دعوات لقادة العالم للالتزام بحقوق الإنسان والعدالة الدولية باجتماعات الأمم المتحدة

مع انطلاق اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بين 22 و30 سبتمبر/أيلول 2025، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش قادة العالم إلى التمسك بحقوق الإنسان والعدالة الدولية، محذّرة من أن ضغوط الحكومات القوية وقطع التمويل يهددان مستقبل المنظمة الدولية وقدرتها على الاستجابة للأزمات الإنسانية.

وعشية النقاش العام، يستعد القادة لعقد قمة حول الوضع في فلسطين يرأسها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وتعتبر القمة امتدادًا لاجتماع رفيع المستوى عقد في يوليو/تموز الماضي، وتأتي استجابة للرأي الاستشاري التاريخي الصادر عن محكمة العدل الدولية، الذي أكد أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني وينتهك حق الفلسطينيين في تقرير المصير.

ويتوقع أن تعلن دول مثل فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين. لكن هيومن رايتس ووتش حذرت من أن الاعتراف لن يكون ذا معنى ما لم يترافق مع إجراءات ملموسة لوقف الإبادة في غزة وتوسيع المستوطنات غير القانونية.

شددت المنظمة على ضرورة اتخاذ خطوات عملية تشمل تعليق نقل الأسلحة إلى إسرائيل وفرض عقوبات محددة على المسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين وحظر التجارة مع المستوطنات غير القانونية.

وفي الوقت ذاته، طالبت بممارسة الضغط على حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة لإطلاق سراح جميع الرهائن المدنيين.

أشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن المنظمة تواجه أزمة مالية وجودية، نتيجة إحجام الولايات المتحدة عن دفع مساهماتها المقررة ووقف تمويلها الطوعي لمعظم الوكالات الأممية.

كما تؤخر الصين، ثاني أكبر مساهم، تسديد التزاماتها، فيما خفّضت دول أوروبية غنية مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ميزانياتها المخصصة للمساعدات الخارجية.

في عام 2023، ساهمت الولايات المتحدة بنحو 13 مليار دولار، لكن الرقم تراجع إلى الصفر تقريبًا هذا العام بعد أن أمر الرئيس ترامب بمراجعة شاملة للمساهمات. وتخشى المنظمة أن تؤدي التخفيضات إلى شلّ تحقيقاتها في حقوق الإنسان في أوكرانيا، السودان، ميانمار، وفلسطين.

وانتقدت المنظمة العقوبات الأميركية المفروضة على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية وخبراء أمميين ومنظمات فلسطينية. هذه العقوبات، بحسب المنظمة، محاولة صريحة لإفشال التحقيقات الجارية بشأن جرائم الحرب الإسرائيلية، بما فيها مذكرات التوقيف الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

ودعت هيومن رايتس ووتش الدول الأعضاء إلى حماية المحكمة عبر تشريعات مثل “قانون الحجب” الأوروبي، ومواصلة دعم المجتمع المدني الذي يتعرض لحملات ضغط دولية متزايدة.

إلى جانب فلسطين، أكدت المنظمة أن على القادة معالجة أزمات السودان وهايتي، حيث يواجه المدنيون في السودان المجاعة والعنف الجنسي والقتل الجماعي، بينما تسيطر الجماعات المسلحة في هايتي على مساحات واسعة وتواصل ارتكاب انتهاكات تشمل الاغتصاب الجماعي والتهجير.

وانتقدت هيومن رايتس ووتش الأمين العام أنطونيو غوتيريش لرفضه تأييد مطالب نشر بعثات حماية ميدانية في البلدين، رغم التحذيرات الحقوقية المتكررة.

وشددت المنظمة على ضرورة التزام الدول بتنفيذ الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية، بما فيها الرأي الصادر عام 2024 الذي وصف تغيّر المناخ بأنه تهديد وجودي للكوكب.

كما دعت إلى دفع المفاوضات بشأن معاهدة دولية لمناهضة الجرائم ضد الإنسانية، والتي ستسد فجوة قانونية كبيرة في محاسبة مرتكبي القتل والتعذيب والاختفاء القسري والعنف الجنسي.

وذكّرت المنظمة بانتهاكات “طالبان” بحق النساء والفتيات في أفغانستان، معتبرة أن هذه الجرائم يجب أن تُصنّف كجرائم ضد الإنسانية في أي معاهدة دولية جديدة.

وختم فيديريكو بوريلو، المدير التنفيذي الانتقالي لهيومن رايتس ووتش: “يمكن لعمليات المراقبة والتحقيقات التي تجريها الأمم المتحدة أن تردع الحكومات التعسفية عن ارتكاب الفظائع ضد المدنيين. ينبغي إدانة الحكومات القوية التي تسعى إلى تقويض برامج حقوق الإنسان والأعمال الإنسانية، لا تقليدها. حياة ملايين الأشخاص حول العالم تعتمد على ذلك”.

قد يعجبك ايضا