ضحايا الزلزال في أفغانستان يعيدون البناء بعد الكارثة
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – تجمع ضحايا زلزال أفغانستان على هضبة عالية المستوى لتفقد الأضرار التي لحقت بمنازلهم.
بعد أكثر من أسبوعين من وقوع الكارثة، ارتفع عدد القتلى إلى 1036 وأصيب أكثر من ستة آلاف بجراح.
من بين المتضررين أم لستة أطفال تدعى “زرلاخت“، وقد دمر منزلها في وسط مدينة جيان تدميرا كاملا.
قالت: “عندما بدأت (الأرض) تهتز، هربت من غرفتي، وعندما دخلت من الباب، رأيت السقف قد سقط بالفعل”.
وأضافت “زرلاخت“: “أمسكت ببناتي ولكن لم يكن هناك طريقة للخروج. لم أكن أعرف أين أنا من شدة الاهتزاز. صرخت وبكيت – اعتقدت أن العالم كله قد انهار ولم يكن هناك من يساعدني. كان زوجي والعديد من أطفالي عالقين تحت الأنقاض”.
كغيرها من الضحايا الآخرين، لم يكن لديها خيار سوى أن تحزم ما تستطيع من أغراضها وتترك ما تبقى من منزلها.
استقرت “زرلاخت” مع أسرتها بالقرب في إحدى خيام المنظمة الدولية للهجرة معربة عن قلقها حول المستقبل وكيفية إعادة بناء مجتمعها بعد هذه الكارثة وطريقة التعافي منها.
في الساعات الأولى من يوم 22 حزيران /يونيو، ضرب الزلزال الذي بلغت قوته 5.9 درجة منطقة ريفية محرومة من الخدمات ويصعب الوصول إليها.
يواصل عمال الإغاثة مساعدة الضحايا، لكن التضاريس الجبلية والأمطار الغزيرة الشائعة خلال هذا الوقت من العام تعرقل جهودهم.
لا يزال الناجون من الزلزال الأكثر فتكاً في أفغانستان منذ أكثر من عقدين ينتظرون في قراهم المدمرة، دون مأوى أو طعام أو ماء، لتصل المساعدات الطارئة إليهم، مع هطول الأمطار الغزيرة التي تزيد الوضع سوءا.
وكان المجتمع الإنساني قد حشد الأموال والعاملين من أجل الاستجابة، وكانت فرق المنظمة الدولية للهجرة على الأرض في المنطقة المتضررة في أعقاب الزلزال وتوابع الزلزال جنباً إلى جنب مع المجتمع المتضرر.
انكب العاملون الإنسانيون على تقييم احتياجات أفراد المجتمع، وتنظيم توزيع المساعدات الطارئة الأولى وإنشاء الخيام والمراحيض ومحطات غسل الأيدي.
تصل موجات الشاحنات المحملة بمجموعة متنوعة من الحزم، بعد أن نجحت في عبور الجبال النائية ومجاري الأنهار والطرق التي تجعل الوصول إلى هذه المنطقة صعباً للغاية.
يحاول آلاف الأشخاص الحصول على المواد الأساسية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة بشكل فوري، بما في ذلك الغذاء والماء والرعاية الصحية والمأوى.
وقال “كروشنال“، أحد الناجين من بارمال، الذي لا يزال يعيش مع أطفاله الأربعة في موقع منزلهم المنهار: “كنت في منزلي نائماً عندما بدأت الهزة”.
وأضاف: “ضربتني قطعة من الحائط، لكنني لم أصب بجروح خطيرة. رأيت أناساً ينتشلون من تحت الأنقاض – جرحى وربما قتلى. سمعت صرخات الألم في كل مكان”.
غالبية المنازل الهشة المبنية من الطوب الطينية في المنطقة لم تصمد أمام الزلزال. بينما يفتقر الكثيرون حالياً إلى الوسائل اللازمة لإعادة البناء، وقف الناجون إلى جانب الجهات الفاعلة الإنسانية للتخطيط لتعافي مجتمعهم.
كشفت استجابة المنظمة الدولية للهجرة وشركائها عن مدى أهمية الاستثمار في الاستجابة السريعة للكوارث. فمن الممكن أن تنقذ المساعدة الطارئة السريعة الأرواح وتقلل من المعاناة.
قال “زارماتغول“، وهو رجل يبلغ من العمر 57 عاماً كان يعيش في منطقة جيان عندما وقع الزلزال، “كنت في الغابة عندما حدث ذلك. كانت الحجارة تتساقط من الجبال.
وأضاف: “عندما عدنا إلى القرية، وجدنا منازلنا مدمرة. توفى أطفالنا. ماتت ماشيتنا. أحاط الموت بنا. لقد تضررت عقولنا، ولم نعد قادرين على النوم”.
على قمة سلسلة من التلال، على بعد بضع كيلومترات من جيان، يعقد موظفو الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي لدى المنظمة الدولية للهجرة جلسات استشارية مع الضحايا وسط بقايا الأنقاض.
تظهر الجبال خلف الجدران المنهارة. وتم تقسيم الوافدين إلى ثلاث مجموعات مختلفة للجلسات: نساء ورجال وأطفال.
وأضاف “زارماتغول“: “اطمأنت قلوبنا من قبل المستشار الذي يمنحنا المزيد والمزيد من الثقة”.
تتمسك النساء بأيدي بعضهن البعض وهنّ يتنفسن بعمق. بعد كل الضوضاء والفوضى التي أعقبت الزلزال، يتوقف الوقت للحظة هدوء.
بتوجيه من مستشار نفسي اجتماعي للمنظمة الدولية للهجرة، تبدأ النساء في استيعاب توترهن وآلامهن وفهمها في بيئة آمنة.
تعمل عيادات متنقلة في هذه المنطقة الجبلية البعيدة عن المراكز الصحية. بالإضافة إلى ذلك، حدد أعضاء المجتمع الدعم النفسي باعتباره حاجة أساسية، والتي تضمنتها استجابة المنظمة للزلزال منذ اليوم الأول.
وبفضل شبكة المنظمة الدولية للهجرة المؤلفة من العناصر الموجودة مسبقاً والفرق المتنقلة، تمكنت المنظمة من التعبئة والانتشار في المنطقة بسرعة منذ اليوم الأول للاستجابة.
ولغاية 8 تموز / يوليو، نجحت 140 شاحنة في الوصول إلى المناطق المتضررة في مقاطعتي بكتيكا وخوست. تم توزيع حوالي 30 ألف مجموعة من مستلزمات المأوى الطارئ والمواد غير الغذائية على 5600 أسرة محتاجة.
وفيما يتم توزيع مواد الإغاثة الطارئة لضمان حصول العائلات على مكان آمن للنوم وطريقة لإطعام أسرهم، يتحول التركيز الآن إلى إعادة بناء المنازل بعد الكارثة -وبناء الحياة- على المدى الطويل.
وتعمل المنظمة الدولية للهجرة والجهات الفاعلة الأخرى في مجال المأوى معاً لدعم المجتمعات المحلية لإزالة أنقاض المنازل المتضررة وإعادة البناء بشكل آمن.
ويجب إعادة تأهيل البنى التحتية العامة الأخرى لضمان عودة المجتمعات إلى وضعها الطبيعي.
كما يجب معالجة مصادر المياه الملوثة وإصلاحها لضمان الوصول إلى مياه آمنة ونظيفة من جديد – فتزايد حالات الأمراض المنقولة بالمياه في المنطقة يجعل هذا أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى.
وسيكون ضمان الوصول الآمن إلى المدارس للأطفال مهماً أيضاً لحماية مستقبل المجتمعات.
إنوقد مكّنت إعادة تخصيص التمويل الطارئ الحالي المنظمةَ الدولية للهجرة من القيام باستجابة سريعة وفورية لتقديم المساعدة المنقذة للحياة للمجتمعات المتضررة.
ومع ذلك، يجب الالتزام بالتمويل طويل الأجل من قبل الجهات الإنسانية والإنمائية الفاعلة وإتاحته على الفور لضمان إعادة بناء المنازل والبنية التحتية الأساسية للمجتمع قبل حلول فصل الشتاء القارس في أفغانستان في تشرين الثاني /نوفمبر.