هيومن رايتس ووتش تطالب الأردن بتوسعة الحماية الاجتماعية إلى أقصى حد
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – يزداد إدراك الحكومات حول العالم ضرورة وجود برامج قوية للحماية الاجتماعية، والأردن ليس استثناءً.
في العام 2019، طرحت السلطات الأردنية “برنامج الدعم النقدي الموحد” (“تكافل” سابقا) لتكملة النظم الموجودة القائمة على المساهمات والمطبَّقة ضمن سوق العمل الرسمي، مثل المعاشات التقاعدية، ومستحقات الأمومة، وإصابات العمل، والبطالة، والعجز.
يهدف البرنامج إلى دعم ما يسمى بالفقراء العاملين، وأغلبهم يعمل في الاقتصاد غير الرسمي.
يتلقى المستفيدون شهريا من 40 إلى 136 دينارا أردنيا (56 إلى 192 دولار أمريكي). هذا العام، يُتوقع أن يصل البرنامج المدعوم من “البنك الدولي” إلى حوالي 120 ألف أسرة.
لكن وجدت الحكومة، في أعقاب الزيادة الحادة في معدلات الفقر في العام 2022، أن تقريبا ربع الأُسر الأردنية تعيش تحت خط الفقر، أي حوالي 580 ألف أسرة.
نظرا إلى محدودية نطاق البرنامج وخوارزمية الاستهداف الذي يستخدمها، لن تُعتبر العديد من هذه الأسر من ضمن الأشد فقرا وبالتالي لن تستفيد.
كما أن خط الفقر بحد ذاته هو مقياس لا يعكس بشكل كامل عدد الأشخاص غير القادرين على إحقاق حقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.
لاختيار المستفيدين، يعتمد البرنامج، الحائز على “جائزة التميّز الحكومي العربي”، على قاعدة بيانات تجمع البيانات حول المتقدمين من أكثر من 30 هيئة حكومية.
قال مسؤولون في “صندوق المعونة الوطنية”، الذي يدير البرنامج، لـ هيومن رايتس ووتش إن البنية التحتية الواسعة للحكومة الإلكترونية في الأردن تسمح باستهداف أكثر تقدما ودقة.
اهتمام الحكومة الأردنية بالحماية الاجتماعية يجعلها رائدة في منطقة أهملت تاريخيا هذه السياسة، وهي ضرورية لحقوق الإنسان، مثل الحق في الضمان الاجتماعي والحق في مستوى معيشي لائق.
لكن تركيز الحكومة على الاستهداف في منح مستحقات الحماية الاجتماعية يضيّع فرصة ترسيخ أحد الأسس الضرورية لعقد اجتماعي وصمود اقتصادي قويَّين.
عاين بحث “هيومن رايتس ووتش” محاولة البرنامج الأردني الطموحة لتقديم الدعم النقدي الموجَّه باستخدام كميات كبيرة من البيانات تتعلق بالوضع الاقتصادي للناس، لكنه وجد أن عملية الاختيار نفسها تقوّضها الأخطاء، والسياسات التمييزية، والصور النمطية عن الفقر.
مؤشرات الفقر التي تستخدمها البرامج الموجَّهة، مثل البرنامج الأردني، لتصنيف المستفيدين واختيارهم تقصّر حتما في استيعاب التعقيد الاقتصادي لحياة الناس وتستبعد الكثير من المحتاجين.
فهي تغذي التوترات الاجتماعية والتصورات الواسعة النطاق أن التوزيع ليس عادلا. كما أن كمية البيانات الشخصية والحساسة التي تتطلبها تهدد الخصوصية أيضا.
بدل الاعتماد على مقاربة تحرم العديدين من حقهم في الضمان الاجتماعي حتى وهم يجوعون، ويتخلفون عن سداد الإيجار، وتُثقل كاهلهم بالديون، ينبغي للسلطات الأردنية والبنك الدولي الانتقال نحو نظام للحماية الاجتماعية يكون شاملا ويمكّن جميع الناس طيلة حياتهم من إحقاق حقوقهم، بما فيها حقهم في الضمان الاجتماعي.