إسرائيل تتبنى سياسة منهجية باستهداف السكان والأفراد المدنيين في قطاع غزة

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن إسرائيل تتبنى سياسة منهجية باستهداف السكان والأفراد المدنيين في قطاع غزة المحميين بموجب القانون الدولي الإنساني، أينما كانوا،  وحرمانهم من أي استقرار ولو مؤقت في مراكز النزوح والإيواء، من خلال تكثيف قصف هذا المراكز على رؤوس النازحين داخلها، واستهداف المناطق المعلنة كمناطق إنسانية؛ في إصرار على فرض التهجير القسري وتدمير كل مقومات الحياة الأساسية ضمن جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي.

 

وأضاف الأورومتوسطي في بيان له أنه ورغم مرور قرابة تسعة أشهر على الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع لم تتوقف فيها القوات الحربية الإسرائيلية عن عمليات قصف الأعيان المدنية والقتل الجماعي للمدنيين واستهداف مراكز اللجوء التابعة للأمم المتحدة، واقتراف جرائم قتل جماعية فيها، التي تشكل كل منها جريمة دولية قائمة بحد ذاتها ومكتملة الأركان.

 

وبيّن أن تتبع منهجية القصف الإسرائيلي يشير إلى وجود سياسة واضحة ترمي إلى نزع الأمان عن كل قطاع غزة وحرمان الفلسطينيين من الإيواء أو الاستقرار ولو لحظيًّا، من خلال استمرار القصف على امتداد القطاع والتركيز على استهداف مراكز الإيواء في مدارس الأونروا.

 

وأبرز الأورومتوسطي أنه وثق 4 استهدافات منذ فجر اليوم الثلاثاء الموافق 25 يونيو/حزيران، ضد مراكز إيواء إضافة إلى تدمير عدة منازل على رؤوس ساكنيها ما أدى إلى عشرات القتلى والجرحى، معظمهم من النساء والأطفال، مبينًا أنه بعد ظهر اليوم قصفت الطائرات الإسرائيلية مركز إيواء نادي الجزيرة غرب مدينة غزة، ما أدى إلى مقتل أحد النازحين وإصابة آخرين بجروح.

 

وفجر اليوم الثلاثاء قصفت الطائرات الإسرائيلية مدرسة “عبد الفتاح حمود” التي تؤوي نازحين وسط غزة، ما أدى إلى مقتل 8 نازحين، جميعهم من عائلة الجرو؛ هم مسنة، وابنها وزوجته وأطفالهما الخمسة. كما أصيب عدد من المواطنين بجروح.

 

كما قصفت الطائرات الإسرائيلية فجر اليوم نفسه، مدرسة “أسماء ج” التابعة للأونروا والتي تؤوي نازحين في مخيم الشاطئ غرب غزة، ما أدى إلى مقتل 11 نازحًا، بينهم 5 نساء و4 أطفال.

 

علمًا أن المدرسة نفسها، تعرضت للقصف الإسرائيلي ظهر الجمعة الموافق 7 يونيو/حزيران، ما أدى إلى مقتل أربعة من النازحين في المدرسة، وإصابة خمسة آخرين بجروح، وطال القصف في حينه داخل المدرسة غرفة تضم ألعاب مخصصة للأطفال تستخدم في تنفيذ برامج التفريغ النفسي عن الأطفال.

 

وبعد ظهر الأحد الموافق 23 يونيو/حزيران، قصفت طائرات إسرائيلية مقر “الصناعة” التابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، واستهدفت غرفتين عند البوابة الغربية للمبنى، ما أدى إلى مقتل أربعة من العاملين في لجان تأمين المساعدات الإنسانية. كما أصيب آخرون بجروح من النازحين.

 

وعصر الجمعة الموافق 21 يونيو/حزيران، أطلقت الدبابات الإسرائيلية المتوغلة في رفح عدة قذائف مدفعية تجاه خيام النازحين في المواصي غرب مدينة رفح تلا ذلك قصف من طائرات مسيرة إسرائيلية، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها ومقتل 25 من النازحين، وإصابة 45 آخرين بجروح وحروق مختلفة، وغالبية الضحايا من الأطفال والنساء. كما سقطت قذائف أخرى بجوار “شاليه شمس”الذي تستخدمه اللجنة الدولية للصليب الأحمر كمقر وسكن لبعثتها والعاملين فيها ويقع على شارع الرشيد الساحلي غرب منطقة المواصي ما أدى إلى إلحاق أضرار به.

 

وفي 6 يونيو/حزيران قصفت الطائرات الإسرائيلية مدرسة تؤوي آلاف النازحين في مخيم النصيرات، وهو الأمر الذي أدى إلى مقتل 40 من النازحين منهم أطفال ونساء.

 

وأبرز الأورومتوسطي أنه إلى جانب قصف مراكز الإيواء قصفت الطائرات الإسرائيلي خلال الـ 24 ساعة الماضية ما لا يقل عن 12 منزلا في أرجاء متفرقة من قطاع ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات بعضهم لا يزال تحت الأنقاض.

 

وشدد الأورومتوسطي على أن اتساع دائرة استهداف مراكز الإيواء التي ترفع علم الأمم المتحدة والمنازل التي تؤوي نازحين، والوقوف على طبيعة ضحاياها من العائلات والأسر التي تباد وتمسح من السجل المدني يدلل على عدم صحة التبريرات الإسرائيلية، وأن القصف بالفعل ينتهك مبادىء التمييز والضرورة والتناسب واتخاذ الاحتياطات الضرورية، فضلا عن كونه جزءا من عملية استخدم القوة النارية لإيقاع الأذى الفادح بالمدنيين وتدمير حياتهم وقدرتهم على الحياة والاستقرار.

 

وشدد على أن تكرار مهاجمة مباني الأمم المتحدة وقتل النازحين داخلها، فضلا عن تدميرها وحرقها، هو تحدٍّ صارخ للقانون الإنساني الدولي، ويشكل جرائم حرب قائمة بحد ذاتها، وهو يأتي بالتوازي مع تحريض سياسي وقرارات إدارية وتشريعية تسعى لتقويض عمل المنظمة الأممية.

 

وذكّر انه خلال اجتياح جباليا ومخيمها الشهر الماضي دمرت وأحرقت القوات الإسرائيلية جميع مراكز الإيواء المقامة في مدارس الأونروا.

 

وتروي المواطنة “ولاء خالد دبور” (42 عامًا) والتي نزحت بداية الحرب على غزة من مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة إلى مركز ايواء مدرسة القدس الابتدائية في مخيم جباليا -مدارس أبو زيتون- تفاصيل اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي للمأوى، وإجبار أحد المواطنين على حرق جميع غرف المركز تحت تهديد النار من طائرة كواد كابتر التي كانت تحلق فوقهم: “بدأ النازحون معنا في مركز الإيواء بالإخلاء منذ 12 مايو 2024، في ظل اشداد القصف المدفعي، وبقينا في المركز الذي يقع كآخر مدرسة من مدراس أبو زتون من الجهة الشرقية. كان عددنا 15 فردا، أنا وزوجي وأطفالي وأم زوجي وأخته وأطفالها، قلنا إننا سنلتزم البقاء في الغرفة دون أن نخرج، لعدم وجود مكان إيواء نذهب إليه. جاء يوم 15 مايو وتحديدًا وقت آذان الظهر، دخل علينا رجل في الأربعينيات من عمره وقد بان عليه آثار التعذيب والضرب، طمأننا وقال لنا إنه فلسطيني مثلنا، وأنه يجب علينا الخروج الآن بخط سير حدده لنا، بناء على طلب الجيش منه. كان يحمل معه مادة قابلة للاشتعال وعيدان كبريت، سألته ابنتي ماذا ستفعل، قال لنا: “الجنود أخبروني بعد أن ضربوني واحتجزوني لساعات، أن أدخل مركز الإيواء هذا، وأخبره من بقي بداخله أن يخرج فورًا نحو الطريق المؤدي لاحتجاز المواطنين بالقرب من تجمع جنود الاحتلال، وأن أدخل كل غرفة وأحرقها بالكامل، لقد حذروني من أي محاولة للهرب أو عدم تنفيذ ذلك، وأن طائرة صغيرة ستراقبني، وستطلق النار عليّ حال عدم تنفيذ ذلك”. قال لنا إن الجنود أبلغوه بعدم ترك أي غرفة داخل المأوى دون حرقها. حدد لنا مسار الخروج، في وقت لا يزال جنود الاحتلال يبعدون عن مركز الإيواء لأكثر من 200 متر، في المنطقة الخلفية للمأوى وهي منطقة صالة مزايا. بالفعل بدأ الشاب في حرق الغرف، وخرجنا جميعا نحو المسار المحدد، وكان يوجد في الأجواء طائرات صغيرة. خرجت أحمل الراية البيضاء وجميع أفراد عائلتي خلفي، حتى وصلنا مكان التجمع الذي حدده الجيش. لم نجلس هناك سوى بضعة دقائق، حتى طلب الجيش منّا السير غربا، في طريق حدده لنا، وأبقى على زوجي علي عبد الرؤوف دبور وابني الذي يبلغ من العمر (18 عاما)، ولا نزال نجهل أي معلومات عنهما، ولا نعرف ماذا حدث لهما. عدنا مع انسحاب جيش الاحتلال لنفس المأوى، لنجد أن الحريق إلتهم جميع الغرف وقضى على فراش ومونة جميع النازحين في المركز، عدنا لنسكن في نفس الغرفة رغم السواد والحريق الذي حدث، فلا مكان آخر نذهب إليه.”

 

ووفق إعلان الأونروا؛ فخلال الأشهر الثمانية الماضية قصفت القوات الإسرائيلية أكثر من 190 مبنى تابع للأونروا وقتل أكثر من 460 نازحا نتيجة لذلك، وذلك رغم أن الأونروا تشارك إحداثيات جميع مرافقها (بما في ذلك المدارس التي يوجد بها مراكز إيواء) مع الجيش الإسرائيلي وأطراف النزاع الأخرى.

 

كما أشار إلى أن إسرائيل تواصل توسيع عملياتها العسكرية في رفح بما في ذلك استكمال إعادة الانتشار العسكري والتمركز على طول الحدود مع مصر مع استمرار القصف والتهجير القسري للسكان، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي ولقرار محكمة العدل الدولية بضرورة وقف الهجوم على المحافظة، مذكرًا بأن إسرائيل لم تتأخر بالمجاهرة في رفض قرار المحكمة، من خلال تكثيف القصف والقتل والتدمير فور انتهاء الجلسة وما بعدها.

 

وشدد على أن المدنيين في رفح يدفعون ثمن الهجمات العسكرية الإسرائيلية التي تنتهك على نحو جسيم قواعد القانون الدولي الإنساني، وبخاصة مبادئ التمييز والتناسبية والضرورة العسكرية.

 

وبناء على ما سبق، جدد الأورومتوسطي مطالبته لجميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية بفرض العقوبات الفعالة على إسرائيل، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، بما يشمل التوقف الفوري عن عمليات نقل الأسلحة إليها، بما في ذلك تراخيص التصدير والمساعدات العسكرية، وإلا كانت هذه الدول متواطئة وشريكة في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية.

 

كما حث المرصد الأورومتوسطي المحكمة الجنائية الدولية على المضي في التحقيق في كافة الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وتوسيع دائرة التحقيق في المسؤولية الجنائية الفردية عن هذه الجرائم لتشمل جميع المسؤولين عنها، وإصدار مذكرات قبض بحقهم، والاعتراف والتعامل مع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة باعتبارها جريمة إبادة جماعية دون مواربة، كونها من الجرائم الدولية التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

قد يعجبك ايضا