سوريا: الحكومة الجديدة تُقيّد عمليات الإغاثة

(بيروت) – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن تطبيق الحكومة الانتقالية السورية الصارم لمتطلبات التسجيل والعمليات على منظمات الإغاثة يُعيق قدرتها على توسيع نطاق عملياتها. أبدت هذه السلطات استعدادها للتعاون مع المنظمات الدولية، لكن العقبات البيروقراطية والإدارية لا تزال تُعيق جهود معالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في سوريا.

في عهد حكومة الأسد، سيطرت السلطات بشكل مُحكم على العمليات الإنسانية، مما أجبر المنظمات الدولية غير الحكومية على التنسيق والحصول على الموافقات اللازمة لعملياتها من خلال منظمات تابعة للدولة، وهو نظام سمح بالتلاعب بالمساعدات لأغراض سياسية. واجهت المنظمات المستقلة التي تسعى إلى الحفاظ على مساحة عمل تستند إلى المبادئ عقبات بيروقراطية شديدة، وقيودا على الوصول، وتدخلا حكوميا، مما قوّض قدرتها على العمل بفعالية وحدّ من شراكاتها مع المنظمات الوطنية السورية. رغم الإطاحة بحكومة الأسد، لا تزال بعض القيود نفسها قائمة أو عززتها السلطات الجديدة.

قال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “لدى الحكومة الانتقالية فرصة لتفكيك الإطار التقييدي الذي أعاق العمل الإنساني المستقل لسنوات. بدلا من إعادة فرض الممارسات التي تقوّض الحياد والكفاءة، ينبغي للسلطات إعطاء الأولوية لإيصال جميع المساعدات المتاحة إلى المحتاجين”.

تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى خمسة عمال إغاثة في فبراير/شباط ومارس/آذار 2025، وسلط جميعهم الضوء على إعادة العمل بتعليمات التسجيل السابقة. تُلزم هذه القواعد المنظمات المستقلة بالعمل في ظل “نظام شامل” يحدد “شريكا وطنيا” يتمتع بسلطة واسعة ويكون فعليا بمثابة جهة ناظمة. في 27 أبريل/نيسان، تواصلت هيومن رايتس ووتش مع وزارة الخارجة طلبا لتفاصيل حول هذه التدابير وأثرها على العمليات الإنسانية، لكنها لم تحصل على إجابة حتى نشر هذا التقرير.

في الماضي، استخدمت حكومة الأسد النظام نفسه، حيث اشترطت على جميع المنظمات الدولية تقريبا العمل تحت إشراف “الهلال الأحمر العربي السوري” أو “الأمانة السورية للتنمية”، وكلاهما كيانان مرتبطان بالحكومة ولعبا دورا محوريا في تنسيق جهود الإغاثة. سمح هذا، في بعض الأحيان، بتوجيه توزيع المساعدات وفقا للأولويات السياسية بدلا من الاحتياجات الإنسانية البحتة.

وثّقت هيومن رايتس ووتش تعامل أجهزة الأمن السورية في عهد حكومة الأسد بانتظام مع الجماعات المدعومة من الحكومة، وكان بإمكانها الوصول إلى قوائم المستفيدين وبرامجها في أي وقت. فرض هذا النظام قيودا شديدة على المنظمات المستقلة، مما حدّ من استقلاليتها التشغيلية وقلل من الشفافية في توزيع المساعدات وسمح للحكومة بالتدخل في جهود الإغاثة الممولة من المانحين.

كجزء من إصلاحات حوكمة أوسع نطاقا، أجرت الحكومة السورية المؤقتة، التي حكمت البلاد حتى أداء الحكومة الانتقالية اليمين الدستورية في 29 مارس/آذار، بعض عمليات إعادة الهيكلة لهذه الكيانات الرئيسية، حيث استبدلت خالد حبوباتي رئيس الهلال الأحمر العربي السوري بمحمد حازم بقلة، الذي كان يشغل منصب مدير الخدمات الطبية التطوعية في المؤسسة نفسها. كما أعادت تسمية الأمانة السورية للتنمية إلى “المنظمة السورية للتنمية”، وحلّت مجلس أمنائها، وعيّنت لجنة لتولي مهامها المالية والإدارية.

مع ذلك، وكما قال عامل إغاثة بارز على الأرض في دمشق لـ هيومن رايتس ووتش، لا تكمن المشكلة في تلك الكيانات، بل في النظام نفسه، الذي من المرجح أن يستمر في المساس بالحياد والكفاءة وتقييد الاستقلال التشغيلي.

قال عامل الإغاثة: “في البداية، كنا متفائلين بأن العمليات [الإنسانية] ستكون أكثر فعالية. لكن يوما بعد يوم، يتبين أن الأمر ليس كذلك”.

قال عاملون في المجال الإنساني لهيومن رايتس ووتش أيضا إن السلطات الانتقالية فرضت شرط إعادة التسجيل على جميع المنظمات العاملة في سوريا، حتى تلك التي حافظت على عمليات إنسانية ميدانية لسنوات وعقود. قال عاملون في المجال الإنساني إن هذه الشروط المرهقة أكثر تعقيدا من تلك التي فرضتها حكومة الأسد، حيث تُلزم منظمات الإغاثة بالكشف عن تفاصيل دقيقة حول عملياتها ومصادر تمويلها.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للحكومة الانتقالية السورية إعطاء الأولوية لإيصال المساعدات الإنسانية بطريقة محايدة وفعالة من خلال إزالة الأنظمة التقييدية التي تحد من مرونة العمليات وتُقوّض المبادئ الإنسانية. ينبغي لوكالات الأمم المتحدة والدول المانحة ضمان الشفافية والمساءلة في البرامج الإنسانية.

قال كوغل: “تستمر الأزمة الإنسانية في التفاقم، وما لم يُتخذ إجراء فوري لرفع القيود التعسفية، ستزداد معاناة السوريين في جميع أنحاء البلاد”.

قد يعجبك ايضا