مجلس الأمن يؤكد على عدم وجود بديل عن الدبلوماسية لحل أزمة أوكرانيا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان- عقد مجلس الأمن الدولي أول اجتماع له يوم الاثنين لمناقشة سبل تخفيف حدة الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، بعد أسابيع من تفاقم التوترات.
وورود في الفترة الأخيرة تقارير تفيد بأن روسيا تنشر أكثر من 100 ألف جندي وأسلحة ثقيلة بالقرب من حدود أوكرانيا.
وفي كلمتها أمام الدول الأعضاء في المجلس، كررت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، السيدة “روزماري ديكارلو”، مناشدة الأمين العام للأمم المتحدة بأنه “لا يمكن أن يكون هناك بديل للدبلوماسية والحوار”.
وسلطت وكيلة الأمين العام الضوء على “المخاوف الأمنية المعقدة وطويلة الأمد وتصورات التهديد التي أثيرت”. وكررت أن أي تدخل عسكري تشارك فيه روسيا، أو قوات حلف الناتو، يجب تجنبه.
وقالت إن أي توغل من جانب دولة في أراضي دولة أخرى سيكون مخالفا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
ووفقا لها فقد تم نشر أعداد غير محددة من القوات والأسلحة الروسية في بيلاروس. هذا بالإضافة إلى 100،000 جندي على الأراضي الروسية على طول الحدود الأوكرانية.
وفي شباط/فبراير تم عمل تدريبات عسكرية مشتركة واسعة النطاق على الحدود مع أوكرانيا ووبولندا ودول البلطيق.
وبحسب ما ورد فإن أعضاء الناتو يخططون لعمليات نشر إضافية في الدول الأعضاء في أوروبا الشرقية. وقد أشار حلف الناتو إلى أن 8.500 جندي في حالة تأهب قصوى الآن.
وقالت إن “تبادل الاتهامات بين مختلف الأطراف المشاركة في المناقشات الجارية خلق حالة من عدم اليقين والتخوف لدى الكثيرين من أن هناك مواجهة عسكرية وشيكة”.
كما رحبت السيدة “ديكارلو” بالمناقشات الدبلوماسية الجارية. وقالت إن الأمم المتحدة تأمل في أن يؤدي وقف التصعيد الناجح إلى تعزيز السلام والأمن في أوروبا.
وتشمل هذه الجهود اجتماع 13 كانون الثاني/يناير في فيينا عقدته منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE). واجتماع 21 كانون الثاني/يناير بين وزير الخارجية الأمريكي ونظيره الروسي في جنيف.
في 26 كانون الثاني/يناير، عقد اجتماع للنورماندي (مجموعة مؤلفة من فرنسا وألمانيا وروسيا وأوكرانيا. تم إنشاؤها في عام 2014 لمعالجة الصراع في أوكرانيا) في العاصمة الفرنسية باريس.
ومن المقرر عقد اجتماع آخر على نسق نورماندي في برلين خلال الأسبوع الثاني من شهر شباط/فبراير.
بالنسبة إلى المسؤولة الأممية، فإن هذا اللقاء الثاني هو “علامة أخرى على أن الدبلوماسية يمكن أن تنجح”.
وحذرت من أنه “مع ذلك، ما زلنا قلقين للغاية من أنه حتى مع استمرار هذه الجهود. فإن التوترات تتصاعد وسط حشد عسكري خطير في قلب أوروبا”.
وحثت جميع الجهات الفاعلة على “الامتناع عن الخطاب والإجراءات الاستفزازية لتعظيم فرصة نجاح الدبلوماسية”.
كما ذكرت وكيلة الأمين العام أن وكالات الأمم المتحدة ستظل ملتزمة بتنفيذ ولاياتها في أوكرانيا.
وقالت: “يجب احترام وصول المساعدات الإنسانية بأمان ودون عوائق، تحت أي ظرف من الظروف، لتقديم الدعم إلى 2.9 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة، ومعظمهم في مناطق لا تخضع لسيطرة الحكومة”.
كما تواصل بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان توثيق الخسائر في صفوف المدنيين مع دخول الصراع عامه الثامن.
وقد أسفر الصراع، الذي اندلع بعد وقت قصير من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في آذار/مارس 2014، عن مقتل أكثر من 14000 شخص، من بينهم ما يقرب من 3000 مدني، وإصابة أكثر من 7000 مدني، وفقا لمكتب المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
بالإضافة إلى ذلك، نزح حوالي 1.5 مليون شخص داخليا منذ اندلاع الصراع، وفقا لأرقام الحكومة الأوكرانية.
قالت السيدة ديكارلو: “لا أحد يراقب الجهود الدبلوماسية الحالية أكثر من الشعب الأوكراني. مشيرة إلى أنهم “عانوا من صراع أودى بحياة أكثر من 14،000 شخص منذ عام 2014، والذي لا يزال بعيدا عن الحل بشكل مأساوي”.
بالنسبة لها، “من الواضح بشكل مؤلم أن أي تصعيد جديد في أوكرانيا أو حولها سيعني المزيد من القتل والدمار بلا داعٍ”.
تعتقد السيدة “ديكارلو” أيضا أن “أي تصعيد أو صراع جديد من شأنه أن يوجه ضربة خطيرة أخرى للهيكل الذي تم بناؤه بشق الأنفس على مدى الأعوام الـ 75 الماضية للحفاظ على السلم والأمن الدوليين”.
ووصفت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد الوضع بأنه “عاجل وخطير”، مشيرة إلى أن “المخاطر المحدقة لا يمكن أن تكون أكبر” مما هي عليه الآن.
وقالت إن ما يجري تهديد واضح للسلام والأمن كما يمكن لأي شخص أن يتخيله. ووفقا لها، فإن تصرفات روسيا “لا تهدد أوكرانيا فحسب، بل إنها تهدد أوروبا والنظام الدولي”.
وأضافت: “إذا غزت روسيا أوكرانيا أكثر، فلن يتمكن أي منا من القول إننا لم نتوقع حدوث ذلك. وستكون العواقب مروعة، وهذا هو سبب أهمية هذا الاجتماع اليوم”.
وفي إشارة إلى “أكبر تعبئة للقوات في أوروبا منذ عقود”، قالت السيدة توماس غرينفيلد إنها لا تزال تأمل في أن تختار روسيا طريق الدبلوماسية لكنها شددت على أن المجتمع الدولي “لا يمكنه الانتظار والترقب”.
وختمت السفيرة الأمريكية بالقول إن “الدبلوماسية لن تنجح في جو من التهديد والتصعيد العسكري”.
وأوضحت: “نسعى إلى طريق السلام. نسعى إلى طريق الحوار. لا نريد المواجهة. لكننا سنكون حازمين وسريعين ومتحدين إذا زادت روسيا من غزوها لأوكرانيا”.
من جهته، نفى ممثل روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أن يكون لدى بلاده أي خطط لغزو أوكرانيا. واتهم الولايات المتحدة بدعوة الاجتماع إلى “إثارة هستيريا”. وقال : “نحن لا نفهم ما نناقشه هنا اليوم ولماذا نحن هنا بالفعل”.
في بداية الاجتماع، دعت روسيا إلى تصويت إجرائي لتأجيل الاجتماع الخاص بأوكرانيا، لكنها لم تحظ بالدعم الكافي من أعضاء المجلس الآخرين.
وشكك السفير نيبينزيا في رقم 100 ألف جندي، مضيفا أن جميع عمليات الانتشار تمت داخل الأراضي الروسية، وقد حدثت كثيرا من قبل، وبدرجات متفاوتة، “ولم تسبب أي نوبات من الهستيريا على الإطلاق”.
وقال: “لا يوجد دليل يؤكد هذه الاتهامات الخطيرة” بالتحرك نحو الحرب، مضيفا أنها تشكل “استفزازا في حد ذاته” وأن “تأثيره الاقتصادي يشعر به جيران أوكرانيا بالفعل”.
كما اتهم الدبلوماسي الروسي القوى الغربية بـ “ضخ أوكرانيا بالأسلحة”.
وأضاف مخاطبا ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن: “أنتم تنتظرون حدوث ذلك، وكأنكم تريدون أن تصبح كلماتكم حقيقة”.
قال الممثل الدائم الأوكراني لدى الأمم المتحدة، إن “الحديث الجاد” داخل مجلس الأمن لإيجاد نهاية دبلوماسية للأزمة مطلوب الآن “أكثر من أي وقت مضى”.
وأبلغ أنه منذ 22 كانون الأول/ ديسمبر، أدت عمليات إطلاق النار والقصف ونيران القناصة والاستخدام المنهجي للطائرات بدون طيار للهجوم ضد القوات الأوكرانية إلى مقتل 12 جنديا أوكرانيا وإصابة 14 آخرين.
وأكد أن “أوكرانيا لن تشن هجوما عسكريا، لا في دونباس ولا في شبه جزيرة القرم ولا في أي مكان آخر”. وأضاف أن “أوكرانيا لا ترى بديلاً عن الحل السلمي للصراع الجاري واستعادة سيادتها ووحدة أراضيها”.
ومع ذلك، قال الدبلوماسي الأوكراني إن هناك “زيادة في حملات التضليل الروسية. بما في ذلك الاتهامات الكاذبة لأوكرانيا بالتخطيط لهجوم عسكري”.
كما تطرق إلى المطلب الروسي بمنع أوكرانيا من الانضمام إلى عضوية الناتو. مشيرا إلى حق بلاده السيادي في اختيار ترتيباتها الأمنية الخاصة.