دعوة أمام مجلس الأمن لضمان الهدوء ووقف العنف في سوريا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – شدد المبعوث الأممي لسوريا أمام مجلس الأمن على الحاجة للهدوء المستمر على الأرض، مبديا القلق بشأن زيادة الحوادث بعد فترة من التوقف النسبي.
ودعا مسؤول عن الشؤون الإنسانية إلى تعزيز دعم خطة الاستجابة الإنسانية التي لم تتلق سوى 6% فقط من التمويل المطلوب للوفاء باحتياجات السوريين.
المبعوث الأممي غير بيدرسون شدد، أمام جلسة مجلس الأمن الدولي عن الوضع في سوريا، على ضرورة مواصلة توفير الموارد لدعم الاستجابة الطارئة للاحتياجات الناجمة عن الزلازل المدمرة التي ضربت أجزاء من سوريا الشهر الماضي.
بالإضافة إلى تأكيده على استمرار دعم الاستجابة الأوسع للاحتياجات في سوريا والدول المجاورة.
أشار بيدرسون إلى أن الفترة التي أعقبت الزلزال شهدت مؤشرات على الهدوء وتوقفا نسبيا في العنف في معظم المناطق.
وقال: “بدا لوهلة وكأن المستحيل أصبح ممكنا، إذ امتنعت كل الأطراف على كافة الجبهات، إلى حد كبير، عن الأعمال العدائية”.
وتابع بقوله: “لكن بعد ذلك شهدنا ارتفاعا في عدد الحوادث: تبادل منتظم للقصف وإطلاق الصواريخ عبر خطوط المواجهة في الشمال الغربي والشمال الشرقي، بعض الهجمات عبر الخطوط من قبل هيئة تحرير الشام المصنفة كمجموعة إرهابية، مزاعم أمريكية بوقوع هجمات صاروخية على قواتها في دير الزور، أحداث في عفرين شهدت إطلاق بعض مقاتلي المعارضة المسلحة النار على المدنيين”.
وأشار بيدرسون إلى وقوع حوادث أمنية في الجنوب الغربي وهجمات لداعش والمزيد من الضربات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل، بما في ذلك على مطار حلب الدولي مما أدى إلى أضرار مادية وإغلاق المطار بالإضافة إلى التأثير على العمليات الإنسانية.
وأوضح المبعوث الأممي، في كلمته أمام مجلس الأمن عبر دائرة اتصال من جنيف، أن قلقه بشأن هذه الحوادث لا ينبع فقط من الضرر اللاحق بالمدنيين، ولكن أيضا بسبب مخاطر التصعيد الأوسع الذي يمكن أن تقود إليه.
وقال إنه يعمل مع الأطراف الرئيسية من أجل تحقيق هدوء مستدام، مضيفا أنه ناقش المسألة بشكل موسع مع دمشق وإيران وتركيا وروسيا والولايات المتحدة وأعضاء آخرين في مجموعة العمل المعنية بوقف إطلاق النار في جنيف.
وأشار إلى الخطوات التي اُتخذت بعد الزلزال ومنها فتح معبرين إضافيين لإدخال المساعدات الإنسانية والتحركات الإيجابية في مسألة العقوبات.
وقال: “تظهرتلك الخطوات أن جميع الأطراف بإمكانها اتخاذ خطوات بناءة. وأشعر من خلال النقاشات التي أجريتها أن هناك فرصة للمضي قدما بخطوات إضافية من كافة الأطراف تتجاوز مرحلة الإغاثة العاجلة”.
وتحدث بيدرسون، أمام المجلس، عن زيارته للعاصمة الأردنية عمان حيث التقى مسؤولين رفيعي المستوى من عدة دول منها الأردن ومصر وقطر والسعودية والإمارات وتركيا، ودول غربية منها الولايات المتحدة وفرنسا بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية. وركزت تلك المحادثات حول سبل التحرك قدما بعد الزلازل المدمرة.
وأكد بيدرسون أن ملف المعتقلين والمختطفين والمفقودين من بين أولوياته، بما في التواصل مع عائلاتهم.
وقد التقى المبعوث الأممي في وقت سابق من الشهر الحالي ممثلي ميثاق الحقيقة والعدالة. وقال إنهم نقلوا له كيف أدى الزلزال إلى تفاقم قلقهم بسبب عدم معرفة مصير أحبائهم أو مكان وجودهم أو ما إذا كانوا قد تأثروا بالزلزال.
وأضاف أن نائبته نجاة رشدي تواصل إثارة هذه المسألة خلال لقاءاتها مع المسؤولين في دمشق.
وكرر بيدرسون دعوة الأمين العام الموجهة للجمعية العامة للأمم المتحدة، للنظر في إنشاء هيئة دولة جديدة للكشف عن مصير وأماكن تواجد المفقودين.
أكد المبعوث الأممي أهمية التعاون بين مختلف الأطراف لتحقيق التقدم. وقال إن المبادرات الفردية لا يمكن أن تخلق الاختلاف النوعي الذي يمكن أن تحققه المبادرات المنسقة.
وأعرب غير بيدرسون عن تطلعه لمزيد من الانخراط مع الحكومة السورية وهيئة التفاوض السورية، ومزيد من الانخراط في المنطقة وخارجها.
وقال إن المساعي الحميدة للأمم المتحدة بحاجة إلى دعم قوي من الأطراف الخارجية في الفترة المقبلة، مؤكدا أهمية الدور المميز الذي يمكن أن تلعبه الأطراف الإقليمية.
أعرب منسق الأمم المتحدة لسوريا عن القلق بسبب عدم انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية منذ عدة أشهر.
وقال: “يبعث ذلك برسالة مقلقة مفادها أن قدرة السوريين على البحث عن حل شامل أصبحت رهينة قضايا لا علاقة لها ببلدهم”.
وأكد أنه: “يجب أن تستأنف اللجنة عملها في جنيف وأن يسود عملها روح التوافق، وأن تحقق تقدما في المضمون، وأن يمضي عملها بشكل سريع”.
أكد المبعوث الأممي أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد للمضي قدما في سوريا، مشيرا إلى أن الوضع الحالي غير مسبوق ويتطلب قيادة وأفكارا جريئة وروحا تعاونية.
وقال “إن استمرارية الوضع الراهن أمر غير مقبول. إن الاهتمام الدبلوماسي المتجدد بسوريا، بما في ذلك بين دول المنطقة، والمعاناة المشتركة لكافة السوريين بسبب الزلزال، تخلق التزامات وفرصا جديدة”.
ومع تجاوز الذكرى الثانية عشرة لبدء الصراع، قال بيدرسون إن الوصول إلى تسوية سياسية بقيادة وملكية سورية، بتيسير الأمم المتحدة ودعم المجتمع الدولي، أصبح أكثر ضرورة من أي وقت مضى.
وشدد على ضرورة أن يستعيد الحل السياسي سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها ويلبي التطلعات المشروعة للشعب.
طارق تلاحمة القائم بأعمال مدير قسم العمليات والمناصرة بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، تحدث أمام المجلس عن الاحتياجات الهائلة وخاصة بعد الزلزال.
وقال إن الكارثة ألقت ضغوطا على البنية التحتية لتوصيل المساعدات وأثرت على الوكالات الإنسانية الموجودة على الأرض، بما في ذلك وفاة وإصابة عاملين في مجال الإغاثة من بينهم موظفون في الأمم المتحدة.
وأضاف: “على الرغم من هذه التحديات، وخلال ساعات من الزلزال خصصت الأمم المتحدة 15 مليون دولار من صندوق الطوارئ التابع لها (للاستجابة العاجلة) وزادت المبلغ في غضون أيام إلى 40 مليون دولار”.
ووفرت الأمم المتحدة، مع شركائها، المواد الغذائية الطارئة والوجبات والتحويلات النقدية لـ2.2 مليون شخص، وقدمت أكثر من 1.1 مليون استشارة طبية، بالإضافة إلى خدمات المياه والصرف الصحي لنحو 380 ألف شخص.
وقال تلاحمة إن الأمم المتحدة تواصل القيام بمهمات يومية إلى المناطق المتضررة من الزلازل، وتقديم المساعدات وتقييم سلامة المباني وتحديد متطلبات الحماية.
وأضاف أن الطريقة الموسعة لتوصيل المساعدات عبر الحدود أثبتت أهميتها في شمال غرب سوريا.
وقال إن أكثر من 900 شاحنة محملة بالمساعدات من 7 وكالات أممية وصلت إلى شمال غرب سوريا من تركيا عبر المعابر الثلاثة: باب الهوى، باب السلام والراعي.
وأكد تلاحمة ضرورة بذل المزيد خلال الأسابيع المقبلة، ومن ذلك تخفيف الاكتظاظ بأماكن الإيواء الجماعية وتوفير السكن الملائم وتيسير العودة الطوعية الآمنة والكريمة.
بالإضافة إلى توسيع لم شمل الأسر ورفع الوعي المجتمعي وغير ذلك من خدمات الحماية لمعالجة المخاوف الجدية وخاصة من النساء والفتيات كما قال تلاحمة.
وأضاف المسؤول الأممي أن سخاء المانحين أساسي لهذه الجهود، وقال إن الدعم المالي والعيني كان شريان حياة للمجتمعات المتضررة.
ورحب بمؤتمر المانحين الذي عقد في بروكسل أوائل الأسبوع الحالي، وقال إن التعهد بتقديم 7 مليارات دولار لجهود الاستجابة في كل من سوريا وتركيا، سيكون أساسيا لدعم الإغاثة خلال الشهور المقبلة.
ولفت طارق تلاحمة الانتباه إلى الأوضاع الصعبة حتى قبل الزلزال لملايين السوريين، ممن يعانون من الفقر والتشريد والحرمان بسبب 12 عاما من الصراع.
وأشار إلى نحو 15.3 مليون شخص بأنحاء سوريا، الكثيرون منهم تضرروا من الزلزال، لا يمتلكون سوى أقل القليل لسد احتياجاتهم.
وتدفع الفتيات والنساء الثمن الأكبر، إذ قوض العنف الذي يستهدف العاملين في المجال الصحي وبنيته الأساسية، خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وترك أثرا كبيرا على صحة ورفاه النساء والفتيات.
كل ذلك في ظل تضاعف سعر المواد الغذائية خلال الاثني عشر شهرا الماضية، وتذبذب خدمات المياه في الكثير من المناطق.
وقال تلاحمة إن الاحتياجات الهائلة تتطلب عزما متواصلا من المجتمع الدولي وإن الحاجة تستدعي القيام بمزيد من العمل لخلق بيئة مواتية لوصول المساعدات الإنسانية إلى المجتمعات بشكل آمن ومتوقع وبدون تأخير.
وأشار إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا لعام 2023، وهي الأكبر على مستوى العالم، لم تتلق سوى 6% فقط من حجم التمويل المطلوب للوفاء باحتياجات السوريين خلال العام الحالي.
وقال المسؤول الأممي إن الزلزال أدى إلى كارثة فوق أخرى لملايين السوريين بشمال غرب البلاد. وأضاف أن الأمم المتحدة استجابت لهذا الدمار، وحشدت الموارد وأرسلت مزيدا من الموظفين وجمعت الأموال وحشدت الدعم للوصول الإنساني المباشر.
وأكد أن الأمم المتحدة ستواصل العمل لدعم كل الناس بأنحاء سوريا أينما كانوا. واختتم كلمته بالقول “إن الاحتياجات هائلة، ولكن عزمنا يبقى ثابتا”.