الأمم المتحدة: النشاط الدبلوماسي المتجدد فرصة للحل السياسي في سوريا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قال غير بيدرسون المبعوث الأممي الخاص لسوريا إن النشاط الدبلوماسي المتجدد في المنطقة – إذا تم اغتنامه- يمكن أن يشكل فرصة وتحولا في جهود البحث عن حل سياسي في سوريا.
وتطرق- خلال إحاطة قدمها لمجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء- إلى الجهود الدبلوماسية المتسارعة التي حدثت خلال الشهر الماضي، من بينها عقد اجتماع في موسكو بين وزراء خارجية إيران وروسيا وسوريا وتركيا، واجتماع في عمان بين وزراء خارجية مصر والأردن والعراق والسعودية وسوريا.
وشمل ذلك أيضا اعتماد جامعة الدول العربية قرارات في القاهرة وجدة، وتشكيل لجنة اتصال وزارية عربية لمتابعة تنفيذ مقررات بيان عمان ومواصلة الحوار مع الحكومة السورية، إضافة إلى انعقاد القمة العربية في جدة بمشاركة الرئيس السوري.
وشدد بيدرسون على أهمية أن تقترن التحركات الدبلوماسية الأخيرة بأفعال محددة، “لأن الشعب السوري لا يزال يعاني بشكل كبير ولم يشهد أي تحسن في ظروف حياته اليومية”.
وكذلك لم ير الشعب السوري إشارات متجددة بأن المسار السياسي السوري -السوري يمكن استئنافه ويمكن أن يحقق تقدم، على حد تعبير بيدرسون، والذي رهن إمكانية استثمار الفرصة الحالية بأمرين مهمين هما بناء الثقة على الأرض ومسار سياسي حقيقي.
وأكد الممثل الأممي في إحاطته على الأهمية المتزايدة لاستئناف مسار سياسي سوري -سوري ذي مصداقية، بدءا بإعادة عقد اجتماعات اللجنة الدستورية، قائلا إن السعي لحل التحديات التي تحول دون انعقاد اللجنة يأتي على رأس أولوياته القصوى.
وأشار بيدرسون إلى أنه على اتصال وثيق بالسلطات المعنية في محاولة جديدة لتجاوز العقبات وعقد اجتماعات اللجنة الدستورية من جديد في جنيف. وقال إن الأوان قد آن لرؤية السوريين ينخرطون في الحوار ويعودون لمناقشة مستقبلهم معا في إطار اللجنة الدستورية.
السيد بيدرسون مستمر أيضا في العمل لتسهيل حل سياسي بقيادة وملكية سورية يعيد سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها ويلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري.
فيما يتعلق بمسألة اللاجئين والنازحين السوريين، شدد بيدرسون على التمسك بمبدأ العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين.
وقد أفاد آخر استطلاع أجرته مفوضية شؤون اللاجئين بأن معظم اللاجئين السوريين في الأردن، ولبنان والعراق ومصر لا يزالون يأملون في العودة إلى ديارهم يوما ما، ويأمل عدد كبير منهم في العودة في غضون خمس سنوات، فيما يأمل جزء صغير منهم في العودة خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.
لكن المشاركين في الاستطلاع أعربوا، وفقا للسيد بيدرسون، عن “مخاوف كبيرة من نقص الخدمات الأساسية والمسكن من ناحية، والمخاوف بشأن الخدمة العسكرية والتجنيد الإجباري والتعبئة، والخوف من الاعتقال والاحتجاز والمضايقات والانتقام من جهة أخرى”.
من ناحية أخرى، شدد بيدرسون على أهمية معالجة القضايا المتعلقة بمصير المعتقلين والمختفين والمفقودين، لأنها تمثل “قضية حيوية للمضي قدما في سوريا”.
وقال إنه من الصعب تصور أن يكون هناك بناء ثقة بشكل حقيقي دون تحقيق تقدم حول هذه القضية التي تؤثر على كافة السوريين تقريبا وتعد حيوية للعائلات وللمجتمعات ولترميم النسيج الاجتماعي في سوريا. وحث كافة الأطراف في سوريا على اتخاذ خطوات ملموسة وفعالة حول هذا الملف.
كما حث الدول الأعضاء على دعم جهود الأمم المتحدة نحو إنشاء الجمعية العامة لمؤسسة مخصصة للبحث عن المفقودين، بناء على توصية الأمين العام.
في اجتماع مجلس الأمن، أكدت غادة مضوي، نائبة مدير قسم العمليات والمناصرة لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) على أهمية أن تظل الأزمة الإنسانية في سوريا أولوية عالمية.
وقالت إنه وبعد اثني عشر عاما من الصراع، لا تزال الغالبية العظمى من السوريين تواجه تحديات يومية لتلبية الاحتياجات الأساسية من الغذاء والصحة والمياه والصرف الصحي والمأوى.
و”يحتاج 15.3 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية في جميع أنحاء البلاد- أي نحو 70 في المائة من سكان سوريا”.
ولأول مرة في تاريخ الأزمة السورية، تقول مضوي، يعاني الناس في كل منطقة فرعية في سوريا من درجة معينة من الضغوط الإنسانية. “يعاني حوالي 12 مليون شخص – أكثر من 50 في المائة من السكان – من انعدام الأمن الغذائي حاليا، وهناك 2.9 مليون شخص آخر معرض لخطر الانزلاق إلى الجوع”.
وبالإضافة إلى ذلك، تظهر البيانات الحديثة أن سوء التغذية آخذ في الارتفاع، حيث وصلت معدلات التقزم وسوء التغذية لدى الأمهات إلى مستويات لم يسبق لها مثيل من قبل.
وقالت السيدة مضوي إن الزلازل التي ضربت البلاد في شباط/فبراير الماضي أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني الصعب بالفعل، حيث “لا يزال أكثر من 330 ألف شخص نازحين، كما فقد آلاف آخرون إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش”.
وأوضحت أن الوضع لا يزال حرجا بالنسبة للعائلات في الملاجئ الجماعية والمخيمات والمستوطنات العشوائية، مشيرة إلى تزايد مخاوف الحماية- بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي واحتياجات الصحة النفسية.
وحذرت من خطر تفشي الكوليرا والأمراض الأخرى التي تنقلها المياه مع اقتراب الموسم الحار.
وأكدت أن الأمم المتحدة وشركاءها يواصلون بذل جهود واسعة النطاق للاستجابة للاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحا.
وأكدت السيدة غادة مضوي على أن دعم الجهات المانحة ومجلس الأمن- خلال الأشهر والسنوات المقبلة- سيكون أمرا حاسما لتلبية الاحتياجات الأساسية المستمرة، بما في ذلك الاستجابة المعنية بجهود التعافي المبكر.
تُقدر تكلفة التعافي من الأضرار والخسائر الناجمة عن زلزال سوريا بنحو 9 مليارات دولار، فيما تقدر احتياجات التعافي خلال فترة السنوات الثلاث المقبلة بنحو 14.8 مليار دولار.
وعلى الرغم من بيئة العمل الصعبة، قالت السيدة غادة مضوي إن الأمم المتحدة وشركاءها يواصلون تقديم المساعدات المنقذة للحياة وخدمات الحماية للناس في جميع أنحاء سوريا، أينما كانوا، وبكل الوسائل الممكنة.
ورحبت بقرار الحكومة السورية القاضي بتمديد إجراءات الطوارئ التي تم تنفيذها منذ وقوع الزلازل- حتى 13 آب/ أغسطس- بهدف تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، بما في ذلك وصول الشحنات وفرق الإغاثة عبر معبري الراعي وباب السلام.
وأكدت على الأهمية الحاسمة لتمديد تفويض آلية مجلس الأمن لإيصال المساعدات عبر الحدود لمدة 12 شهرا.
وقالت السيدة مضوي إنها تعد “مسألة حياة أو موت بالنسبة لملايين الأشخاص في شمال غرب سوريا”، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة تواصل عملها لتهيئة الظروف المواتية لتجديد هذا التفويض.
في هذا الخصوص، قالت غادة مضوي إن الأمم المتحدة تواصل إحراز تقدم في برامج التعافي المبكر وسبل العيش، “بحصة متساوية من التمويل بين المناطق التي تسيطر عليها الحكومة وشمال غرب سوريا”.
وقالت إن هذا الأمر أصبح أكثر أهمية بعد زلزال شباط / فبراير لمساعدة الشعب السوري على استعادة سبل عيشه والقدرة على توفير ضروريات الحياة الأساسية لأنفسهم وعائلاتهم.
ولفتت الانتباه إلى أن السوريين يحتاجون إلى دعم المجتمع الدولي الآن أكثر من أي وقت مضى خلال الـ 12 عاما الماضية ومضت قائلة: “بينما تتواصل الجهود لتحقيق حل سياسي دائم، يجب علينا ضمان إعطاء الأولوية للاحتياجات العاجلة للنساء والرجال والأطفال في سوريا – المساعدات المنقذة للحياة والتعافي المبكر – وتزويدها بالموارد الكافية”.