ضمن “عام مجنون ووحشي”.. المحنة المميتة لطالب أسود على يد طلاب بيض
قالت صحيفة “لوموند” (Le Monde) الفرنسية إن جلادي الطالب ساندا ديا، الذين قتلوه عام 2018 بعد تعريضه لأعمال وحشية بشعة، قد يجدون أنفسهم قريبا في المحكمة، مهما كانت عائلاتهم مهمة وثرية ومؤثرة.
وقال جان بيير ستروبانتس، مراسل الصحيفة في بروكسل، إن ساندا ديا كان -كما وصفه أخوه سيدو لصحيفة ستاندارد- شابا سعيدا لم يتجاوز 20، “يعيش الحياة مبتسما، ويتمتع بكل المواهب.
فهو يحب الموسيقى وله أصدقاء في كل مكان، ويجيد لعب كرة القدم، لدرجة أن ناديا كبيرا كان مهتما به، وهو منشغل في الدراسات الهندسية، وكان يأمل في إكمالها في اليابان”.
وأشارت إلى أنه لو لم تعاجله “ريوزغوم” (Reuzegom) وهي مجموعة ضمن رابطة أنتويرب للمجتمعات الطلابية معروفة بالعنف، لكان له شأن.
وقال المراسل إن هذه الدائرة عبارة عن طلاب من عائلات مهمة جدا وغنية ومؤثرة، تحب المعاكسات، وتسمى محليا “المعمودية” (baptêmes)، وقد وعد أحد أعضائها عام 2018 بعام “مجنون ووحشي”، في “ترويض البلوز” (الوافدين الجدد).
والغريب أن هذا العضو ربما كان يعير بقصر قامته، فيرد بأن “صديقنا الألماني العزيز هتلر” لم يكن طويل القامة أيضا.
وقد شارك هذا الشاب في حفل التنشئة كما يسمونه، وهي جلسة امتدت على مدى يومين في 30 ساعة، وفق برنامج “عام وحشي ومجنون”، ومميت أيضا.
حيث أخرج ساندا ديا وهو يحتضر، قبل أن يموت بنوبة قلبية، بعد انخفاض درجة حرارة جسمه إلى 27 درجة مع مستوى مرتفع من الملح بشكل لا يصدق في دمه.
وأشار المراسل إلى أن أخبارا قد شاعت في بلجيكا عن قصص “تعميد” يقوم بها الطلاب، وتنتهي أحيانا بأخطاء؛ ولكنها جلسات يُفترض أنها احتفالية وليست إلزامية، ويُفترض أن يؤدي الإذلال المقبول فيها إلى تعزيز الاندماج.
ولا تعرض في الغالب حياة الطلاب إلى خطر، غير أن ما حدث في 5 ديسمبر/كانون الأول 2018 هو أن ساندا انهار بعد حلقات لا تصدق من أبشع أشكال التعذيب.
وقد أولى الصحفيون في ذلك الوقت اهتماما للقضية، في حين لم تعطها السلطات القضائية الكثير من الاهتمام، واعتبرتها “حادثا مؤسفا”، ربما لمساعدة العائلات الشريفة، بما فيها عائلة أحد قضاة التحقيق، كما يقول مراسل لوموند.
وأشار المراسل إلى أن الجامعة في لوفان، بدت في عجلة من أمرها لإنهاء القضية، وأصدرت مرسوما يلزم أعضاء التجمع المعنيين بـ30 ساعة من العمل “للمصلحة العامة”، والالتزام بتقديم عمل مكتوب حول معنى “المعمودية”.
وقد أتيح لهم الوقت لمحو جميع آثار أعمالهم الشريرة بمهارة وسرعة من شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي القريب -كما يقول المراسل- سيجد 18 مما يسمى “بوتقة النخبة الفلمنكية المستقبلية” أنفسهم أمام المحكمة، وقد وصفهم مدير شاب يعرفهم في إحدى المجلات، بأنهم “أوغاد متعجرفون”، خاصة أنهم كانوا يحرقون الأعضاء التناسلية، ويجبرون الآخرين على ابتلاع البول، إضافة إلى قتلهم خنزيرا صغيرا بعد وضع مسدس على صدغه وإشعال سيجارة في فمه.
وقد دعا محامو المجموعة المكونة من 18 طالبا، الذين اختارهم آباؤهم من بين الأفضل، إلى إعطاء موكليهم واجبات إضافية، وشجبوا دور الإعلام واتهموه بالتحيز.
كما أشاروا إلى أن “البلوز” لم يجبروا على الخضوع لطقوس يمكنهم التخلي عنها في أي وقت، حتى لو كان ذلك يعني أن يصبحوا منبوذين من فصلهم، وهو ما أراد ساندا تجنبه.
ورأى المراسل أن المحامين لم ينجحوا على الأقل في تأخير الإجراءات؛ إلا أنهم لن يكونوا قادرين على تهدئة ما أثاره الكشف عما حدث بالفعل في عام 2018 في غابة في مقاطعة أنتويرب، حيث أخبر اثنان من رفاق ساندا بإسهاب عما عانوه معه هناك.
بدأ الأمر -كما يقولان- بإجبارهم على شرب البيرة القوية والنبيذ، وأكل الحيوانات كطعام، وفأر مطحون في عصيدة، إضافة إلى قطع رأس ثعبان حي، والالتزام بالسباحة في مجرى جليدي، وحفر حفرة والجلوس فيها قبل الرش بالماء والبول، وهو ما يقول أحد الشهود إنه طلب المزيد منه “لأدفئ نفسي”.
وعند حلول الظلام، ظل “البلوز” يجرون أنفسهم على ركبهم إلى منتصف مسطح مائي؛ لتسليط الضوء على مشاهد من “طقوس السمك” في القرون الوسطى، تنتهي بابتلاع الزيت والسمكة الذهبية حية.
وبالفعل -كما يقول المراسل- قامت الجامعة بحظر “ريوزغوم” لمدة فصل دراسي، بحجة أن جمعيتهم لم تكن جزءا من دوائر أعضاء هيئة التدريس، التي تشرف عليها المؤسسة، وأطلقت الإدارة تحقيقا تأديبيا جديدا.
واختتم المراسل بأن السؤال الوحيد المتبقي هو هل مات ساندا لأنه كان أسودا، وبالتالي تم استهدافه بشكل خاص من قبل هذه المجموعة من الشباب البيض؟ خاصة أنهم غنوا “الكونغو لنا”، كما ذكر أحد الطلاب أنه سمع يوما القادة يستجوبون ساندا ديا، ويسمونه “الزنجي”.
اقرأ أيضاً: يحصل في أميركا.. برنامج يؤدي للعقم استهدف السود في القرن العشرين