مصر: حبس 41 ناشطًا بعد اختفاء قسري وبلاغات عن تعذيب في سجن بدر 3
قررت نيابة أمن الدولة العليا في مصر حبس 41 مواطنًا، بينهم ثلاث فتيات، بعد ظهورهم المفاجئ داخل مقر النيابة، عقب فترات متفاوتة من الاختفاء القسري امتدت لأسابيع، بل لأشهر، دون الإعلان عن أماكن احتجازهم أو التهم الموجهة إليهم.
وبحسب محامين وحقوقيين، فإن المحتجزين جرى توقيفهم من منازلهم أو أماكن عملهم دون إذن قضائي أو إشعار قانوني رسمي، ما دفع ذويهم إلى تقديم استغاثات وبلاغات متكررة إلى النائب العام والمجلس القومي لحقوق الإنسان تطالب بالكشف عن مصيرهم.
ووفقاً للبيانات، وُجّهت للمعتقلين اتهامات نمطية تشمل “الانضمام إلى جماعة إرهابية”، و”نشر أخبار كاذبة”، و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي”، وذلك دون تقديم أدلة ملموسة أو إتاحة فرصة الدفاع الكافي للمحامين، مما اعتُبر انتهاكًا صارخًا لمبادئ المحاكمة العادلة المنصوص عليها في الدستور المصري والاتفاقيات الدولية.
في سياق متصل، أعلن المعارض البارز الدكتور محمد البلتاجي، المعتقل منذ 2013، دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام داخل سجن بدر 3 منذ الأول من يوليو/تموز الجاري، احتجاجًا على “ظروف احتجاز غير إنسانية” يتعرض لها هو وعشرات السجناء السياسيين.
وفي رسالة مسربة من داخل محبسه، تحدث البلتاجي عن ثماني سنوات من العزل التام، دون السماح له بالزيارة أو الاتصال بأسرته أو الحصول على معلومات عن محيطه. ووصف ما يتعرض له بأنه “عملية تصفية سياسية بطيئة”، مؤكدًا أنه “لن يوقف الإضراب إلا بتحسين الأوضاع أو الموت”.
بحسب منظمات حقوقية مصرية ودولية، ما جرى مع النشطاء المعتقلين يمثل استمرارًا لاستخدام الاختفاء القسري كأداة قمع سياسي في مصر، على الرغم من تجريمها بموجب القانون الدولي واعتبارها جريمة ضد الإنسانية في الاتفاقيات التي وقعت عليها القاهرة.
وتتهم السلطات باستخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة بديلة عن المحاكمة، حيث يُحتجز الموقوفون لأشهر وسنوات دون إحالة للقضاء، في مخالفة صريحة لمبدأ “افتراض البراءة” المنصوص عليه في القانون.
ورغم المناشدات المتكررة من قبل عائلات المعتقلين، والنداءات الصادرة عن منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، فإن السلطات المصرية تواصل تجاهل الدعوات المحلية والدولية إلى إصلاح منظومة العدالة وإنهاء سياسة العقاب الجماعي والإخفاء، في ظل تقارير عن تعذيب وسوء معاملة داخل مراكز الاحتجاز، خاصة سجن بدر 3.
ويرى مراقبون أن هذه السياسات تُعمّق أزمة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وتُقوّض مبدأ سيادة القانون وتُفاقم العزلة السياسية الداخلية، في وقت تشهد فيه البلاد أزمات اقتصادية واجتماعية متراكمة.