الأمم المتحدة توجه نداء إلى مجلس الأمن لإيصال المساعدات عبر الحدود السورية

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – وجه الأمين العام للأمم المتحدة نداء إلى أعضاء المجلس للحفاظ على توافق الآراء بشأن السماح بالعمليات عبر الحدود في سوريا، من خلال تجديد قرار إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لمدة اثني عشر شهرا إضافية.

وفي جلسة مجلس الأمن الدولي، قال “أنطونيو غوتيريش“: “يجب أن نظهر الشجاعة والتصميم على القيام بكل ما هو ضروري للتوصل إلى حل سياسي تفاوضي يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254”.

من بين المتحدثين أيضا وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية “مارتن غريفيثس” الذي تتطرق إلى الأوضاع الإنسانية في سوريا، حيث لا يزال 14.6 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية.

كما تحدث أيضا، بالإضافة إلى مندوبي الدول الأعضاء الخمسة عشر وسوريا وإيران وتركيا “إياد آغا“، منسق منتدى المنظمات غير الحكومية بشمال غرب سوريا.

وفي مستهل الجلسة، قال الأمين العام إن الوضع الإنساني في سوريا لا يزال مزريا بالنسبة لملايين الأطفال والنساء والرجال في جميع أنحاء البلاد.

الاحتياجات في أعلى مستوياتها منذ بداية الحرب منذ أكثر من 11 عاما. وتستمر أكبر أزمة لاجئين في العالم في التأثير على المنطقة والعالم.

وكان الأمين العام قد أصدر مؤخرا تقريرا جديدا حول الوضع الإنساني في سوريا، والأرقام فيه صارخة:

  • إذ يحتاج 14.6 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية.
  • يعاني اثنا عشر مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وهم لا يعرفون مصدر وجبتهم التالية.
  • 90 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر.
  • البنية التحتية متداعية ودمرت بسبب سنوات من الصراع.
  • انخفض النشاط الاقتصادي إلى النصف خلال عقد من الصراع والأزمات المالية الإقليمية والعقوبات وجائحة كوفيد-19.
  • من المقرر أن ينكمش الاقتصاد أكثر هذا العام، وفقا للبنك الدولي.

وفي هذا السياق، ناشد الأمين العام المانحين دفع التعهدات السخية التي تعهدوا بها في مؤتمر المانحين السادس في بروكسل، وزيادة دعمهم.

“يجب على المجتمع الدولي أن يساعد المجتمعات على بناء قدرتها على الصمود، وتهيئة الظروف لتسهيل العودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين والنازحين”.

الاستجابة الإنسانية الهائلة التي تنفذها الأمم المتحدة وشركاؤها في سوريا تجنبت حدوث الأسوأ، ولكن هناك حاجة إلى المزيد.

هذا ما يدفع الأمين العام إلى أن يشدد باستمرار على “أهمية الحفاظ على إمكانية وصول المساعدات وتوسيعها، بما في ذلك من خلال العمليات عبر الخطوط وعبر الحدود.”

وأوضح أنه عندما يتعلق الأمر بإيصال المساعدات المنقذة للحياة للأشخاص المحتاجين في جميع أنحاء سوريا، يجب توفير جميع القنوات والمحافظة بها.

بعد أن اتحد المجلس العام الماضي لاتخاذ القرار 2585، استجابت الأمم المتحدة بالفعل.

فعلى الرغم من بيئة العمل الصعبة الاستثنائية، قدمت الأمم المتحدة مساعدات عبر الخطوط الأمامية في الشمال الغربي.
كما أنها استفدت “استفادة كاملة من التفويض عبر الحدود لإنقاذ الأرواح”.

إذ تمر الآن مئات الشاحنات من تركيا كل شهر. ومنذ السماح بالمساعدات عبر الحدود في عام 2014، عبرت أكثر من 500،00 شاحنة إلى سوريا لتقديم المساعدة للمحتاجين.

وعملية الأمم المتحدة عبر الحدود في سوريا هي واحدة من أكثر عمليات الإغاثة التي تخضع للتدقيق والمراقبة في العالم.

في حين أن زيادة المساعدة عبر الخطوط كان إنجازا مهما، إلا أنها في الظروف الحالية ليست بالحجم المطلوب لتحل محل الاستجابة الهائلة عبر الحدود.

وفي هذا الصدد، ناشد الأمين العام أعضاء المجلس بشدة الحفاظ على توافق الآراء بشأن السماح بالعمليات عبر الحدود، وذلك من خلال تجديد قرار مجلس الأمن 2585 لمدة اثني عشر شهرا إضافية.

وقال ”إن تخفيف معاناة وهشاشة 4.1 مليون شخص في المنطقة ممن يحتاجون إلى المساعدة والحماية، واجب أخلاقي”.

وقد ساعد المجتمع الدولي معا في تجنب الانهيار التام في سوريا. وحسّن إمكانية الوصول عبر قرارات مجلس الأمن؛ وساهم في بناء مرونة السكان.

“لكن الطريقة الوحيدة لإنهاء المأساة الإنسانية في سوريا”، بحسب الأمين العام، “هي وقف حقيقي لإطلاق النار على الصعيد الوطني وإيجاد حل سياسي يمكّن الشعب السوري من تقرير مستقبله.”

ودعا “غوتيريش” أعضاء المجلس إلى إظهار الشجاعة والتصميم على القيام بكل ما هو ضروري للتوصل إلى حل سياسي تفاوضي يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254.

كما حثهم على بذل كل ما في وسعهم لتشجيع الأطراف على الانخراط في مفاوضات هادفة من أجل السلام. وقال: “لا يمكننا التخلي عن شعب سوريا”.

من جانبه تحدث وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، “مارتن غريفيثس“، عن الوضع الإنساني مشيرا إلى بعض التقدم المحرز منذ تموز/ يوليو.

وقال في مثل هذا الوقت من العام الماضي، لم تكن هناك قوافل عبر الخطوط إلى شمال غرب سوريا.

وأوضح أنه منذ اعتماد القرار 2585، أرسلت الأمم المتحدة خمس قوافل، كل منها تتضمن 14 شاحنة، من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة إلى إدلب، إلى الشمال الغربي.

“فتح ذلك العبور عبر الخطوط إلى شمال غرب سوريا لأول مرة في الأشهر الـ 12 الماضية منذ عام 2017. هذا ليس بالأمر الهين”.

جلبت الشاحنات الطعام لأكثر من 43000 شخص في كل مرة، إلى جانب المواد الغذائية والنظافة والمستلزمات الطبية والتعليمية.

وتابع منسق الإغاثة الطارئة: “لكننا نريد أن نفعل المزيد، وعلينا أن نفعل المزيد، ونتوقع أن نفعل المزيد، ونعمل على توسيع نطاق الوصول”. لكننا بحاجة إلى بيئة مواتية”.

“نحتاج إلى موافقات في الوقت المناسب من جميع المعنيين، وضمانات أمنية، خاصة لممر آمن. وبالطبع، نحن بحاجة إلى التمويل”.

وأكد “غريفيثس” على ضرورة الاستمرار في إيصال المساعدة من تركيا لمدة 12 شهرا إضافية. في العام الماضي، أدخلت حوالي 800 شاحنة المساعدات إلى المنطقة، ووصلت إلى أقل بقليل من 2.4 مليون شخص.

وحذر من أنه بدون وصول عبر الحدود، سيزداد الجوع، ولن يتم علاج الحالات الطبية، وسيتم تعطيل توزيع لقاح كوفيد-19، وستكون القدرة على حماية ملايين النساء والفتيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي محدودة للغاية، من بين عواقب أخرى.

وفي إحاطته للمجلس التي أدلى بها من “غازي عنتاب” بتركيا، قال منسق منتدى المنظمات غير الحكومية في شمال غرب سوريا، “إياد آغا“، إن الوضع الإنساني المتردي في المنطقة مستمر في التدهور مع تزايد الاحتياجات وتناقص القدرة على الاستجابة.

وأشار آغا إلى أن أكثر من 2.8 مليون شخص في شمال غرب سوريا يعيشون إما في مخيمات أو مستوطنات غير رسمية، في حين أن حوالي 3.1 مليون يمثلون 70 في المائة من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وأشار إلى أن العمليات الإنسانية عبر الحدود هي المصدر الوحيد لتوفير الاحتياجات الأساسية لمليون شخص ما زالوا نازحين بعد تصاعد العنف في إدلب عام 2019.

وأضاف: “الأساسيات بالنسبة لنا هي حلم بالنسبة لهم؛ الحصول على المياه النظيفة والطعام على أساس منتظم وأربعة جدران متصلة يمكنهم اعتبارها منزلا هي من الكماليات التي لا يتجرأون حتى على الحلم بها”.

وشدد السيد إياد آغا على أن استجابة بقيادة المنظمات غير الحكومية أو عمليات عبر الخطوط لا يمكن أن تحل محل عمليات الأمم المتحدة الإنسانية عبر الحدود.

وقال إن المنطقة الشمالية ستشهد “تدهوراً سريعاً وكارثياً” في الوضع الإنساني بسبب ارتفع مستويات الاعتماد على المساعدات هناك.

وشدد آغا على أن الظروف التي كانت هناك وفرضت الإذن بالدعم عبر الحدود في عام 2013 ما زالت على حالها إن لم تكن أسوأ، ومن هنا تأتي الحاجة إلى الحفاظ على هذا المعبر.

كما أشار أيضاً إلى أنه وعلى الرغم من التحسينات، فإن العمليات العابرة للخطوط غير قادرة حالياً على تقديم نطاق أو تواتر المساعدة المطلوبة.

وقال المنسق إن المنتدى، الذي يضم أكثر من 80 منظمة دولية ووطنية، يدعو مجلس الأمن إلى إعادة تجديد أحكام القرار الذي يسمح بالعمليات الإنسانية عبر الحدود لمدة لا تقل عن اثني عشر شهراً لضمان استمرار الاستجابة للاحتياجات.

وأكد أن هناك “أكثر من أربعة ملايين سبب لتجديد التفويض -وهؤلاء هم المحتاجون الذين تعتمد حياتهم على هذه العملية الإنسانية.”

المندوبة الأمريكية الدائمة ليندا توماس-غرينفيلد التي زارت الحدود التركية السورية في وقت سابق من هذا الشهر، قالت إنها رأت بنفسها ما يجري إيصاله عبر الحدود من لقاحات، والحبوب، وحفاضات، وطعام علاجي جاهز لعلاج الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الشديد. وأضافت: “هذا حرفيا قرار حياة أو موت”.

وأعربت عن اعتقادها الراسخ، بأن مجلس الأمن يمكنه إنجاز ذلك كما فعل العام الماضي. “لأن هذا لا يتعلق بالسياسة. بل يتعلق الأمر بمواصلة تقديم المساعدة الإنسانية لملايين الأشخاص الذين يعولون علينا”.

وأضافت: “هذه فرصتنا للالتقاء – هذه فرصتنا للالتقاء مرة أخرى بصوت واحد… هذه فرصتنا للارتقاء إلى مستوى المثل العليا لميثاق الأمم المتحدة. هذه فرصتنا لمواصلة تقديم مساعدة حيوية للشعب السوري”.

قال “ديمتري بوليانسكي“، نائب المندوب الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة، إن بلاده “تشعر بقلق متزايد إزاء التقارير المتعلقة بأزمة الغذاء والوقود في البلاد”.

بالنسبة إلى بوليانسكي، “من المؤسف أن التقارير، مرة أخرى، لا تُلقي المسؤولية عن حدوث ذلك على عاتق الولايات المتحدة الأمريكية”. ليس فقط بسبب العقوبات أحادية الجانب، ولكن أيضا بسبب احتلالها المستمر لشمال شرق البلاد.

وقال نائب الممثل الروسي الدائم: “الناس، بمن فيهم الأطفال، يتضورون جوعا والعمل في المرافق الاجتماعية والطبية يتوقف”.

السفير بسام الصباغ، المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى الأمم المتحدة، أشار إلى أن أعضاء مجلس الأمن يناقشون التجديد، رغم أن بعضهم “وقف طيلة الأشهر الأخيرة خلف إفشاله”.

بالنسبة للسفير السوري، “مجرد نظرة واقعية متمعنة على نتائج تطبيق هذا القرار تثبت بأنه لم يحقق أيا من النتائج المتوخاة منه”.

وحملت سوريا على لسان سفيرها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا المسؤولية الكاملة عن فشل تنفيذ ركائز جورية للقرار 2585، وشددت على ضرورة عدم الانجرار وراء حملات التضليل والخداع التي تروج لها تلك الدول على حد تعبيره.

وجدد السفير السوري مطلب بلاده بالوقف الفوري وغير المشروط لسياسات الإرهاب الاقتصادي والعقاب الجماعي المتمثلة بالتدابير القسرية الأحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الأوروبي على الشعب السوري، والتي تمثل عقبة أمام أي جهود للارتقاء بالوضع الإنساني.

وقال: “من يقف مع الشعب السوري لا يفرض عليه عقوبات اقتصادي لاإنسانية”. وكان السفير السوري قد تطرق أيضا إلى استهداف إسرائيل لمطار دمشق الدولي.

وقال إن دامرا هائلا لحق بالمهبطين والتجهيزات التقنية فه وصالة الركاب، مما أدى إلى خروج المطار عن الخدمة بشكل كامل، وترتب على ذلك تداعيات سياسية وإنسانية وعسكرية واقتصادية خطيرة تطال جميع السوريين ودول المنطقة.

الأمر الذي أكده أيضا المنسق الاممي المقيم السيد عمران رضا في بيان صادر الأسبوع الماضي.

وقال “بسام صباغ“: “على الرغم من ذلك، لا تزال بعض الوفود الغربية تواصل التعتيم على هذا العدوان الإسرائيلي وآثاره على العمل الإنساني، ولا تسمح لمجلس الأمن بإدانته باعتباره انتهاكا صارخا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والحماية المقررة قانونا للمنشآت المدنية”.

قد يعجبك ايضا