سام تحمل المجلس الانتقالي المسؤولية عن توفير الأمن واحترام حقوق الانسان بعدن
عبرت منظمة سام للحقوق والحريات عن قلقها البالغ من استمرار تصاعد انتهاكات نشطاء حقوق الإنسان ضد المدنيين في المدينة الواقعة تحت سيطرة المجلس الانتقالي.
وأكدت سام على أن السكان أصبحوا يخشون المداهمات الليلة والاشتباكات المستمرة والسطو على ممتلكاتهم التي تُمارس عليهم، إضافة إلى ظهور عصابات مسلحة تمارس الاعتقال والقتل ضد المدنيين.
وقالت المنظمة الحقوقية، في تقريرها عن الحالة الحقوقية لشهر “أغسطس”، إنها رصدت اكثر من 47 حالة انتهاك في مدينة عدن، أغلبها وقع على يد قوات مسلحة يتبعون اللواء الخامس التابع للمجلس الانتقالي حيث تضمنت تلك الانتهاكات ممارسات عدة مثل: الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري لمواطنين بينهم أطفال.
وتوزعت الانتهاكات على النحو التالي: (17) حالة اعتقال واحتجاز تعسفي، من بينهم أطفال، و(9) حالات اختفاء مفاجئ، و(8) حالات قتل ومحاولة اغتيال، و(8) إصابات، و(3) حرق واقتحام ممتلكات خاصة وعامة، و(2) حالة اغتصاب منها طفلة افريقية.
ومن أبرز ما رصدته المنظمة الحقوقية خلال أغسطس/آب، استمرار تشكيلات عسكرية بإشراف (الحزام الأمني) التابعه للمجلس الانتقالي، بتنفيذ حملة اعتقالات بصورة تعسفية طالت مدنيين ومقاتلين في ألوية العمالقة في الساحل الغربي، إضافة للنشطاء السلميين، ومحاميين، وجنود، حيث أُخضع العديد منهم للاختفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
وأشارت المنظمة إلى أن مديرية “دار سعد”، سجلت أعلى الانتهاكات الواقعة، من حيث حملة الاعتقالات على مدار الشهر بشكل يومي.
كما استمرت كتائب أمنية تابعة لمعسكر اللواء الخامس ـ لحج بقيادة قائد كتيبة في اللواء “أبو سام اليافعي”، باقتحام حي الشرقية وأجزاء من حي الغربية، إلى جانب حي المغتربين بمديرية دار سعد، واعتقلت جنودًا يتبعون لواء النقل التابع لقوات الشرعية، بالإضافية إلى مدنيين.
هذا وتصدرت تشكيلات عسكرية تابعة لمجلس الانتقالي، لا سيما “قوات اللواء الخامس ـ لحج” وقوة مكافحة الإرهاب، إلى جانب قوى أمنية لا يعرف هويتها، بالإضافة الى عصابات مسلحة، أبرز الجهات المسئولة عن تلك الانتهاكات، والتي عادة ما تمارسها بهدف الحصول على الأموال والابتزاز والانتقام، وتصفية حسابات سياسية وتجارية.
حيث أشارت “سام” إلى استمرار معاناة المدينة من الاشتباكات المسلحة بين أطراف كلها مُعتدية على أراضي المواطنين، في الوقت الذي يشهد فيه الجهاز القضائي توقفًا وتغييبًا غير مبرر، بالتوازي مع دعوات للإضراب عن التعليم، وانقطاع رواتب المؤسسات العسكرية، وسط غلاء فاحش وفساد منتشر في كافة الأجهزة الحكومية داخل عدن.
من جانبه قال “توفيق الحميدي” رئيس منظمة سام للحقوق والحريات “إن سلطة المجلس الانتقالي كسلطة أمر واقع في مدينة عدن مسؤولة عن الانتهاكات التي يتعرض له المدنيون, وستكون عرضة لأية ملاحقة قضائية في المستقبل بسبب الانتهاكات الواسعة في مدنية عدن، وتعطيل المؤسسات القضائية، وعدم معالجه ملف التعذيب والإخفاء القسري”.
وأكد “الحميدي” على أن ظروف الحرب وغياب الدولة لا يجب أن يكون مبررا للانتقام وتصفية حسابات سياسية أو شخصية على حساب حقوق الأفراد، وبأن السلطات الحاكمة لعدن منوط بها تحسين أوضاع المدنيين بدلًا من تعقيدها.
بتاريخ 3 أغسطس، أقدمت شرطة كابوتا على اعتقال المحامي “محمد عبد الكريم عمراوي” واقتياده إلى مركز الشرطه بحجه أن هناك أوامر قبض قد صدرت عليه من مدير أمن شرطه عدن “مطهر الشعيبي” وعند الوصول وفي قسم الشرطه تم تخيير المحامي بين أن يقوم بالتوقيع على مجموعة وثائق تضر بمالك الشركه المستثمر السعودي “محمد نصر المشولي” والذي وضعها كأمانة لدى المحامي العمراوي أو أن يتم حبسه وعندما رفض التوقيع على أي أوراق تم حجزه في السجن الخاص بالشرطة.
وفي 12 اغسطس من فجر الخميس داهمت قوة عسكرية تابعة للواء الخامس ـ لحج بقيادة “أبو سام اليافعي”، يرتدون بزة أمن، حي الشرقية في مديرية دار سعد واعتقلوا كلا من الأطفال: “عبود أحمد” 15 عاما و”عدنان الصبيحي” 17 عاما، و “محمد منصور الصبيحي” 17 عاما. إضافة إلى “عبدالله علي فريد” 18 عاما، في مديرية دار سعد بمدينة عدن.
بتاريخ 17 اغسطس، داهمت قوة مسلحة تتبع كتبية التدخل السريع بقيادة “اسماعيل طماح”، منزل الطالب “أمجد حسين محمد ثابت الكلدي” طالب كلية الطب المستوى الثاني، الساعة الثالثة فجرا، حيث تسورت حول المنزل بخور مكسر وتم إطلاق النار داخل المنزل، الأمر الذي أدى إلى إصابة الطالب “أمجد” بطلق ناري في الفخذ وتم حمله بالقوة من قبل القيادي بالحزام إسماعيل طماح إلى أحد الأطقم العسكرية.
وقالت سام انها تدين استمرار الاخفاء القسري لكلا من الناشط ” مدرم أبو سراج” منذ ال 3 من مايو /أيار 2021، و ” محمد فضل شيخ ” المعروف بـ” أبو أسامة السعيدي” رئيس مجلس أحرار المقاومة ” قيد التشكيل ” منذ اعتقالة ب 26 مايو/أيار 2021، من قبل قوات تابعه للمجلس الانتقالي بسبب مواقفهم المناهضة لتردي الأوضاع في مدينة عدن.
أكدت “سام” على أن المعلومات التي قامت بجمعها تثبت بما لا يدع مجالًا للشك مسئولية قائد اللواء الخامس عن انتهاكات جسيمة في مدينة عدن خلال شهر أغسطس حيث داهمت القوة العسكرية له منازل المدنيين في الشيخ عثمان، وقامت باعتقال العديد من المدنيين تعسفيا، إضافة لاحراقها المنازل وإخفائها عشرات الأفراد بشكل قسري.
وأشارت في نفس الوقت إلى أن “أحمد حسن” مدير الدائرة الامنية للانتقالي والمقرب من رئيس المجلس الانتقالي، يتحمل المسئولية أيضًا عن الانتهاكات التي وقعت في مدينة عدن، بسبب إشرافه على الأجهزة العسكرية التابع’ للمجلس الانتقالي، ولعرقلته العديد من أوامر الافراج الخاصة بالمعتقلين والمخفيين.
مع اندلاع الحرب في اليمن ارتفعت نسبة جرائم القتل والاختفاء القسري بشكل ملحوظ، وهي جرائم تشترك فيها جميع أطراف النزاع في اليمن، يسند لتلك الأطراف قيامها بالعديد من الممارسات المنتهكة لقواعد القانون الدولي ابتداء بالإخفاء القسري ومرورًا بإستخدام التعذيب النفسي والجسدي بحق مئات المخفيين قسريًا، وليس إنتهاءً بقتل المدنيين خارج إطار القانون.
وفيما يلي بعض النصوص القانونية التي جرمت الممارسات التي تقوم بها الأطراف مجتمعة بحق اليمنيين:
أكدت المواثيق الدولية على أن جرائم القتل خارج القانون واستخدام القوة غير المبررة في الاعتداء على المدنيين تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقًا لميثاق روما المشكل للمحكمة الجنائية الدولية، إضافة لمخالفتة قواعد لاهاي، واتفاقيات جنيف لاسيما الرابعة التي أقرت بالحماية الكاملة والخاصة للمدنيين أثناء النزاعات المسلحة.
أما على صعيد الاختفاء القسري فقد تم تعريفه على أنه احتجاز أو اختطاف شخص، يعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي ومكان وجوده، مما يحرمه حماية القانون، كما تعرفه الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري.
يرفض إعلان الأمم المتحدة لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، التذرع بأي ظروف استثنائية مثل الحروب أو عدم الاستقرار السياسي لتبرير الاختفاء القسري. والذي تم إدراجه ضمن الجرائم ضد الإنسانية في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عام 1998.
تنص الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 ديسمبر / كانون الأول 2006، على أن ممارسة الاختفاء القسري على نطاق واسع أو بشكل منهجي تشكل جريمة ضد الإنسانية. ويمنح عائلات الضحايا الحق في المطالبة بالتعويضات.
كما وتنص الاتفاقية على الحق في عدم التعرض للاختفاء القسري، وكذلك حق أقارب الشخص المختفي في معرفة الحقيقة.
وتتضمن عدة أحكام تتعلق بمنع هذه الجريمة والتحقيق فيها ومعاقبتها، وكذلك حقوق الضحايا وأقاربهم، والإبعاد غير المشروع للأطفال المولودين أثناء الأسر.
وتنص الاتفاقية كذلك على التزام التعاون الدولي، سواء في قمع هذه الممارسة أو في التعامل مع الجوانب الإنسانية المتعلقة بالجريمة.
تنشئ الاتفاقية لجنة معنية بالاختفاء القسري، تُكلف بمهام مهمة ومبتكرة للرصد والحماية على المستوى الدولي. وفي الوقت الحالي، تعمل الحملة الدولية للتحالف الدولي ضد الاختفاء القسري على التصديق العالمي على الاتفاقية.
هذا ويحظر القانون الدولي الإنساني التعذيب وغيره من أشكال المعاملة السيئة في جميع الأوقات, ويقضي بمعاملة المحتجزين وفقاً لأحكام ومبادئ القانون الدولي الإنساني وغيره من المعايير الدولية.
تحمل المنظمة قوات المجلس الانتقالي والعصابات المسلحة الآخرى، مسؤولية التدهور الأمني في مدينة عدن، وتعطيل المؤسسات القضائية، وتدعوها للتوقف الفوري عن الممارسات تجاة السكان المدنيين، كما تدعو كافة الأطراف إلى ضرورة تغليب احترام القانون والإمتثال له في كل الإجراءات التي تتخذها.
أكدت “سام” على أن ما رصدته من ممارسات منتهكة لحقوق الأفراد من قبل جهات عسكرية في عدن، تخالف بشكل خطير المواثيق الناظمة لحقوق الانسان، والقوانين اليمنية التي نظمت إجراءات وطرق الاحتجاز والاعتقال للأشخاص وضرورة صدور أوامر قضائية بذلك.
كما تعتبر عدم الكشف عن مصير الضحية انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان، ومؤشرًا مقلقًا على تنامي نفوذ القوات المسلحة خارج سلطة القانون دون التزامها بالقوانين والمواثيق ذات الصلة بحفظ حريات الأشخاص وكرامتهم.
كما وشددت المنظمة على أن استئثار السلطات العسكرية المتعددة على سجون خاصة لا تخضع لسلطة النيابة العامة يفاقم الانتهاكات الانسان المتعلقة بالاعتقال التعسفي والإخفاء القسري في مدينة عدن، إذ لا يمكن القبول بأي حال بإبقاء السجون الخاصة دون إغلاق أو إخضاعها للسطلة القضائية، حيث تحولت هذه السجون إلى أداة للانتقام من الخصوم وانتهاك حقوق الإنسان .
وطالبت “سام” المجس الانتقالي في مدينة عدن والقوات التابعة له – والتي تشرف عليها دولة الإمارات – بالتوقف عن انتهاكاتها التي تشكل خرقا للقانون الدولي لحقوق الانسان، والكشف عن مصير المخفيين قسرا منذ بداية الصراع في اليمن.
وطالبت سام أيضاً بضرورة العمل على إحالة كل المتورطين بمداهمة المنازل والاعتقال التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري إلى القضاء، وإغلاق كافة السجون غير القانونية التابعه للفصائل المسلحة.
اقرأ أيضاً: سام: تكرار الاعتداء على المدنيين في مناطق عدن انتهاك خطير لقواعد القانون الدولي