أمنستي تطالب بمحاسبة قادة لواء طارق بن زياد الليبية على ’سلسلة من الفظائع’
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت منظمة العفو الدولية، إنَّ أزمة الإفلات من العقاب المتفشية في ليبيا مكنت مقاتلي جماعة لواء طارق بن زياد المسلحة من ارتكاب جرائم حرب.
وأكدت المنظمة أن الجماعة المسلحة ارتكبت أيضاً جرائم بموجب القانون الدولي، بهدف سحق أي معارضة للقوات المسلحة العربية الليبية، السلطة القائمة بحكم الأمر الواقع التي تسيطر على أغلب البلاد.
وأصدرت العفو الدولية تقرير بحثي موجز الجديد بعنوان “نحن أسيادكم”: جرائم متفشية ترتكبها جماعة لواء طارق بن زياد المسلحة.
يفصّل التقرير كيف استهدف لواء طارق بن زياد، بقيادة صدام حفتر، نجل القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية خليفة حفتر، بشكل روتيني الآلاف من المنتقدين والمعارضين الفعليين أو المفترضين للقوات المسلحة العربية الليبية.
وقال حسين بيومي، الباحث في شؤون مصر وليبيا في منظمة العفو الدولية: “منذ ظهورها في 2016، قامت جماعة لواء طارق بن زياد المسلحة بترويع الناس في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات المسلحة العربية الليبية”.
وأضاف بيومي: “أدى ذلك لوقوع سلسلة من الفظائع، بما في ذلك عمليات القتل غير المشروع، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة”.
وتابع بيومي أن الجماعة ارتكبت المزيد من الجرائم مثل: “الاخفاء القسري، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والتهجير القسري – بدون خوف من العواقب”.
وأردف ممثل العفو الدولية بقوله: “لقد حان الوقت لبدء تحقيق جنائي في مسؤولية القيادة لصدام حفتر وعمر امراجع”.
وطالب بيومي: “ينبغي عزلهم فورًا عن المناصب التي تمكّنهم من ارتكاب المزيد من الانتهاكات أو تمكّنهم من التدخل في التحقيقات، في انتظار نتائج التحقيقات”.
وأضاف: “كما يجب على القوات المسلحة العربية الليبية إغلاق جميع مراكز الاحتجاز غير الرسمية التي يديرها لواء طارق بن زياد والإفراج عن جميع المحتجزين تعسفيًا”.
بين فبراير/شباط وسبتمبر/أيلول 2022، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 38 شخصًا من السكان الحاليين والسابقين في المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة العربية الليبية.
من ضمنهم محتجزون سابقون ونازحون داخليًا وقادة عسكريون ومقاتلون، وأجريت بعض المقابلات خلال رحلة ميدانية إلى ليبيا، ومقابلات أخرى عن بعد. واستعرضت المنظمة البيانات الرسمية والأدلة السمعية البصرية المتعلقة بلواء طارق بن زياد.
وفي 3 أكتوبر/تشرين الأول 2022، شاركت منظمة العفو الدولية النتائج التي توصلت إليها مع حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من طرابلس مقرًا لها.
وتواصلت المنظمة أيضاً مع مكتب النائب العام، وكذلك مع القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية للتعليق، ولم تحصل على أي رد منهم بحلول وقت النشر.
تشمل النتائج التي توصلت إليها منظمة العفو الدولية حالات 25 فردًا اعتقلوا تعسفيًا وأُخفوا قسرًا من قبل لواء طارق بن زياد بين عامي 2017 و2022 بسبب وجهات نظرهم السياسية، أو انتماءاتهم القبلية، أو العائلية، أو الانتماء إلى مناطق بعينها.
عُثر على ثلاثة من المحتجزين الذين اختفوا قسرًا ميتين لاحقًا، وكانت جثثهم ملقاة في الشارع أو بالقرب من المشارح في بنغازي، وظهرت عليها بوضوح جروح ناتجة عن أعيرة نارية أو علامات تعذيب. ولا يزال أربعة آخرون في عداد المختفين قسريًا.
لا يزال ثلاثة من المشتبه في معارضتهم للقوات المسلحة العربية الليبية محتجزين تعسفيًا من قبل لواء طارق بن زياد.
وأُفرج عن الأفراد الـ 15 المتبقين، بعضهم بعد أن أمضوا ما يصل إلى خمس سنوات في السجن بدون تهمة أو محاكمة أمام محاكم مدنية والبعض الآخر بعد دفع فدية ابتزازية.
وقال جميع الذين أُفرج عنهم إنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك الضرب والجلد أو التعليق المتكرر في أوضاع جسدية ملتوية.
وقال ضابط مخابرات ليبي سابق إنَّ عناصر لواء طارق بن زياد اختطفوه بعد أن رفض التعاون معهم. واحتجزوه لمدة أربع سنوات في قاعدة لواء طارق بن زياد في بنغازي.
حيث تعرض للتعذيب والتهديد بالاغتصاب. وقال إنَّ مقاتلي لواء طارق بن زياد أجبروه على الركوع والقول: “المشير (خليفة حفتر) سيدي”.
وقال محتجزان سابقان، أُجريت مقابلتان معهما بشكل منفصل، إنهما شاهدا ما لا يقل عن خمسة سجناء يموتون بسبب التعذيب أو الحرمان من الرعاية الطبية بين عامي 2017 و2021 في مراكز احتجاز يسيطر عليها لواء طارق بن زياد.
منذ أواخر عام 2021، شارك لواء طارق بن زياد في الإبعاد القسري لآلاف اللاجئين والمهاجرين من سبها والمناطق المحيطة بها.
واطلعت منظمة العفو الدولية على منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وصفحة على موقع فيسبوك يديرها أحد أعضاء اللواء.
فقد أظهرت بشكل متكرر أعضاءً من اللواء وهم يقومون بتحميل اللاجئين والمهاجرين في شاحنات متجهة إلى الحدود مع النيجر.
وبحسب التقارير فإن الهدف من ذلك هو “تخليص” ليبيا من “المهاجرين غير الشرعيي””. وحُرم المطرودون من الحق في تقديم طلب لجوء أو الطعن في ترحيلهم، وتُركوا في الصحراء بدون طعام أو ماء.
كما شارك لواء طارق بن زياد في التهجير القسري لآلاف العائلات الليبية خلال الحملات العسكرية للقوات المسلحة العربية الليبية للسيطرة على مدينتي بنغازي ودرنة في شرق ليبيا بين عامي 2014 و2019.
وأجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع أفراد من سبع عائلات من شرق ليبيا يشتبه في معارضتها للقوات المسلحة العربية الليبية، وقالوا إن مقاتلي لواء طارق بن زياد هددوهم بالقتل إذا لم يغادروا شرق ليبيا. ثم صادرت الجماعة المسلحة منازلهم، وما زالوا مشتتين في جميع أنحاء غرب ليبيا.
وفقًا للأدلة التي جمعتها منظمة العفو الدولية، بما في ذلك روايات شهود العيان، والمواد السمعية والبصرية، والبيانات الرسمية، فإن صدام حفتر، القائد الفعلي للجماعة، وعمر امراجع، القائد اسمياً، ولكن فعليًا الشخص الثاني في القيادة الذي يمارس السيطرة على العمليات اليومية، كانا على علم أو كان ينبغي أن يعرفا بالجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهما، ولكنهما لم يفعلا أي شيء لمنع هذه الجرائم أو معاقبة مرتكبيها.
وهما، على أقل تقدير، على دراية تامة بالانتهاكات المرتكبة في مراكز الاحتجاز التي يسيطر عليها لواء طارق بن زياد.
وقال محتجزون سابقون إن عمر امراجع كان يتجول بانتظام في مركز احتجاز سيدي فرج الذي يسيطر عليه اللواء، والواقع شرق بنغازي، وتحدث مع المحتجزين الذين ظهرت عليهم علامات واضحة على تعرضهم للتعذيب.
كما قال خمسة محتجزين سابقين إنهم تعرضوا للتهديد من قبل صدام حفتر، عندما التقوا به شخصيًا إما قبل أو بعد إطلاق سراحهم، بالاحتجاز المطول أو بتجديد الاحتجاز لمعارضتهم القوات المسلحة العربية الليبية.
وقال ناشط تعرض للإخفاء القسري والتعذيب من قبل لواء طارق بن زياد لعدة أشهر إن صدام حفتر هدده عند إطلاق سراحه قائلًا: “لديك خيار. إما أن تعمل لدينا، أو تعيش مثل الحيوان تأكل وتنام بدون آمال أو أحلام أو تطلعات”.
قال العديد من أقارب المحتجزين السابقين إنهم توسلوا مباشرة إلى صدام حفتر وعمر امراجع، وناشدوهما إطلاق سراح أحبائهم.
وأبلغ أحد المحتجزين السابقين صدام حفتر بالانتهاكات التي تحدث في مركز الاحتجاز، لكنه لم يتخذ أي إجراء لإنهاء الانتهاكات.
واختتم حسين بيومي حديثه قائلًا: “بدون أن يغير المجتمع الدولي نهجه بخصوص ليبيا بإعطائه الأولوية لحقوق الإنسان على المصالح السياسية قصيرة النظر، فإن عددًا لا يحصى من الأشخاص الذين يعيشون تحت رحمة لواء طارق بن زياد يواجهون الاختطاف، أو القتل، أو التعذيب، أو الاختفاء”.
وقال في ختام حديثه: “ينبغي على كافة الدول أن تمارس الولاية القضائية العالمية للتحقيق مع قادة وأعضاء لواء طارق بن زياد المشتبه في مسؤوليتهم عن جرائم بموجب القانون الدولي”.
وطالب بيومي بـ: “إصدار مذكرات توقيف بحقهم والسعي إلى مقاضاتهم، في حالة وجود أدلة مقبولة كافية”.