الأورومتوسطي يتهم شركة دنماركية في مساهمتها بتجهيز طائرات حربية إسرائيلية هاجمت قطاع غزة
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بإجراء تحقيق عاجل في مساهمة شركة دنماركية بتجهيز طائرات حربية إسرائيلية شاركت في الهجومين العسكريين الإسرائيليين على قطاع غزة عامي 2021 و2022.
حيث وبحسب المرص الحقوقي فقد أسفر الهجومان عن مقتل أكثر من 100 مدني، بينهم 75 طفلاً.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الإثنين إنّ استخدام المعدات الدنماركية في الطائرات الحربية الإسرائيلية ربما تسبب بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك جرائم حرب محتملة.
وكشفت تقارير نشُرت أخيرًا تزويد أكبر شركة دفاع دنماركية “تيرما” الجيش الإسرائيلي ببعض مكونات وأجزاء طائرات F-35 الحربية.
وأكدت التقاري أن سلاح الجو الإسرائيلي قام باستخدم هذا النوع من الطائرات في الهجومين الأخيرين على قطاع غزة في مايو/ أيار 2021 وفي أغسطس/ آب 2022.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ العديد من الهجمات الجوية الإسرائيلية استهدفت مواقع لم يكن فيها أي هدف عسكري واضح.
فأدّى ذلك إلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين وخاصةً الأطفال.
إذ قتل الجيش الإسرائيلي خلال هجوم مايو/ أيار 2021 نحو 254 فلسطينيًا، بينهم 66 طفلًا و39 امرأة، و17 مسنًا، بحسب التوثيق الميداني للأورومتوسطي. كما قتل 31 مدنيًا فلسطينيًا في أغسطس/ آب 2022، بينهم 17 طفلًا على الأقل.
وذكر المرصد أنّ تلك الهجمات ضاعفت من تأثير الحصار الإسرائيلي التعسفي غير القانوني على قطاع غزة، والمستمر منذ أكثر من 17 عامًا.
وأكد المرصد الحقوقي أن الحصار المستمر على القطاع تسبب بحرمان السكان من أبسط حقوقهم وحرياتهم، وأصاب القطاعات الخدمية والاقتصادية الأساسية بشلل شبه الكامل.
واستلمت إسرائيل حتى الآن من الولايات المتحدة 36 طائرة حربية من طراز إف-35 من إجمالي 50 طائرة تعاقدت عليهم.
إذ أصبحت ثاني دولة بعد الولايات المتحدة تستخدم هذه الطائرات فائقة التطور في عملياتها الهجومية.
وتصنع وتطوّر الشركة الدنماركية الجانب السفلي من أجنحة طائرات F-35 الحربية، وهي الأجزاء التي تحمل وتلقي القنابل والصواريخ، فضلًا عن 80 جزءًا آخر من أجزاء المقاتلة.
ووفق خبراء عسكريين، فإنّ الأجزاء التي تصنعها شركة “تيرما” أساسية لاستخدام الطائرة في العمليات العسكرية، ما يعني أنّها أساسية أيضًا في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّه على الرغم من التقارير التفصيلية التي وثّقت الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة في الأراضي الفلسطينية، لم يهتم قطاع الدفاع الدنماركي بإجراء أي تقييم مخاطر بشأن التورط في انتهاكات حقوق الإنسان، وذلك لأنّ تجارة الطائرات الحربية تدر عوائد مالية بمليارات الدولارات.
وحققت الصادرات العسكرية لشركة “تيرما” مبيعاتٍ بأكثر من مليار كرونة دنماركية العام الماضي (نحو مليون و460 ألف دولار أمريكي)، وتشغّل الشركة أكثر من 800 موظف يعملون فقط في إنتاج وتطوير أجزاء طائرات F-35.
وقالت الباحثة في المرصد الأورومتوسطي “ميكيلا بولييزي“: “لحماية القانون الدولي وحياة الشعوب، يجب أن يكون هناك تدقيق ومساءلة للدول والشركات التي تستفيد من تصدير الأسلحة إلى البلدان المتورطة بشكل واضح في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
وأضافت أنّ “الدنمارك ملزمة بموجب معاهدة الأمم المتحدة لتنظيم تجارة الأسلحة عام 2014 بالامتناع عن تصدير الوسائل الحربية أو مكوناتها إلى دولة مثل إسرائيل”.
وتابعت بولييزي: “إذ من المحتمل جدًا أن تُستخدم في ارتكاب انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف، بما في ذلك الاستهداف المقصود للمدنيين والأعيان المدنية”.
ورفضت الدنمارك سابقًا تصدير المعدات العسكرية إلى إسرائيل خوفًا من توظيفها في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، لكنّ الأمور تغيرت في ضوء سياسة الدنمارك الخارجية الجديدة (الواقعية البراغماتية).
إذ خففت الحكومة من قيود تصدير المعدات العسكرية، ما سمح لها بسلوك طرق مختصرة لتصدير المعدات، والإشارة ضمنيًا إلى أنّها لن تتحكم بعد الآن في الغرض الذي تُستخدم من أجله الصادرات في نهاية المطاف.
وقبل نحو أسبوع، رفع وزير الخارجية الدنماركي “لارس لوكه راسموسن” الحظر على صادرات الأسلحة إلى السعودية والإمارات، والذي فُرض في عامي 2018 و2019 بعد مقتل الصحافي السعودي “خاشقجي“، وعلى خلفية الحرب في اليمن.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ الدنمارك لا تجري تقييم مخاطر بشأن التورط في انتهاكات حقوق الإنسان، والذي عادة ما يكون معيارًا أساسيًا عند اتخاذ قرار بشأن تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية عندما يتعلق الأمر “بالمشاريع التي تتم بالتعاون مع دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي”، وذلك وفقًا لما كتب وزير الخارجية الدنماركي.
ونتيجة لذلك، تمكنت شركة “تيرما” من تصدير الأجزاء التي تنتجها من طائرات F-35 الحربية للخارج.
إذ أرسلتها أولًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية كجزء من مشاركة الدنمارك في اتفاقية التعاون الدفاعي بقيادة الولايات المتحدة ضمن برنامج طائرات F-35، ثم إلى إسرائيل.
وأعرب المدير الإعلامي لشركة “تيرما” عن شعوره “بالفخر والسعادة” لكون الشركة جزءًا من برنامج KF-35 وتقديم “مساهمة كبيرة في تحالف الدنمارك المهم مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى”.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ المدنيين هم من يتحملون الأثر الأكبر لهذه “المساهمة” عندما تتسبب أجزاء الطائرات الحربية المطورة والمصنعة في الدنمارك بإطلاق القنابل والصواريخ على قطاع غزة المحاصر وتدمير المستشفيات والمنازل وأنظمة النقل، فضلًا عن إزهاق أرواح الكثير من الأبرياء.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة الدنماركية إلى وضع حد للتصدير المباشر وغير المباشر لجميع أنواع المعدات العسكرية إلى الحكومة الإسرائيلية، والاعتراف بأن صادرات شركة “تيرما” لتجهيز الطائرات المقاتلة الإسرائيلية تساهم في ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى ضمان التدقيق والمساءلة.
وحث المرصد الأورومتوسطي على ضمان امتثال شركة “تيرما” لالتزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان لتحديد وحساب آثار صادراتها المحتملة والفعلية على حقوق الإنسان، على النحو المنصوص عليه في مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان.
وطالب المرصد باحترام القانون الأوروبي والدولي والالتزام به، ولا سيما معاهدة الأمم المتحدة بشأن تنظيم تجارة الأسلحة والإعلان المشترك للاتحاد الأوروبي بشأن تجارة الأسلحة، والذي صدّقت عليه الدنمارك في عام 2008.