دعوات لإصلاح شامل في استجابة المملكة المتحدة للقمع العابر للحدود

تواجه الحكومة البريطانية انتقادات متصاعدة بشأن استجابتها المحدودة لممارسات القمع العابر للحدود التي تستهدف نشطاء ومعارضين مقيمين داخل أراضيها، خصوصًا من قبل دول مثل البحرين، مصر، السعودية، والإمارات. وبحسب منظمات حقوقية بارزة، فإن غياب استراتيجية فعّالة ومنسقة يعرض الضحايا لفقدان الثقة بالنظام البريطاني، ويتركهم دون حماية كافية.

جاء ذلك في إطار تحقيق أجرته اللجنة البرلمانية المشتركة لحقوق الإنسان، حيث تلقت اللجنة إفادات خطية من منظمات فير سكوير، القسط لحقوق الإنسان، ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية، طالبت خلالها الحكومة باتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة هذا التهديد المتصاعد.

تصاعد وتنوع الانتهاكات
تعرف ممارسات القمع العابر للحدود بأنها تشمل أعمال الترهيب والملاحقة التي تمارسها حكومات أجنبية ضد معارضين ونشطاء في دول أخرى. وقد وثقت المنظمات تنامي هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة نتيجة تضييق الفضاء السياسي داخل الدول المعنية، ما دفع العديد من النشطاء لمواصلة عملهم الحقوقي من خارج أوطانهم.

تشمل الأساليب المستخدمة ضد الضحايا المراقبة الرقمية، المضايقة المستمرة، توجيه اتهامات غيابية، والانتقام من أفراد العائلة داخل البلد الأم. وفي شهادته أمام اللجنة، قال جيمس لينش، مدير فير سكوير: “الضحايا غالبًا ما يكونون صامدين، لكنهم يعيشون في حالة تأهب دائم ويواجهون ضغوطًا نفسية وحياتية منهكة”.

قصور أمني ورسمي
أشارت الإفادات إلى فشل الشرطة البريطانية في التعامل الجاد مع شكاوى الضحايا. ففي إحدى الحالات، عُثر على سكين قرب نافذة منزل ناشط حقوقي، لكن الشرطة رفضت التحقيق بحجة “التكلفة” وغياب الجريمة الفعلية. ونتيجة لذلك، بات الضحايا يترددون في الإبلاغ عن التهديدات.

من جهتها، تتنصل وزارة الخارجية من مسؤوليتها باعتبار هذه القضايا “جنائية الطابع”، ما يترك الضحايا في فراغ مؤسسي بين جهاز الشرطة والسلطات الدبلوماسية.

اعتبارات سياسية واستثمارية
اتهمت الإفادات الحكومة البريطانية بتجنب توجيه انتقادات علنية لحلفائها الخليجيين، مفضلةً الاكتفاء بـ”تطمينات” غير موثوقة من هذه الحكومات. ففي إحدى الحالات، رفضت الحكومة اتخاذ موقف رغم استنتاج خبراء الأمم المتحدة بأن انتهاكات ارتُكبت بحق عائلة أحد النشطاء البحرينيين المقيمين في بريطانيا.

كما أشارت التقارير إلى محاولات من جانب مسؤولين خليجيين للتأثير على قرارات الحكومة البريطانية من خلال التلويح بتأثير النزاعات القانونية على الاستثمارات الخليجية في المملكة المتحدة، خصوصًا بالتزامن مع مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع مجلس التعاون الخليجي.

توصيات المنظمات الحقوقية
طالبت المنظمات الثلاث الحكومة البريطانية بعدة خطوات إصلاحية، من بينها:

إنشاء نقطة اتصال موحدة لضحايا القمع العابر للحدود.

تدريب متخصص لأجهزة الشرطة حول أنماط هذه الانتهاكات.

تقديم تقارير سنوية إلى البرلمان بشأن هذه القضايا.

تعزيز الشفافية في المتابعة الدبلوماسية، وحماية طلبات التجنيس من التدخلات الأجنبية.

كما شددت المنظمات على ضرورة ألا تتأثر سياسات حقوق الإنسان بالمصالح الاقتصادية أو العلاقات الثنائية، مشيرة إلى أن أمن وسلامة المقيمين على الأراضي البريطانية يجب أن تكون أولوية لا تقبل التنازل.

ويشكل هذا التحقيق البرلماني فرصة نادرة لإعادة تقييم موقف المملكة المتحدة من انتهاكات حلفائها بحق المقيمين على أراضيها. ووسط ضغوط حقوقية متزايدة، تبرز الحاجة إلى تحرك حكومي عاجل يعكس التزام لندن المعلن بقيم حقوق الإنسان، ويدفع نحو مساءلة الجهات المنتهِكة، بدلًا من التغطية على ممارساتها.

قد يعجبك ايضا