منظمات حقوقية تحذر من قرار تشكيل لجنة جديدة للمجتمع المدني في ليبيا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – حذر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان من تبعات القرار الصادر في 22 مايو 2023 من حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس.
حيث ثدر القرار بتشكيل لجنة جديدة للمجتمع المدني، تحت إشراف رئيس الوزراء، تتولى السيطرة الكاملة على المنظمات المحلية والدولية في ليبيا.
وذلك استنادًا لقانون قمعي يعود لعهد القذافي، على نحو يهدد استقلالية عمل المنظمات وحرية تكوينها.
اللجنة التي سيضم تشكيلها 6 أعضاء، يتولى مكتب رئيس الوزراء تعينهم والإشراف على عملهم، من المقرر أن تتولى (دعم وتنظيم) عمل منظمات المجتمع المدني.
إلا أن قرار تشكيل اللجنة المتزامن مع حملة قمع مكثفة للمجتمع المدني في جميع أنحاء ليبيا؛ تباشرها حكومتي الشرق والغرب، ينبئ باحتمالية توظيف هذه اللجنة الجديدة كأداة إضافية للتدخل في تشكيل منظمات المجتمع المدني وتسجيلها وعملها، وتهديد العاملين فيها بالملاحقة القضائية.
للجنة الجديدة، بموجب القرار، سلطة إعداد قاعدة بيانات لتسجيل منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، ودراسة طلبات تصحيح وضعها القانوني.
لكن القرار لم يحدد مجريات عملية التسجيل، ولا معايير تصحيح الوضع القانوني، مشيرًا عوضًا عن ذلك في فقرته التمهيدية إلى قانون تنظيم الجمعيات القمعي رقم 19 لسنة 2001، كأساس لعمل اللجنة.
وتعد الإشارة للقانون رقم 19 لسنة 2001 كإطار ناظم للقرار تطورًا ينذر بالقلق.
إذ يحظر هذا القانون تسجيل المنظمات العاملة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، ويعترف فقط بتلك التي تقدم خدمات اجتماعية أو ثقافية أو رياضية أو خيرية أو إنسانية.
كما يتطلب القانون موافقة الجهة التنفيذية على إشهار منظمات المجتمع المدني؛ ويمنحها الحق في إغلاق أو حل أو دمج المنظمات؛ أو تكليف لجنة مؤقتة لإدارة أي منظمة، وذلك كله دون الحصول على أمر قضائي.
وبموجب القرار الصادر في 22 مايو الجاري، تلتزم منظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية بالحصول على إذن مسبق من هذه اللجنة الجديدة لفتح حساب مصرفي للمنظمة.
وينوط باللجنة الموافقة على جميع الأنشطة التي تنفذها منظمات المجتمع المدني في ليبيا والإشراف عليها، وتقييم مدى ملاءمتها ومصادر تمويلها.
هذه السلطات الواسعة الممنوحة للجنة الجديدة بموجب القرار الأخير تتعارض مع الحق في حرية تكوين الجمعيات المكفول بموجب المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صادقت عليه ليبيا عام 1970.
فبموجب تفسير هذه المادة[1] ينبغي أن تكون منظمات المجتمع المدني قادرة على التسجيل لدى الهيئة الإدارية المختصة من خلال عملية إخطار لا تصريح.
كما يفترض أن تباشر المنظمات أنشطتها دون إذن مسبق، بما في ذلك الاجتماعات مع الشركاء المحليين أو الدوليين، أو فتح حساب مصرفي.
هذا بالإضافة إلى تمسك العهد الدولي بالإشراف القضائي والإجراءات القانونية الواجبة لتعليق أو حل أي منظمة أو رفض تسجيلها أو تجميد أصولها؛ والقرار الأخير يعصف بكل هذه الضمانات والحقوق.
جدير بالذكر أن مفوضية قائمة لتنظيم عمل المجتمع المدني، مقرها طرابلس، تباشر عملها منذ عام 2018، مكلفة بتسجيل منظمات المجتمع المدني والتصريح بعملها وأنشطتها.
ومن غير الواضح إذا كانت اللجنة الجديدة ستحل محل المفوضية القائمة، التي تحظى بدورها بسلطات تنظيمية واسعة وتعسفية.
وفي هذا السياق عرب مركز القاهرة عن قلقه من استناد قرار تشكيل اللجنة الجديدة للقانون رقم 19 لعام 2001، بما يمنحها سلطات أوسع لقمع المجتمع المدني، وملاحقة العاملين فيه بشكل تعسفي، لا سيما في ضوء الهجمات الأخيرة على المجتمع المدني في ليبيا، والتي تضمنت ملاحقات واعتقالات لنشطاء، والتهديد بحل المنظمات غير المسجلة بموجب القانون رقم 19.
ولذلك يطالب المركز حكومة الوحدة الوطنية الليبية بتعليق تطبيق القانون رقم 19 لسنة 2001 فورًا، وأي تشريع أو قرار قمعي يستند إليه في فرض قيود إضافية على منظمات المجتمع المدني.
كما طالب مركز القاهرة بالامتناع عن تبني أي آلية أو لائحة جديدة تستند لقوانين القذافي؛ وامتثال السلطات الليبية للإعلان الدستوري الصادر في 2011 والذي يقضي باعتماد قانون جديد لتنظيم عمل الجمعيات والمجتمع المدني، يكفل حرية التنظيم ويتوافق مع المعايير الدولية.