مركز الخليج: تقرير عن إنتهاكات حقوق الانسان في السودان بسبب الحرب
شهد السودان في الفترة من 15 أبريل/نيسان 2023 وحتى الآن حرباً ضروس بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، أدت الي انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان.
وبحسب اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان فقد ارتفع عدد الوفيات بين المدنيين منذ بداية الاشتباكات إلى 958 حالة وفاة، و4746 إصابة، وذلك للفترة من 27 مايو/أيار الي 12 يونيو/حزيران 2023م.
ومع دخول الحرب شهرها الثالث، تتفاقم معاناة السودانيين، وسط انهيار للقطاع الصحي وتردي للخدمات الأساسية وتذبذب الاتصالات وشح للوقود والسيولة، لا سيما في دافور غربي البلاد، التي تعاني أوضاعاً مأساوية، خاصة مدينة الجنينة التي وصفت بجحيم العالم بحسب اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء.
حسب ما أذاعه راديو دبنقا فقد اغتصب مسلحون ثلاثة نساء، يوم 17 يونيو/حزيران2023، بعد ان استباحوا مدينة الدبيبات بولاية جنوب كردفان.
لقد نفذوا أيضاً عمليات نهب واسعة في المدينة، وذلك عقب اعتدائهم على باص لنقل الركاب قادم من الخرطوم فى طريقه الى ولاية غرب كردفان، أثناء توقفه في السوق ومصادرتهم لكافة ممتلكات الركاب ومقتنياتهم الشخصية.
وصف شهود عيان حالة إحدى المغتصبات بالخطيرة حيث تم نقلها الى المستشفى لتلقى العلاج.
نفذت المجموعات المسلحة عمليات نهب واسعة النطاق لم تشهدها المنطقة من قبل شملت كافة المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة وسوق المدينة.
وقال مواطنون من الدبيبات لراديو دبنقا إن مجموعات مسلحة، قدمت من منطقة القوزو تستقل المئات من الدراجات النارية وتبعهم اخرون من مناطق مختلفة، نفذت عمليات نهب واسعة النطاق بالمدينة.
شملت المحلات التجارية في السوق، مباني الإدارة المحلية، مباني جهاز الأمن، البنوك، مستشفى المدينة، ديوان الزكاة، مصانع الزيوت، مباني السكة الحديدية، ومخازن الغلال بجانب قطار وجرارات محملة بالبضائع كانت متجهة الى دارفور.
بتاريخ 14 يونيو/حزيران 2023، أعلنت حكومة شمال دارفور، مدينة كتم، التي تبعد 105 كلم غربي مدينة الفاشر الواقعة غرب السودان، منطقة كوارث إنسانية.
وطلبت الحكومة التدخل العاجل من كافة مؤسسات الإغاثة الإنسانية، وبضمنها وكالات الامم المتحدة من أجل تقديم مساعدات عاجلة لآلاف المنكوبين في المنطقة.
كذلك، كشف والي ولاية شمال دارفور نمر عبد الرحمن عن وقوع عدد من القتلى وحالات الاختطاف بسبب القتال بين القوات المسلحة والدعم السريع.
وشدد على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق حول عدد من الانتهاكات التي تم ارتكابها.
من جهته قال مفوض العون الإنساني بولاية شمال دارفور، الدكتور عباس يوسف، إن الأوضاع الإنسانية في بلدة كتم المنكوبة سيئة للغاية وأنها في حاجة لتدخل عاجل خلال 72 ساعة.
وذكر أنه وفقا للتقارير الواردة أن هناك أكثر من 5 آلاف أسرة بكتم في حاجة لمساعدات انسانية عاجلة فيما يبلغ عدد المتضررين في المناطق الأخرى بحوالي 3 آلاف أسرة متضررة.
أدانت شبكة الصحفيين السودانيين في بيانٍ ٍ لها صدر بتاريخ 12 يونيو/حزيران 2023، الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها سكان مدينتي زالنجي والجنينة بولاية غرب دارفور.
حيث “قامت السلطات بقطع خدمات الاتصال والانترنت وعزل السكان عن العالم الخارجي تماماً في انتهاكٍ واضح للاستفادة من خدمات الاتصال والانترنت ومنع تدفق المعلومات، ومصادرة الحق في التعبير والنشر الالكتروني”.
وأوضح البيان أن السبب في ذلك هو، “للتستر على الجرائم التي ترتكبها قوات الدعم السريع بحق المدنيين العزل والتي استهدفت الصحفيين إلى جانب الاطباء والمحاميين والنشطاء، وصلت حد التصفية الجسدية لعدد منهم، في انتهاكٍ مستمر للقانون الدولي الإنساني ومواثيق حقوق الإنسان”.
أدانت الشبكة أيضاً في البيان نفسه الانتهاكات التي تعرض لها عدد من الصحفيين.
حيث، “تعرضت الصحفية انعام النور في مدينة الجنينة، للاختطاف والاعتقال لعدة أيام في مكان مهجور، مع التهديد المستمر بالسلاح طيلة أيام الاحتجاز وممارسة أقسى أنواع التعذيب الوحشي، البدني والنفسي، وإصابتها في الرأس حتى فقدت وعيها تماماً مع تحطيم جهاز اللاب توب الخاص بها”.
لقد تمكنت من الهروب على خارج المدينة بمساعدة بعض أقاربها بعدما حاصرت قوة من الدعم السريع منزلهم واغتالت شقيقها حسب ما ذكره البيان.
ذكر البيان ايضاً قيام وحدة تابعة للاستخبارات العسكرية في 11 يونيو/حزيران 2023، باعتقال الصحفية خالدة اللقاني التي تعمل بصحيفة التيار السودانية وزميلتها المصورة الصحفية أروى.
أضاف البيان ما يلي: “خضعتا للتحقيق لمدة أربع ساعات بمعبر ارقين، أثناء اجراءهن لمقابلات مع العالقين في المعبر، عن أوضاعهم ومعاناتهم. وتحفظت وحدة الاستخبارات على الكاميرا بعد أن أطلقت سراحهن”.
كذلك وثق البيان قيام قوة تابعة للدعم السريع باقتحام منزل الصحفي محمد أمين يس مراسل صحيفة الشرق الأوسط في الخرطوم، بضاحية بري، وهو من أحياء العاصمة القديمة.
بالإضافة إلى قيام قوة أخرى تابعة لها ايضاً بإجبار الصحفي عماد النضيف الذي يعمل في صحيفة الانتباهة السودانية على، النزول من مركبة عامة، وأخضعته للتفتيش تحت تهديد السلاح وصوب أحد الجنود السلاح على صدره بحجة أنه يعمل في صحيفة تتبع الجيش، وأنقذه أحد الضباط ورد إليه أغراضه وأخلى سبيله”. تبعاً لما ورد في البيان.
في ختام البيان أدانت شبكة الصحفيين السودانيين هذه، “الانتهاكات التي يمارسها طرفي النزاع في حق الصحفيين وتطالبهم بالكف عن إهانة الصحفيين وترفض أي محاولات لإسكاتهم بالترهيب والتخويف، ومنعهم من القيام بأداء واجبهم بشفافية وحرية”.
وناشدت كذلك: “الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية للضغط على طرفي النزاع لوقف الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون والتعامل معهم باحترام والحفاظ على أمنهم وسلامتهم”.
شهدت مدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023 وحتى يونيو/حزيران 2023، اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إضافة إلى مواجهات على خلفية قبلية.
كذلك شهدت المدينة سلسلة من الهجمات الدموية الممنهجة التي شنتها قوات الدعم السريع ومليشيا اخري، ادت الي اغتيال والي الولاية خميس ابكر وعدد كبير من المواطنين.
قال ناشطون لراديو دبنقا إن قوة من الدعم السريع قصفت أحياء الجمارك والمدارس بالمدافع وقذائف الآر بي جي مما أدى لمقتل 17 شخصاً وإصابة 37 آخرين من بينهم نساء وأطفال ومسنين، وأوضحوا إن الأحياء التي سقطت فيها القذائف من أكثر المناطق اكتظاظاً بالفارين من الهجمات المسلحة.
قالت مصادر محلية إن المليشيات المسلحة وقوات الدعم السريع ما زالتا تحاصرن المدينة مع استمرار إطلاق القذائف على حي الجمارك.
يمكن القول ان الوضع في مدينة الجنينة هو مأساوي بامتياز حيث تم تدمير البنى النحتية للقطاع الصحي بسبب الهجمات.
كذلك تنعدم الأدوية ومستلزمات إجراء العمليات الجراحية مما أدى إلى ارتفاع الوفيات وخاصة في صفوف الجرحى.
لقد تصدر وسم (#الجنينة_تنزف) شبكات التواصل الاجتماعي حيث أكدت انعدام الأمن تماماً وغياب سيادة الدولة مما أدى إلى مقتل أكثر من 5000 مواكن وجرح ما لايق عن 8000 مواطن آخر.
أصدرت نقابة أطباء السودان بياناً تحدثت فيه عن سقوط عدد كبير من الضحايا في مدينة الجنينة من بينهم أطفال ونساء وكبار في السن نتيجة الاشتباكات، ووصفت الوضع في المدينة بـأنه، “الكارثي والأسوأ على الإطلاق”.
وفي بيان آخر نشرته نقابة أطباء السودان بتاريخ 14 يونيو/حزيران 2023، على صفحتها في الفيسبوك، أكدت فيه ارتفاع، “عدد الوفيات بين المدنيين منذ بداية الاشتباكات إلى (959) حالة وفاة، و(4746) حالة إصابة”.
عبر مركز الخليج لحقوق الإنسان عن قلقه العميق إزاء التقارير المؤكدة التي تُفيد بوقوع عمليات قتل وتصفيات جماعية بدوافع عرقية، اغتصاب لنساء، عميات قصف واسعة للأحياء السكنية وبضمنها المؤسسات الصحية ولاسيما في مدينة الجنينة، من قبل قوات الدعم السريع وميليشيات أخرى متحالفة معها، وكذلك استهداف الصحفيين من قبل جميع أطراف النزاع الحالي في السودان.
دعا مركز الخليج لحقوق الإنسان أطراف النزاع كافة إلى حماية المدنيين وتنفيذ التزاماتهم وفقاً للقانون الإنساني الدولي وفي مقدمتها السماح للمدنيين الفارين من العبور والوصول إلى مناطق آمنة.
إن وصول المواطنين إلى الإنترنت هو حق من حقوق الإنسان وعلى جميع أطراف النزاع احترامه. كذلك عليها ايضاً توفير خدمات الاتصالات في أرجاء البلاد.