انتقادات حقوقية لقوانين جديدة توسع صلاحيات الجيش في مصر
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن السلطات المصرية أصدرت أوائل فبراير/شباط 2024 تشريعا جديدا يرسخ ويوسع صلاحيات الجيش، الواسعة أصلا، على الحياة المدنية بشكل يقوّض الحقوق.
وبحسب المنظمة يمنح القانون الجديد الجيش سلطة جديدة واسعة لممارسة وظائف معينة بدلا من الشرطة والقضاء المدني والسلطات المدنية الأخرى كليا أو جزئيا، ويوسع نطاق اختصاص المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين.
في 22 يناير/كانون الثاني، قدمت الحكومة قانونا جديدا وتعديلات على قانون سارٍ إلى مجلس النواب، الذي وافق عليها سريعا دون نقاش أو تعديل يُذكران في جلسة عامة واحدة في 28 يناير/كانون الثاني.
ويتضمن التشريع “قانون رقم 3 لسنة 2024 بشأن تأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية في الدولة” الذي نُشر في الجريدة الرسمية في 4 فبراير/شباط.
كما وافق مجلس النواب على تعديلات عديدة على “قانون القضاء العسكري” رقم 25 لسنة 1966 يُتوقع نشرها في “الجريدة الرسمية” قريبا.
وقال عمرو مجدي، باحث أول في شؤون مصر في هيومن رايتس ووتش: “ترسيخ سيطرة الجيش على الحياة المدنية هو استراتيجية لاحتواء السخط المتزايد على إخفاقات الحكومة المصرية الذريعة في دعم الحقوق الاقتصادية والسياسية الأساسية وضمانها. لن تُحَل الأزمة المالية في مصر بمحاكمة المزيد من المصريين في محاكمات عسكرية واضحة الجور وحبسهم”.
يكلف القانون رقم 3 القوات المسلحة بـ “معاونة الشرطة والتنسيق الكامل معها في تأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية بما في ذلك محطات وشبكات أبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق والكباري” و”ما يدخل في حكمها”.
ويمنح القانون العسكريين المشاركين في هذه العمليات الصلاحيات القضائية التي تتمتع بها الشرطة في الاعتقال والضبط. ينص القانون أيضا على أن جميع الجرائم المرتكبة ضد المرافق العامة والمباني العامة “الحيوية” أو فيما يتعلق بها يجب ملاحقتها أمام المحاكم العسكرية.
يحتوي هذا القانون على أحكام أوسع وأكثر تعسفا من سابقه، القانون رقم 136 لسنة 2014، الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي بمرسوم في أكتوبر/تشرين الأول 2014.
وقد استخدمت حكومة السيسي قانون 2014 لمحاكمة آلاف المدنيين، وبينهم عشرات الأطفال، في المحاكم العسكرية، غالبا في محاكمات جماعية تنتهي بأحكام السجن القاسية أو الإعدام.
في مثال يعكس الطبيعة الفوضوية والمنتهِكة للمحاكمات الجماعية التي لا يتم فيها التحقق من الوثائق الأساسية، وفي كثير من الأحيان لا تُثبت المسؤولية الجنائية الفردية، أدت إحدى القضايا البارزة عام 2016 إلى الحكم بالسجن المؤبد على مدعى عليه عمره ثلاث سنوات، وبعدما أثار سخطا عارما، قال متحدث باسم الجيش لاحقا إن الحكم صدر عن طريق الخطأ.
ورد في القانون 2014 إنه سيطبق لعامين فقط، وبررت الحكومة ذلك قائلة إن المحاكمات العسكرية كانت ضرورية للتصدي لموجات الهجمات العنيفة على المنشآت الحكومية خلال تلك الفترة. لكن عام 2016، مُدِّد القانون خمس سنوات إضافية، ثم في أكتوبر/تشرين الأول 2021 أصبحت أحكام القانون دائمة.
يمنح عنصر جديد مهم في القانون الجديد العسكريين سلطة البحث وتفتيش الأماكن، أو اعتقال الأشخاص، أو مصادرة المواد لمواجهة “الجرائم التي تضر باحتياجات المجتمع الأساسية من سلع ومنتجات تموينية”.
وتهدف الصلاحيات الجديدة إلى “حفظ المقومات الأساسية للدولة ومكتسبات الشعب وحقوقه أو مقتضيات الأمن القومي، والتي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الصياغة الفضفاضة غير المسبوقة تفسح المجال أمام المزيد من التدخل العسكري في الحكم المدني والحياة اليومية، ما يمنح الرئيس ولواءاته الحرية في تحديد التهديدات للأمن القومي.
كما يمنح القانون الجديد وزير الدفاع صلاحية تحديد أعداد العسكريين ومواقعهم ومهامهم وتوزيعهم بحسب مقتضيات “طبيعة عملهم داخل هذه المنشآت والمرافق العامة والحيوية”.
ويمكن استخدام هذا النص لنشر عسكريين بشكل دائم في المرافق الحكومية المدنية، ما قد يقوض استقلالها أو يؤدي إلى قمع تعسفي من قبل القوات العسكرية ضد التجمعات السلمية قرب هذه المرافق.