ حقوق الإنسان.

طالب مركز الخليج أيضاً الحكومة الاردنية بالجلوس لطاولة المفاوضات وإيجاد تسويات مقبولة لهذه الأزمة وعلى أرضية تنفيذ الاتفاقية الموقعة بين النقابة والحكومة قبل عامين مع الاعتراف بحق النقابة وقيادتها المنتخبة في العمل بحرية، لطي هذا الملف الذي أصبح يؤرق الحياة العامة في الأردن.

وطالب المركز السلطات في الأردن وقف جميع الاعتقالات بحق المعلمين والناشطين بقضية نقابة المعلمين وغيرها من القضايا التي تمس حياة المواطنين اليومية.

اقرأ أيضاً: عرقلة فعالية لنقابة المعلمين الأردنيين مصادرة للحق في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي

قد يعجبك ايضا