الأورومتوسطي: استمرار تعقيد ظروف احتجاز الصحافيين في المغرب معيب
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد إزاء استمرار السلطات المغربية في سجن عدد من الصحافيين.
حيث يتم حبسهم في ظروف تتنافى مع معايير حقوق السجناء المكفولة في الدستور المغربي، والالتزامات الدولية للمملكة في هذا الإطار.
وأكد المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي، أنّ السلطات المغربية عمدت إلى تقييد حقوق الصحفيين الأساسية لتعقيد ظروف احتجازهم.
وقامت السلطات بمصادرة إنتاجاتهم الفكرية، وإعاقة التواصل مع ذويهم، وانتهاك خصوصياتهم في بعض الأحيان.
هذا بالإضافة إلى احتجازهم والحكم عليهم بالسجن لسنوات طويلة بعد محاكمات شابتها تجاوزات قانونية جسيمة.
ولفت المرصد الحقوقي إلى أنّه تلقّى شكاوى من ذوي عدد من الصحافيين المحتجزين حول إجراءات إدارات السجون بحق ذويهم.
إذ أبلغوا عن تنفيذ ذويهم خطوات احتجاجية وصلت إلى رفض الزيارة والاتصال، نتيجة للإجراءات العقابية المفروضة عليهم.
بالإضافة إلى مراقبة الجهات الأمنية لمكالماتهم الهاتفية مع ذويهم، وتأخير تسليم رسائلهم المكتوبة على نحو متعمد.
أخبرت عائلة الصحافي المعتقل في السجون المغربية “توفيق بو عشرين” فريق المرصد الأورومتوسطي أنّ “إدارة السجن صادرت مذكرات توفيق، ومشروع كتاب كان يعمل على إعداده داخل السجن”.
وأضافت العائلى: “تعمّدت السلطات تعطيل الاتصال الهاتفي بيننا لعدة أيام. وحتى بعد أن انتظم الاتصال، لا نستطيع التحدث معه بحرية لأنّ جميع المكالمات تجري تحت رقابة أمنية دون أي احترام للخصوصية”.
وبيّنت أنّ “توفيق” – الذي يُحتجز حاليًا في سجن العرجات 2 بمدينة سلا – يعاني منذ أبريل/ نيسان المنصرم، من ارتفاع مقلق في نسبة السكر في الدم.
وأكدت العائلة أنه يستدعي نقله خارج السجن لتلقي الرعاية الطبية.
وبينما وافقت إدارة السجن على السماح له بالخروج، إلا أنّها شرطت ذلك بأن يرتدي اللباس الجنائي ويبقى مقيدًا بالأصفاد أثناء زيارة الطبيب.
لكنّ “توفيق” رفض ذلك، وبالتالي أُلغيت الزيارة وبقي دون رعاية طبية حتى اليوم”.
وأضافت عائلة “بو عشرين“: “راسلنا نحن وتوفيق كتابيًا جميع المؤسسات المعنية، بما في ذلك مندوبية السجون، والمجلس الوطني لحقوق الانسان، ومندوبية حقوق الانسان، من أجل استرجاع مذكراته وكتابه ووقف جميع الانتهاكات بحقه ولكن دون جدوى”.
ونابعت العائلة: “أخبرنا توفيق أيضًا أنّه لا يستلم رسائل الدعم والتضامن المكتوبة التي يبعثها أصدقاؤه سوى بعد مدد طويلة من إرسالها، قد تصل في بعض الأحيان إلى بضعة أشهر”.
واعتُقل مؤسس صحيفة “أخبار اليوم” المحلية “توفيق بوعشرين” في شباط/ فبراير 2018.
وأيّدت محكمة النقض العليا في سبتمبر/ أيلول 2021 حبسه لمدة 15 عامًا على خلفية تهم تبدو زائفة كالاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر، وبعد محاكمة شابتها تجاوزات قانونية فجّة.
وعلى نحو مشابه، دخل الصحافي المعتقل “سليمان الريسوني” في حالة من العزلة النفسية نتيجة الظروف التي يعاني منها داخل السجن.
إذ كتبت زوجته “خلود مختاري” عبر صفحتها على “فيسبوك” أنّها ذهبت يوم الجمعة الماضية 30 سبتمبر/ أيلول لزيارته لكنه امتنع عن الخروج من زنزانته احتجاجًا على ما يتعرض له.
ولفتت إلى أنّه تواصل معها هاتفيًا بعد ذلك وأبلغها أنّه يحتج على التعذيب النفسي الذي يتعرض له، بما في ذلك تسريب لقطات له في وقت سابق من كاميرا مراقبة السجن وهو يرتدي ملابس داخلية أثناء استعداده للاستحمام.
هذا بالإضافة إلى مصادرة روايته ومذكراته، والتجسس على مكالماته الهاتفية.
وكانت قوات الأمن المغربية اعتقلت رئيس تحرير صحيفة “أخبار اليوم” المحلية الصحافي “الريسوني” في مايو/ أيّار 2020 بتهمة “هتك العرض بالعنف والاحتجاز”.
وفي 24 فبراير/ شباط 2022، أيدّت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي بسجنه 5 سنوات بتهمة “الاعتداء الجنسي” دون أسس قانونية سليمة، وبعد محاكمة شابتها العديد من التجاوزات القانونية.
وقالت مسؤولة الإعلام في المرصد الأورومتوسطي “نور علوان” إنّ ظروف احتجاز الصحافيين في السجون المغربية قد ترقى إلى التعذيب النفسي.
إذ تتعمد السلطات تقييد ممارسة المحتجزين لأبسط حقوقهم في محاولة على ما يبدو إلى إخضاعهم وترهيب غيرهم لرفع كلفة الانتقاد والتعبير عن الرأي.
وأوضحت أنّ “سياسة القمع الفكري وعزل الصحافيين المعتقلين عن العالم الخارجي تشكل امتدادًا للسلوكيات غير القانونية التي انتهجتها السلطات في هذا الملف، بدءًا باحتجازهم وتلفيق التهم لهم، ومرورًا بالاعتلالات الكثيرة التي شابت عملية المحاكمة، ووصولاً إلى حرمانهم من الاحتفاظ بكتاباتهم ومذكراتهم”.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ سياسة السلطات المغربية في التضييق على الصحافيين المعتقلين تتعارض مع الدستور المغربي الذي كفل لكل شخص معتقل حقوق أساسية، وظروف اعتقال إنسانية.
كما أكّد في الفصل (25) على أنّ “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها”.
وبالمثل، تخالف ممارسات السلطات المغربية العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي كفلت لكل إنسان الحق في حرية الرأي والتعبير واعتناق الآراء دون مضايقة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات المغربية إلى التوقف فورًا عن ممارسة أي شكل من أشكال العقاب أو التضييق ضد معتقلي الرأي ولا سيما الصحافيين.
هذا وطالب المرصد بإعادة جميع المذكرات والمواد المكتوبة التي صادرتها منهم، ووقف جميع أشكال الرقابة على مكالماتهم الهاتفية مع ذويهم وأصدقائهم.
وجدّد المرصد الأورومتوسطي مطالبته للسلطات المغربية بإعادة محاكمة الصحافيين المعتقلين وفق شروط ومعايير المحاكمة العادلة.
وناشد بضرورة احترام استقلالية وحيادية القضاء، إلى جانب احترام حق الأفراد في الانتقاد وإبداء الرأي، والتوقف عن ملاحقتهم لأسباب تتعلق بممارستهم لحقوقهم المشروعة.